بعد أسبوع فقط من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة العام الماضي، ظهرت في مواقع التواصل صفحات بعنوان "حقائق من أجل السلام" تدعو الجمهور إلى التفاعل معها عبر رسالة تقول: "احصل على الحقائق حول حماس وإسرائيل والسلام في المنطقة". وخلال أيام فقط من إطلاقها، بدأ هدفها الحقيقي يتكشّف: مشروع صهيوني آخر لنشر الدعاية الإسرائيلية.
ذكرت صحيفة بوليتيكو الأميركية أن "حقائق من أجل السلام" كانت أكبر معلن مؤيد لإسرائيل في الفترة من 2 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1 ديسمبر/كانون الأول الماضيين، فأنفقت أكثر من 450 ألف دولار على إعلانات "ميتا". فمن أين لهذا المشروع بكل هذا المال؟
أفاد موقع سيمافور الإخباري بأن ملياردير العقارات، باري ستيرنليخت، قد أطلق حملة "حقائق من أجل السلام" وسعى إلى جمع مليون دولار من أغنياء العالم. فكتب ستيرنليخت رسالة إلكترونية يطلب فيها التبرعات من وول ستريت وهوليوود وأباطرة التكنولوجيا، وجاء فيها: "من المؤكد أن الرأي العام سيتغير لأن مَشاهد المعاناة المدنية الفلسطينية، سواء كانت حقيقية أو اختلقتها حماس، ستؤدي بالتأكيد إلى تآكل التعاطف الحالي (مع إسرائيل) في المجتمع الدولي".
كتب ستيرنليخت حينها أنه يهدف إلى جمع 50 مليون دولار من المتلقّين، وتأمين تبرع مماثل من مؤسسة خيرية يهودية لم يذكر اسمها. وباستخدام هذه الأموال، تسعى "حقائق من أجل السلام" إلى تعريف حماس للشعب الأميركي على أنها "منظمة إرهابية"، وتخويفهم من كون حركة المقاومة "ليست فقط عدوًا لإسرائيل، ولكن للولايات المتحدة".
ووفقًا لبيانات "بلومبيرغ" و"فوربس"، بلغ صافي ثروة المتلقين مجتمعة ما يقرب من 500 مليار دولار، من بينهم قطب الإعلام ديفيد جيفن ورئيس بلدية مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ والرئيس التنفيذي لشركة أبولو مارك روان والمستثمرون مايكل ميلك ونيلسون بيلتز وبيل أكمان وأباطرة التكنولوجيا إريك شميت ومايكل ديل. ففي ماذا تُنفَق كل الأموال التي جُمعت؟
يبدو أن المشروع نجح فعلًا في جمع ما يكفيه لتشويه سمعة الفلسطينيين وقضيتهم ومقاومتهم. صرف المشروع ثروة على مئات الإعلانات وصلت إلى مستخدمي "فيسبوك" من الذكور الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا في كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وفلوريدا، وغذّتهم بمنشورات غنية بالأكاذيب من دون قيود من إدارة "ميتا".
يصور أحد الإعلانات مسيرة مؤيدة لفلسطين يهتف فيها المشاركون "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرّر"، ويعلّق عليها الإعلان: "هل يبدو هذا مثل السلام والحرية؟ لا"، مدعيًا أن هذا الشعار هو دعوة إلى "الإبادة الجماعية"، بينما في الواقع هو شعار لحرية الشعب الفلسطيني بأكمله. يدعي الإعلان أيضًا أن "حماس تريد تدمير المنطقة بأكملها التي يعيش فيها الإسرائيليون والفلسطينيون والاستيلاء عليها"، وينتهي الإعلان بأن "أي شخص يقول هذه الكلمات... يدعو إلى عالم من دون إسرائيل".
في مقطع دعائي آخر، يظهر رجل وهو يقترب من المشاة في مدينة نيويورك، ويطلب منهم التوقيع على "عريضة سريعة لمساعدة حماس في تحرير فلسطين"، ثم يقرأ "شروط وأحكام" العريضة التي تتضمن: "أنت توافق على أن كل يهودي ومسيحي وغير مسلم في العالم يجب أن يُذبح"، و"أنت تعتقد أن إيران يجب أن تستخدم الفلسطينيين كدمى لنشر الجهاد المتطرف وتدمير الغرب"، و"أنت تريد أن تحل جماعة إرهابية تقطع رؤوس الأطفال وتغتصب الفتيات محل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
يُظهِر مقطع مماثل رجلًا يقترب من المارة في واشنطن العاصمة، ويطلب منهم التوقيع على العريضة نفسها. في هذا الفيديو، تنص "الشروط والأحكام" على "ضرورة استمرار حماس في فرض القيم المناهضة للغرب مثل قتل الفلسطينيين المثليين"، و"أنت تريد أن تفوز حماس بالحرب حتى تتمكن من نشر عبادة الموت في الولايات المتحدة وقتل الجميع من غير المسلمين".