توفي في عمّان، مساء السبت 28 أيلول/سبتمبر 2024 الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور، إثر تعرضه لجلطة دماغية ألزمته الفراش طويلا. وأبو شاور أحد أعلام الأدب الفلسطيني والعربي، وأيقونة الثقافة الفلسطينية، وعميد الأدب الفلسطيني، الذي مزج بين القلم والمقاومة؛ فكان فدائيا مناضلا بنفسه وقلمه إلى أن أقعده المرض.
فور إعلان نبأ وفاته، نعاه عدد كبير من المثقفين معبرين عن حزنهم لفراقه، مستذكرين ريادته ونضاله وعلو كعبه في القصة والرواية، فقد نعاه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين ببيان عنونه «رشاد أبو شاور رأس رمح الثقافة الفلسطينية المقاومة»، قال فيه:
«آه يا رشاد.. يا صاحب آهٍ يا بيروت.. يا خدين الفداء والموقف الثابت على ثابت فلسطين.. يا سليل الجسارة والبسالة والعناد المقدس، أيها الراوي الأجل والسارد المكين.. أيها الأب الثقافي الشاسع فعلا ثقافيا ناجزا .رحل أحد علامات الثقافة الفلسطينية والعربية. أحد مؤسسي الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين. يومٌ ثقيل على الصدور، وعلى سماء حزينة في الأعين المشبعة بالحزن، وعلى تلال المآسي المكتظة في الأفئدة، يرحل رشاد أبو شاور الكبير شخصا ونصا، لتحمله سحابة تتزنر الآن بعبق مسراه، وتغسل بالندى جبهته، وتطرز على دواليب المجرة اسمه لمهاب تحلقه وهو يبتعد كضوء غريب في عتمات دجية وموحشة. رحل العاشق المهاب والمناضل الجسور، ابن الحقيقة والسراج المنير على درب فلسطين، يا نخل البلاد العالي تريث بالنشيد الأخير، فليلنا ضنيّ، والوقت أنياب، والعطر شحيب، لأن الغائب ترجل وبيروت التي أرسل لها الآه قبل أربعين سنة، تملأ الدنيا ألما اليوم، لأن غزة افتنان القهر في ضلوع البيد، تسعل موتا في مظلمة لا تغفلها قادة الرمل، ومثلها الضفة تشهق الوجع وتزفره وحيدة في وجهها، ولا أحد لها وليس للشرفاء أحد في زمن الضلال، وأما ذكرين والخليل فلن توزع نجومها على التلال اليوم يا رشاد، ولن نسمع لها غير أنين يليق بوداعك الأليم، وعلى سفوحها الملتهبة ستذكرك فلسطين من شمالها إلى جنوبها. من أول القهر إلى آخر الجمر.. كاملة غير منقوصة وهي قولتك الراسخة: كامل البلاد .رحل رشاد أبو شاور؛ الأستاذ، والمناضل، والأديب والروائي الفذ والأب الروحي لجملة من الأدباء والأصدقاء، الذين اكتشفوا سحر فلسطين من رضابك الأدبي. وإذ نودع القامة والقيمة الوطنية والأدبية الفواحة بعطر فلسطين رشاد أبو شاور، نرفع أسمى آيات العزاء وأصدقها لعائلته المكرمة ولأهله المقدرين، وللكتّاب والأدباء في فلسطين وعموم شعبنا والوطن العربي وأحرار العالم، وأعظم الله أجرنا على صبر الفراق.. وستبقى على طريقك طريق فلسطين وثابتها الأكيد حتى النصر والتحرير.. ونظل بالدم نكتب لفلسطين .
من يكتب يقاوم.. ومن يقاوم ينتصر .
رحمه الله رحمة واسعة
إنا لله وإنا إليه راجعون»
وكتب محمد عبيد الله: « رحل رشاد أبو شاور الأديب الفلسطيني الكبير في عمّان بعيدا عن قريته الأولى ذكرين، وعاش حياته مهجرا عنها باحثا عن الطريق إليها، ولم يكن أمامه منذ عرف طريقه إلى الكتابة غير مذهب «الالتزام» و«أدب المقاومة»، وكتاباته القصصية والروائية ومجمل حياته الثقافية والسياسية مثال عريض على الأخذ الصادق بمفهوم «الالتزام» بأبعاده المتكيفة مع التجربة الفلسطينية».
كما نعاه إبراهيم السعافين: «سخّر قلمه من أجل قضيّته حتى آخر رمق في حياته. كان رشاد حكاء ساحرا، وظّف مخزونه الشفويّ وبراعته الشفويّة وموهبته الحكائيّة في إبداعه القصصي والرّوائي. رشاد أبو شاور مثقّف ملتزم جمع بين الكتابة والنضال، قريب إلى النّفس ومتحدّث بارع محبٌّ ومحبوب. ترك بصمته الخاصة في الكتابة وحجز مقعده بين أدبائنا الكبار. فقده خسارة حقيقيّة، وستظل ذكراه باقية، وستظل ذكرين تهفو إليه وستظلّ روحه تهفو إليها. رحمه اللّه رحمة واسعة وسلام عليه في الخالدين».
ونعته الشاعرة والناقدة سعدية مفرح: «رحل اليوم عن عالمنا الروائي والمناضل الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور عن 82 عاما قضى جلّها في النضال والكتابة، وكان عنوان روايته الأولى التي صدرت في عام 1973 «أيام الحرب والموت» عنوانا لكل أيامه اللاحقة.. وها هو يرحل تحت ظلال الحرب وفي الأفق يلوح عنوان كتابه الصحافي الشهير «آه يا بيروت»!
الكاتب السياسي حسن عصفور: «وداعا.. رشاد.. غادر عالمنا الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور.. رحل جسد رشاد الفدائي الذي حمل رشاشه إلى جانب قلمه، ليصنع من الكلمة والرصاصة منتجا فلسطينيا خاصا.. رشاد جسده التحق بكل من أحب من قادة الثورة وشهدائها.. ووعده معهم أن يترك ما أبدع طريق حرية وتحرير للوطن والإنسان.. سلاما رشاد.. سلاما يا صديق وأن غاب اللقاء».
الشاعر موسى حوامدة: «رشاد أكبر من نعي ورثاء وصورة تجمعنا، إنه الأب الروحي، البوصلة التي لم تنحرف عن فلسطين».
الشاعر صلاح أبو لاوي: «بقلوب يعتصرها الألم ننعى الصديق الكبير المناضل راوية فلسطين وأحد أهرامها العالية رشاد أبو شاور».
ونعاه عادل الأسطة: «رحل القاص والروائي وكاتب المقالة السياسية الواضح في مواقفه رشاد أبو شاور؛ رحل بعد معاناته أثناء الحرب من المرض. كان رشاد، منذ بدايات حياته، واحدا من الأصوات التي وقفت إلى جانب شعبه الفلسطيني، ولم يختلف موقفه في العام الأخير؛ عام المقتلة والمهلكة وحرب الإبادة، فقد واصل الكتابة، بخلاف كثيرين ممن لجأوا إلى الصمت».
الروائي ناجي الناجي: «الكبير نصا وشخصا وموقفا… خزّان موادنا الخام من سرديات الثورة والهوى… أرشيف حكايا بيروت وبحرها المزبّد بالأمل… الوفيّ العزيز رشاد أبو شاور… رحيلك عصيب على كل من عرفك أو قرأك أو شهد ثباتك السرمدي».
مخلد بركات: «لم يحتمل القهر.. فلملم أوراقه ناحية الغيم… شجاعا حكيما صامتا… للبكاء على صدر الحبيب… إلى رحمة الله الروائي والمناضل الصديق والأخ رشاد أبو شاور».
الكاتب محمد دلبح: «الصديق الحبيب، المناضل الوطني الفلسطيني.. القومي العروبي حارس الثقافة الوطنية الفلسطينية رشاد أبو شاور (أبو الطيب) أبو الفهد يرحل عن دنيانا بعد رحلة حافلة بالعطاء.. روائي من طراز رفيع أرخ في رواياته للنضال الوطني الفلسطيني المعاصر.. بقي قابضا على الجمر، ورواياته شاهد على ذلك».
ولد رشاد أبو شاور، في العام 1942 في «ذكرين» إحدى قرى محافظة الخليل، وبعد نكبة 1948 انتقل مع أسرته إلى مدينة الخليل، ثم إلى مخيم «الدهيشة» في بيت لحم حتى العام 1952، ثم إلى مخيم «النويعمة» في أريحا حتى العام 1957. رافق والده إلى سوريا وبقيا فيها حتى العام 1965 وعادا إلى مخيم «النويعمة»، وبعد هزيمة حزيران/يونيو في العام 1967 استقال من عمله وانتقل إلى بيروت، ودرس فيها اللغة العربية في جامعة بيروت العربية.
انخرط أبو شاور في صفوف الثورة الفلسطينية، وعمل نائبا لرئيس تحرير مجلة «الكاتب الفلسطيني» التي صدرت عن اتحاد الكتّاب والصحافيين الفلسطينيين في بيروت. انتقلَ إلى دمشق في العام 1982 وأقام فيها إلى 1988. انتقل للعيش في تونس وعمل فيها مديرا لدائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية إلى 1994، ثم عاد إلى عمّان وأقام فيها. وهو أحد مؤسسي الاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الفلسطينيين في بيروت، وانتُخب عضوا في أمانته العامة لدورات عدة، كما رأسَ اللجنة التحضيرية لتجمع الأدباء والكتّاب الفلسطينيين، وهو عضو في المجلس الوطني الفلسطيني منذ العام 1983.
كتب أبو شاور الرواية والقصة والمسرح والمقالة وأدب الأطفال والفتيان والنقد، حيث كتب عن الفلاحين والفدائيين واللاجئين والمهجرين وضحايا المذابح الصهيونية، وكتب عن تفاصيل الحياة الفلسطينية في القرى والمخيمات ومعاناتهم وأحلامهم وتمسكهم بحلم العودة. له في الرواية: «أيام الحرب والموت»، 1973. «البكاء على صدر الحبيب»، 1974. «العشاق»، 1978. «الرب لم يسترح في اليوم السابع»، 1986. «سأرى بعينيك يا حبيبي»، 2012. «وداعا يا ذكرين»، 2016. «شبابيك زينب»، 2017. «الحب وليالي البوم»، 2018. «ترويض النسر»، 2019.
وله في القصة: «ذكرى الأيام الماضية»، 1970. «بيت أخضر ذو سقف قرميدي»، 1974. «مهر البراري»،1974. «الأشجار لا تنمو على الدفاتر»، 1975. «بيتزا من أجل مريم»، 1981. «حكاية الناس والحجارة»، 1989. «الضحك في آخر الليل»، 1990. «الموت غناء»، 2003. وللأطفال والفتيان: قصص «عطر الياسمين»، 1978. قصة «أرض العسل»، 1979. «أحلام والحصان الأبيض»، 1980.
وفي اليوميات: «آه يا بيروت»، 1983 عن حصار بيروت 1982. «هكذا واجهت كورونا.. يوميات وحكايات»، 2022. وفي النقد «قراءة في الأدب الفلسطيني»، 2007. وفي المقالة: «ثورة في عصر القرود»، 1981. وفي المسرح: «الغريب والسلطان»، 1987. وفي النصوص: «رائحة التمرحنة»، 1999.
في مقابلة مع إحدى الفضائيات حول طوفان الأقصى قال أبو شاور: «تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو يوم لإنقاذ فلسطين القضية والشعب، ودونه كانت قضية فلسطين في متاهة». وقال: «أهل غزة الآن هم منارة للبشرية، يوقظون الوعي عند بقية الفلسطينيين وعند ملايين العرب والعالم كافة».