يتواصل مئات الملايين من الأشخاص أسبوعيًا مع "تشات جي بي تي" وروبوتات الدردشة الأخرى القائمة على الذكاء الصناعي، ولكن هناك قلق متزايد من أن قضاء ساعات طويلة مع هذه الأدوات قد يضرّ.
إذ انتشرت في الإعلام ومواقع التواصل منشورات وتقارير تحدّثت عن أشخاص فقدوا الاتصال بالواقع بعد الاستخدام المكثف لروبوتات الدردشة، وتُصنفهم على أنهم مصابون بـ"ذهان الذكاء الصناعي". وقالت دعاوى قضائية إن المراهقين الذين أصبحوا مهووسين بروبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الصناعي شجعتهم هذه الروبوتات على إيذاء أنفسهم أو الانتحار.
ما هو ذهان الذكاء الصناعي بحسب الخبراء؟
يُستخدم مصطلح "ذهان الذكاء الصناعي" للإشارة إلى مجموعة من العناصر. يقول الطبيب النفسي المعتمد جون كول لصحيفة واشنطن بوست إن: "أحد العناصر الشائعة هو صعوبة تحديد ما هو حقيقي من عدمه". وقد يعني ذلك أن الشخص يُكوّن معتقدات يمكن إثبات زيفها، أو يشعر بعلاقة قوية مع شخصية ذكاء صناعي لا تتوافق وما يحدث في الحياة الواقعية. ويقول للصحيفة الطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو كيث ساكاتا إنه أدخل 12 شخصًا إلى المستشفى بسبب الذهان بعد قضاء وقت طويل في الدردشة مع الذكاء الصناعي حتى الآن هذا العام.
توضح الأستاذة المساعدة السريرية للطب النفسي في كلية الطب بجامعة ستانفورد آشلي غولدن للصحيفة أن هذا المصطلح: "غير موجود في أي دليل تشخيصي سريري". وأضافت أنه صيغ استجابةً لنمط جديد ناشئ حقيقي ومثير للقلق من روبوتات الدردشة التي تُعزز أوهامًا تميل إلى أن تكون مُتعصبة، أو مُبالغًا فيها، أو دينية، أو رومانسية.
في مواقع التواصل يتحدّث مستخدمون عمّا يصفونه بعلاقات فلسفية أو عاطفية قوية مع الذكاء الصناعي، قادتهم إلى ما وصفوه "اكتشافات عميقة". في بعض الحالات، يصرّح مستخدمون بأنهم يعتقدون أن روبوت الدردشة واعٍ أو "حيّ". ويزعم البعض أن المحادثات المطولة مع روبوت دردشة أقنعتهم بأنهم اكتشفوا حقائق خفية في مجالات مثل الفيزياء والرياضيات والفلسفة. في بعض الحالات يتخذ المهووسون إجراءات على أرض الواقع، مثل ممارسة العنف ضد أحد أفراد الأسرة أو إيذاء النفس أو الانتحار.
ويقول المعالج النفسي كيفن كاريداد إن الذكاء الصناعي يمكنه إثبات صحة الأفكار الضارة أو السلبية للأشخاص الذين يعانون حالات مثل اضطراب الوسواس القهري أو القلق أو الذهان، ما قد يخلق حلقة مفرغة تُفاقم أعراضهم أو تجعلها غير قابلة للإدارة. ويرى أن الذكاء الصناعي لا يُسبب على الأرجح إصابة الناس بأمراض جديدة، لكنه يدفع الشخص المُهيأ للإصابة بأمراض نفسية إلى حافة الهاوية.