وجّه عدد من الفنانين اتهامات إلى جامعة ولاية ميشيغن بالرقابة على نشاط الفنانين، بعد إلغاء إدارة الجامعة حفلًا فنيًا كبيرًا في متحف برود للفنون (Broad Art Museum) في الحرم الجامعي. ألغي الحفل بسبب وجود عمل فني تضامني مع الشعب الفلسطيني في معرض "كولاج الشتات" الذي يستضيفه المتحف، ويضم عددًا من الفنانين من بورتوريكو.
الحفل الملغى من دون سابق إنذار، كان مخصّصًا لافتتاح عدد من المعارض التي يستضيفها المتحف، ومن بينها معرض "كولاج الشتات"، ومعرض "رؤية بزاوية 360 درجة" الذي يضم مجموعة من تصاميم المعمارية العراقية الراحلة زها حديد. إلى جانب معرض "شاهد عيان" للفنانة الفلسطينية سامية حلبي الذي افتتح في يونيو/حزيران الماضي، وهو تظاهرة استعادية تسلط الضوء على مسيرة حلبي المهنية، وتستمر حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل.
صرحت مديرة مركز الدراسات البورتوريكية وإحدى المشرفين على معرض "كولاج الشتات"، يومايرا فاسكيز، بأن إدارة الجامعة أقدمت على إحداث تغييرات جذرية على المعرض من دون التنسيق مع المُشرفين عليه. تمثلت هذه التغييرات، كما تقول فاسكيز، في نقل عمل الفنانة الكويتية البورتوريكية علياء فريد إلى جدار مختلف من مساحة العرض، لا يسمح برؤية العمل كاملًا. لم تكتف إدارة الجامعة بنقل العمل إلى زاوية غير مرئية فقط، بل وضعت إلى جواره عددًا من اللافتات للإشارة إلى أن عمل فريد يتضمن محتوى إشكاليًا.
تقول فاسكيز إنها فوجئت عند توجهها إلى المتحف بصحبة الفنانة الفلسطينية سامية حلبي وعدد آخر من الفنانين المشاركين بأن الحفل قد أُلغي. أُبلغت فاسكيز كما تقول بإلغاء الحفل عبر بريدها الإلكتروني وهي في طريقها إلى مقر المتحف. قالت حلبي التي سبق أن ألغي معرضها الشخصي في جامعة إنديانا قبل شهر من موعده في فبراير/شباط الماضي إنها لم تُبلغ رسميًّا بإلغاء الحفل، بل علمت ذلك من خلال أحد المنشورات على "إنستغرام" قبل وقت قصير من موعد الحفل.
عبر حسابها على منصة إكس، وصفت فاسكيز إلغاء الحفل بهذه الطريقة وتدخل إدارة الجامعة في عمل الفنانة علياء فريد بأنه أحد أكثر التصرفات جبنًا وخسة التي تعرضت لها في حياتها. عمل فريد المُشار إليه عنوانه "احتجاج"، يعتمد على صورة فوتوغرافية كبيرة تعود إلى العام 1973 لمجموعة من مواطني بورتوريكو وهم يتظاهرون خارج برلمان بلادهم تضامنًا مع الفلسطينيين والعرب واحتجاجًا على المساعدات الأميركية للاحتلال الإسرائيلي. ووفقًا لمنظمة المعرض يومايرا فاسكيز، لم تبد إدارة الجامعة أيَّ اعتراض على العمل حين قُدّم إليها قبل أشهر، ولم يكن لدى القيمين على المعرض أي انطباع بأن هناك رفضًا له من إدارة الجامعة.
ردًّا على هذه الاعتراضات، أعلنت الجامعة في بيان لها أنها قررت إلغاء حفل افتتاح معارض الخريف واستبداله بجولة خاصة للضيوف والفنانين بسبب الشكاوى التي وردت إليها عن أحد الأعمال في معرض "كولاج الشتات"، في إشارة إلى عمل الفنانة علياء فريد. ادّعى البيان الذي نشرته الجامعة أن العمل المُشار إليه يُخالف السياق العام لمجتمع الجامعة الذي يضم دارسين وأعضاء هيئة تدريس من مختلف الثقافات والتوجهات، وأن الإدارة قد أقدمت على نقل العمل للحفاظ على بيئة الجامعة التي تتميز بالشمول والاحترام للجميع.
ردًّا على هذا البيان، نشرت يومايرا فاسكيز عبر موقعها الشخصي على الإنترنت بيانًا مماثلًا أعلنت فيه رفضها الشديد لتصرف الجامعة. قالت فاسكيز إن إعادة ترتيب المعرض هو عمل من أعمال الرقابة على التعبير وتدخلٌ سافرٌ في العمل المهني لمنسق المعرض. اعتبرت فاسكيز أن هذه التدخلات هي التي تمثّل إساءة إلى مجتمع الجامعة، وطالبت الإدارة بالاعتذار علنًا عن هذه التصرفات.
تقول فاسكيز: "لقد كذبوا علينا عندما قيل لنا إن إلغاء الحفل لم يكن بسبب محتوى المعارض. نحن نطالب بالمساءلة عن إلغاء الحدث والافتقار إلى الشفافية التي أحاطت بهذا القرار".
لم تكتف فاسكيز بذلك، بل اتهمت في بيانها أيضًا إدارة الجامعة بالتحيز والعنصرية، إذ فرضت الإدارة على الفنانين الملونين دخول مقر المتحف عن طريق المدخل الخلفي للمبنى كما تقول فاسكيز، بينما سُمح للزوار البيض وأعضاء مجلس الإدارة باستخدام المدخل الأمامي للمتحف.
يبدو أن تدخلات جامعة ميشيغن لم تتوقف عند عمل علياء فريد، إذ صرحت الفنانة سامية حلبي أن إدارة الجامعة قد طلبت منها في وقت سابق من هذا العام، وقبل تنظيم معرضها، إزالة كل الأعمال التي تُشير إلى فلسطين سواء في عناوينها أو موضوعها واعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لتنظيم المعرض.