غليان الدورة هذه حاصلٌ في الأيام الأولى: عروض معتادة، ولقاءات يختصّ بعضها بنقدٍ وصحافة سينمائيين، وبعض آخر بتكريم يليه "ماستركلاس"، إلى لقاءات عملية لاختيار مشاريع، يسهم المهرجان في تقديم منح مالية متواضعة للمُختار منها.
صباح الاثنين (23/ 9)، يغادر ضيوفٌ عرب، وآخرون لبنانيون أيضًا. شيءٌ من قلقٍ ينتاب الجميع، فالحرب قائمة، وعنفها منفلشٌ في أمكنة كثيرة، وأصداؤها واصلة إلى نفوس وعقول ومشاعر، رغم ابتعادها جغرافيًا. المُشاهدة السينمائية عادية، والمنتدى مهمومٌ بإيجاد سُبل دعمٍ لمشاريع، يراها أعضاء لجان تحكيم الأنسب له (الدعم)، وهناك من يُفضّل مشاريع غير فائزة على أخرى فائزة. هذا حاصلٌ دائمًا، إذْ يصعب لنتائج كلّ مسابقة إرضاء الجميع. الأهمّ أنّ حيوية سينمائية يشهدها الـ"مرسح" (مبنى جديد لمؤسّسة تبغي نشاطًا ثقافيًا وفنيًا، وتختار الاسم القديم للمسرح عنوانًا لنشاطها هذا)، واحتفاء لاحق على إعلان النتائج يُتيح مزيدًا من التواصل بين مهتمّين ومتخصّصين.
أمّا نتائج مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة، فتُعلن مساء اليوم (25/ 9). رغم أنّ أعضاء منهما عربٌ، يغادرون باكرًا أو غير قادمين أساسًا، ربما يُشاركون افتراضيًّا، كما يتردّد. القلق المذكور سابقًا ينتاب عاملين وعاملات في إدارة المهرجان، عشية بدء دورته الـ11. هناك حربٌ دائرة في البلد، ما يعني أنّ موتًا وتدميرًا وتهجيرًا مُتفَشٍّ في بلدات ومدن كثيرة، ما يستدعي إلغاءً أو تأجيلًا، دونهما صعوبة أيضًا، فالتزامات، مالية وغير مالية، يتوجّب تنفيذها، والإلغاء أو التأجيل مُصيبة وخسارة. إلغاء أو تأجيل يؤدّيان أيضًا إلى كسر التقليد السنوي في تنظيم دوراتٍ متتالية، والحاصل في الجنوب اللبناني، كما في فلسطين المحتلّة وبعض الجغرافيا العربية، مستمرّ، لأنّ الاحتلال الإسرائيلي يتفوّق على نفسه في ارتكاب أفعاله الجُرمية، ولأنّ الخراب، أقلّه في الاجتماع والاقتصاد والحياة اليومية، في تلك الجغرافيا، لا أفق واضحًا لنهايته.
نقاشٌ كهذا (تنظيم دورات جديدة لمهرجانات عربية، أو إلغاؤها/تأجيلها) غير منتهٍ وغير محسوم. نقاشٌ يواكب قرارات إلغاء سابقة، مُتَّخَذة غداة اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة بسبب "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023). "مهرجان طرابلس للأفلام" يلتزم تنظيم دورته الـ11 (شعارها قولٌ لنيتشه: "أحيانًا، لا يريد الناس الاستماع إلى الحقيقة، لأنّهم لا يريدون تدمير أوهامهم")، وإنْ بترتيباتٍ أقلّ من المعتاد، من دون أنْ يفقد ما لديه من ثقلٍ ثقافي وسينمائي واجتماعي، ومن دون أنْ يقطع مع التزامه دعم مشاريع شبابية جديدة.