ؤإلى بلدات الإقليم وقراه، والذين يُمكن إحصاؤهم بنحو 9 آلاف موزّعين على مراكز الإيواء التي فتحت أبوابها فور توافد هذه العائلات، إضافةً إلى أكثر من 45 ألفاً موجودين في المنازل، بين شققٍ مستأجرة أو لدى مضيفين من أبناء المنطقة.ومع هذه الأعداد، وصلت جميع مراكز المنطقة إلى قدرتها الاستيعابيّة القصوى، فُتحت في اليومين الماضيين مراكز إضافيّة كمقر الجامعة اللبنانيّة في الدبيّة و«الجامعة الإسلاميّة» في الوردانيّة والمعهد التقني في سبلين. وهذه المراكز التي تُعدّ الأكبر في الإقليم وتصل قدرتها الاستيعابيّة إلى أكثر من 3 آلاف نازح، امتلأت بعد ساعاتٍ قليلة من فتحها.
الفوضى التي كانت تعمّ المراكز في الأيّام الأولى للنزوح، بدأت تختفي مع استقرار الأرقام. صحيح أنّ الأرقام فاقت التوقّعات، إلا أنّ الخطّة التي وضعتها خليّة الأزمة المركزيّة التي تم تشكيلها قبل نحو سنة، وفُعّلت قبل أسابيع قليلة من توسّع الاعتداءات الإسرائيليّة، أثبتت نجاحها. ويقول العديد من النّازحين إنّ الأمور بدأت تنتظم مع تأمين جميع المستلزمات اللوجستيّة في المراكز، من فرش ووسائد، إضافةً إلى الوجبات الغذائيّة ومواد التنظيف. فيما عمد النائب بلال عبد الله إلى التنسيق مع وزارة الصحّة لتسهيل عمليّة إدخال المرضى إلى المستشفيات الحكوميّة على نفقة الوزارة، بعد استحصالهم على الأوراق المطلوبة من البلديّات. كما فتحت بعض مختبرات المنطقة مراكزها للقيام بتحاليل وصور الأشعة مجاناً. وتعمل الفرق الطبيّة وفرق الإسعاف المدني الموجودة في المناطق على تأمين بعض المسلتزمات الطبيّة، كالأسرّة والفرش الطبيّة والأدوية.
نحو تلبية حاجات النازحين في المنازل بعد تأمين المستلزمات الأوليّة لمراكز الإيواء
في معظم المراكز، باتت الهيكليّات واضحة: مديرو المدارس يتدبّرون الأمور على الأرض مع الجمعيّات التي تؤمن الحاجات اليومية بالتنسيق مع الخلايا المصغّرة في كلّ بلدة، وهذه تُنسّق بدورها مع اللجنة المركزيّة. وبالتالي، تتم تلبية معظم الحاجيات الأساسيّة والتجهيزات اللوجستيّة في معظم المراكز، بعدما أوكلت إلى مجموعات متابعة أمور كل مركز، وبات العديد من المدارس الكُبرى تضم مستودعات صغيرة لما يفيض من المواد الغذائيّة وأدوات التنظيف، إضافةً إلى مطابخ مركزيّة تم تجهيزها لتأمين وجبتين ساخنتين يومياً، رغم أنّ هذه المطابخ تختلف من منطقة إلى أُخرى؛ فيما تم تجهيز مطبخ مركزي في برجا لتلبية حاجات المراكز مع مساعدة من مطبخ صندوق الزكاة التابع لدار الفتوى، فضّلت شحيم مثلاً أن يكون في غالبية مراكز الإيواء مطابخ خاصة، وخصوصاً أنّ حجم المراكز فيها يُتيح هذا الأمر، علماً أنّ بعض الجمعيات فتحت مطابخها أيضاً.
وعليه، يؤكد معنيون بمُتابعة شؤون النّازحين في المراكز «أنّنا نجحنا في تأمين العائلات في المراكز واستقرّت أعدادهم وجُهّزوا بالمستلزمات الأساسيّة، وانتقلنا اليوم إلى مرحلة تأمين المستلزمات التفصيليّة، مثل تأمين المازوت للمراكز من أجل زيادة التغذية الكهربائيّة، بما فيها خلال ساعات الليل، وتجهيزات لوجستيّة (كتجهيزاتٍ لتوفير النظافة وتركيب دوش في الحمامات) وتأمين المياه على مدار السّاعة.
ومع الانتهاء من تأمين جميع مستلزمات النّازحين في المراكز، سيتم الانتقال إلى توفير حاجيّات النّازحين في المنازل، والذين يشكّلون العدد الأكبر. بعضهم استأجروا شققاً غير مفروشة، فيما السواد الأعظم نزلوا في ضيافة عائلات من بلدات الإقليم. يقول أحد أبناء برجا، الذي يستضيف عائلة من الجنوب: «قرّرت أنّا وابني الانتقال إلى منزلٍ واحد لنترك شقة شاغرة لعائلة نازحة نعرفها»، وهو أيضاً ما فعله أحد أبناء البرجين الذي عاد مع عائلته وعائلة شقيقه إلى منزل والديه، ليتركا شقتيهما لعائلات نازحة. فيما يقول يحيى من شحيم إنّه قرّر وأشقاؤه إنهم يقسّموا شققهم بين شقق مخصّصة للرّجال وأخرى للنساء والأطفال.
«الخطة ب»
في المقابل، يشرح أحد المعنيين بأنّ «الأزمة الحقيقيّة تكمن في أنّ العديد من العائلات غير قادرة على الاستمرار في تأمين حاجيّات العائلات النّازحة، وتطلب تدخّلنا، فيما نحن غير قادرين على تلبيتهم بالشكل المطلوب»، مشدّداً على أنّ أسئلتنا تدور حول إمكانيّة استمرار هذه المبادرات الفرديّة لوقتٍ طويل، وإذا ما طال أمد هذه الحرب أكثر.
بدوره، يشير مسؤول حزبي إلى «أنّنا نُراهن على المساعدات الخارجيّة، وخصوصاً على توزيعها بشفافيّة وبشكلٍ عادل بين المناطق». فيما يقول مسؤول حزبي ثانٍ إنّ «الهمّ الذي يشغلنا حالياً هو إمكانيّة توسّع رقعة الحرب وأن تطاول الاعتداءات مناطق أكثر ولا سيّما صيدا، بعدما وصلت القدرة الاستيعابيّة لجميع المراكز إلى حدّها الأقصى. ويضيف: «إنّه في حال توسّع دائرة الحرب، سيكون علينا الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطّة التي أعدّتها سابقاً الخليّة المركزيّة وناقشتها مع بعض الوزراء وهيئة الكوارث، وهي فتح المدارس الخاصّة، علماً أنّ هذا الأمر يحتاج إلى مراسيم وقرارات رسميّة». وفي حال عدم قدرة الدّولة على إلزام المدارس الخاصّة بفتح أبوابها، يشير أحد أعضاء الخليّة المركزيّة إلى أنّ «الخطّة ب» تقضي بـ«دمج العائلات النازحة التي وفدت من العائلة أو القرية نفسها، ما يتيح وضع عدد عائلات أكبر في كلّ غرفة، وخصوصاً أنّ نماذج الداتا التي نعتمدها من النازحين تندرج فيها تفاصيل مماثلة، ما يتيح لنا تنفيذها في حال قرّرنا ذلك، علماً أنّها خطّة نظريّة ولم نعمل على تفاصيلها بعد».