يبدو أن العدو يلجأ إلى التسريبات الإعلامية في إطار مفاوضات غير مباشرة. فقد نقل مراسلون إسرائيليون معلومات عن مصادر إسرائيلية، بأن تل أبيب تعرض مبادرة مفادها وقف قصف العاصمة بيروت، مقابل وقف حزب الله قصف مدينة حيفا وخليجها. ورغم أن حزب الله لم يطلق أيّ موقف حيال وقائع المواجهة القائمة، إلا أنه سبق لوسطاء أن سمعوا من مسؤولين لبنانيين أن حزب الله يربط قصف حيفا بالاعتداءات على الضاحية الجنوبية، فقط. ومساء أمس، دوّت انفجارات في منطقة تل أبيب، وشوهدت صواريخ منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية وهي تنطلق محاولة التصدّي لمُسيّرات وصلت إلى سماء عاصمة الكيان. وبعد وقت قصير، تبيّن أن مُسيّرتين انطلقتا من لبنان، وقطعتا مسافة تجاوزت 100 كلم، قبل أن تتمكّن الدفاعات الإسرائيلية من إسقاط إحداهما، فيما انفجرت الثانية في هدفها، ما أدى الى انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة هرتسيليا شمال تل أبيب. وفي بداية الأمر، اعتُقد أن الطائرة المُسيّرة أصابت مبنىً في المدينة، لكن تبيّن أنه صاروخ اعتراضي. فيما شوهدت أعمدة دخان تتصاعد من منشأة قريبة لتوليد الكهرباء.
استهداف تل أبيب يعطي إشارات حول دخول المقاومة مرحلة جديدة من استهداف العمق الإسرائيلي، وأن قصف العدو العاصمة بيروت، سيقابله قصف تل أبيب. فيما كانت المقاومة أطلقت نحو 100 صاروخ، دفعة واحدة، على منطقة حيفا، وتحديداً شمالها وخليجها، وشوهدت عشرات الصواريخ وهي تسقط في المنطقة من دون أن ينجح العدو في اعتراضها. وأعلنت المقاومة قصفها تجمّعات لقوات العدو الإسرائيلي في منطقة زوفولون شمال حيفا. كما استهدفت مستعمرة كريات شمونة ومدينة صفد المحتلة بصليتين صاروخيتين كبيرتين. كما واصلت المقاومة استهداف المواقع والثكنات العسكرية في الجليل الأعلى، ومواقع تجمّع قوات العدو، بصليات صاروخية وقذائف المدفعية. وشنّت هجوماً جوياً بسرب من المُسيّرات الانقضاضية على قاعدة قيادة الدفاع الجوي في كريات إيلعيزر في حيفا. وفي الميدان، تابع المقاومون التصدي لقوات العدو، حتى قبل دخولهم الأراضي اللبنانية. واستهدفوا تحركات لجنود العدو الإسرائيلي عند بوابة فاطمة بقذائف المدفعية، وأخرى في أطراف بلدتي بليدا ويارون الحدوديتين.
وفي بيان صادر عن «غرفة عمليات المقاومة الإسلامية» شرحت المقاومة تفاصيل محاولات العدو التوغّل في القطاع الغربي، قرب الناقورة، بعد فشله في تحقيق تقدّم في القطاع الشرقي. وقالت إن العدو حاول التقدّم، الثلاثاء، من رأس الناقورة باتجاه منطقة اللبونة الحدودية بهدف الوصول إلى مركز قوات «اليونيفل» في اللبّونة والتمركز فيه، فتصدى له المقاومون وأجبروا قواته على التراجع. وعاود جيش العدو، الأربعاء، ثلاث محاولات للتقدم باتجاه اللبونة، ثم المشيرفة، فتكبّد خسائر فادحة بسبب ضربات المقاومة ثم انسحب. ويوم الخميس، حاولت مجموعة من جنود العدو، بمواكبة وحماية دبابة «ميركافا»، التقدم باتجاه منطقة اللبونة من رأس الناقورة، فاستهدفها المقاومون بصاروخ موجّه، ما أسفر عن تدميرها واشتعالها ومقتل طاقمها وإصابة الجنود المحتمين خلفها، وفشل العدو في أربع محاولات، ولمدة ساعات، في التقدم لسحب الإصابات. وأشارت «غرفة عمليات المقاومة»، إلى أن العدو، فشل في السيطرة على أيّ من التلال الحاكمة التي يحاول التقدّم إليها، وهو يكتفي بالوصول إلى بعض المنازل على أطراف بعض القرى الحدودية بهدف أخذ الصور وتنظيم زيارات إعلامية. وأشارت إلى أن جيش العدو، يتّخذ من منازل المستوطنين في بعض مستوطنات الشمال مراكز تجمع لضباطه وجنوده وتتواجد قواعده العسكرية داخل أحياء استيطانية في المدن المحتلة الكبرى كحيفا وطبريا وعكا وغيرها، واعتبرت أن «هذه المنازل والقواعد العسكرية هي أهداف للقوة الصاروخية والجوية في المقاومة الإسلامية، وعليه نحذّر المستوطنين من التواجد قرب هذه التجمعات العسكرية حفاظاً على حياتهم وحتى إشعار آخر». كما جدّدت المقاومة عهدها للأمين العام لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصرالله، بأن «مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ستبقى خالية من المستوطنين حتى وقف الحرب على غزة ولبنان”.
ومرة أخرى، وفي محاولات الضغط على «الأمم المتحدة»، عاودت قوات العدو، أمس، استهداف موقع للقوات الدولية في الجنوب، وآخر للجيش اللبناني، ما أدّى إلى استشهاد عسكريين، وإصابة آخرين. وتدفع إسرائيل باتجاه إجبار قوات «اليونيفل» على الانسحاب 5 كم إلى عمق الأراضي اللبنانية، بدلاً من الانتشار على الحدود. وهي لا تكتفي بالاعتداء المتكرّر على مواقع هذه القوات، بل أيضاً تستغل هذه المواقع للاحتماء من نيران المقاومة.