قبل أسبوعين، أبلغ أسرى محررون والدا وزوجة الأسير الفلسطيني منتصر الشنار (30 سنة) من مدينة نابلس، تفاصيل مرعبة عن الحالة الصحية التي وصل إليها بعد استفحال إصابته بالمرض الجلدي "سكابيوس"، والذي أصاب مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي من جراء عدم توفر أدوات ووسائل النظافة، ومنع الأسرى من اقتناء ملابس جديدة، ومن التعرض للشمس لفترات طويلة.
يقول مصطفى الشنار والد الأسير منتصر: "أخبرنا عدد من الأسرى المفرج عنهم من سجن ريمون، أن منتصر المعتقل إداريًا منذ أكثر من 25 شهرًا أصيب بالمرض الجلدي في شهر مايو/أيار الماضي، حين كان في سجن النقب، وأن وضعه الصحي صعب، والطفح الجلدي يغطي جسمه بالكامل، الأمر الذي حوّل حياته داخل السجن إلى جحيم مضاعف، فلا يستطيع قضاء حاجته إلا بمساعدة اثنين من الأسرى، ولا يمكنه النوم، ومنذ وصلنا الخبر لا يعرف النوم طريقه إلينا أيضًا".
وتواصلت عائلة الأسير الشنار مع مؤسسات حقوقية دولية ومحلية، ومع عدد كبير من المحامين لمساعدتهم في الحصول على أي معلومات تخصه، لكن من دون جدوى.
تعرض الأسير المحرر أحمد عمران، من ريف نابلس الشمالي، للإصابة بمرض "سكابيوس" خلال اعتقاله الأخير، ويقول: "كنت أجلس لأيام وحيدًا في زاوية غرفتي المظلمة، ولا أحتك مع أحد خشية العدوى. الأمر لا يقتصر على سجن الجسد، وإنما أيضًا سجن الألم. كنا نشعر بحكة بتقطع أجسامنا، ولا نستطيع النوم، ولا الحصول على قدر من الراحة". ويضيف عمران: "المرض ينتشر كثيرًا بين الأسرى بسبب انعدام وسائل النظافة الشخصية، كون إدارات سجون الاحتلال ترفض ادخال أي مواد تنظيف. تباعًا أصبح نصف نزلاء غرفتي التي كانت تضم 12 أسيرًا يعانون المرض ذاته، والحكة المستمرة تؤدي إلى جروح ودمامل، وتجعل النوم أمرًا مستحيلًا، وكل محاولة لحكّ الجلد تحدث تقرحات، ويزداد الوجع. يشعر الأسرى بأنهم يُتركون عن قصد لمواجهة هذا المرض".
بدوره، يؤكد الأسير المحرر مجدي حمدان، تعمد إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي مضاعفة معاناة المعتقلين، قائلًا : "لا توجد مواد للنظافة الشخصية، والأدوية أيضًا غير متوفرة، باستثناء بضع حبات من مسكنات لا تسهم في تخفيف الأعراض الحادة، ومع غياب الرعاية الطبية، يعيش الأسرى معركة يومية لمواجهة المرض، في حين لا تتوفر أي وسيلة لحمايتهم من انتشاره السريع". ويوضح طبيب الأمراض الجلدية حسام خريم، لـ"العربي الجديد"، أن مرض "سكابيوس" شديد العدوى، وينتقل من خلال نوع من الطفيليات في الأماكن المكتظة، وهو يسبب حكة شديدة وطفحًا جلديًا والتهابات، ويخلف ندوبًا على الجلد، كما أنه يحرم المصاب من القدرة على النوم بسبب الألم الشديد.
كما يوضح خريم أن "العلاج ممكن من خلال متابعة طبيب مختص، وزيادة الاهتمام بالنظافة الشخصية، واستخدام مراهم طبية، وتجنب استخدام أدوات يستخدمها مصابون، وكل هذا لا توفره سجون الاحتلال للأسرى، ما يؤدي إلى زيادة تفشي المرض. تجنب العدوى شبه مستحيل لعدم توفر العلاج، وعدم توفر ملابس بديلة، أو منظفات، ولا فرصة متاحة للتعرض للشمس، كما أن الطعام رديء، وكمياته قليلة، والأدوية غير متوفرة في السجون، سواء للمصابين بالجرب أو بأية أمراض أخرى".
في بيان مشترك، أوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني، أن المرض انتشر بشكل كبير بين الأسرى، وتبين أن نحو 700 أسير مصابون في سجن ريمون، ونحو 500 مصابون في سجن نفحة، وأكثر من ألف أسير مصابون في سجن مجدو، من بينهم 115 طفلًا أسيرًا، بينما سجل سجن النقب أكبر عدد من الأسرى المصابين بأعداد بلغت ثلاثة آلاف أسير.
حذر البيان من استمرار تطبيق سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات المنع من العلاج بحق الأسرى الفلسطينيين، ما يؤدي إلى مضاعفة معاناتهم وصولًا إلى تهديد حياتهم؛ معددًا أسباب انتشار الأمراض الجلدية، ومن بينها انعدام وجود مواد تنظيف، ومنع الاستحمام أو التعرض لأشعة الشمس، مع توفر ظروف ملائمة لانتشار المرض مثل الرطوبة وارتفاع درجات الحرارة في بعض السجون، بينما يسمح لكل أسير بالاستحمام مرة واحدة في الأسبوع، ويعطى كل 20 أسيرًا 60 دقيقة للاستحمام.
ولم يسلم الأسرى الأطفال من المرض، وأكد محامون زاروا عددًا منهم مؤخرًا، أن العدوى تنتشر بينهم، في حين يحرمون من العلاج أو زيارة عيادة السجن. ونقل محامون عن الأطفال الأسرى في سجن مجدو أن هناك خطرًا حقيقيًا يهدد حياتهم، وأن أعراض المرض تظهر على الأجساد بشكل مزعج، والغالبية العظمى لا تستطيع النوم بسبب الأوجاع، وانتشار الجروح والتقرحات.