اوراق خاصة

بين العبريّة و العربيّة ... ثقافة تصهين ..!!

post-img

التناغم بين العرب والصهاينة هو عنوان المرحلة الحالية؛ لا بل منذ زمن طويل، وإن كانت أمريكا هي الوالد الشرعي للصهيونية، العروبة اليوم هي العميل الحامل لرحم هذه الصهيونية.

التخبط العربي حيال القضية الفلسطينة ليس وليد اللحظة، وليس خافيًا التآمرات العربية على القضية وما يتصل بها من حركات مقاومة ضد كيان العدو.. هذه المؤامرات، والتي تحمل معها محاور كثيرة هي بالحقيقة باتت ثقافة جيل متفق عليها ومشرّعة تماما كشرعيّة الكيان المزعومة .. نحن اليوم في مواجهة حقيقية مع انتشار ثقافة السلام مع العدو، ووضع خطوط عريضة وأخرى دقيقة غير معلنة للتطبيع معه، وما نراه ونسمعه على مواقع التواصل الاجتماعي وما نقرأه في مقالات مثقفين عرب هو صورة خطيرة لتقبّل العدو على أنه الآخر الذي يحق له في أرضنا ما يحق لنا نحن أصحاب الأرض، وهذ المشروع انتقاص لجوهر الحق في الدفاع عن الأرض.

إن مقاطعة الإعلام العميل، مع أنه خطوة متأخرة ولكنّها مجدية بكل الأحوال.. لقد جلب هذا الإعلام الكوارث منذ بداية ما يُسمّى "الربيع العربي"؛ هي كوارث أنتجت أشكال الإرهاب كلها في المنطقة، صنيعةً مشتركة بين التطرف الديني بكل مذاهبه؛ حيث افتعلت حروبًا أهلية طائفية على خلفية انتشار هذا الإرهاب، فهو جزء لا يتجزأ من منظومة السلام مع العدو، فهو مشروط من جهتهم بإنهاك المجتمعات العربية وحكوماتها لفرض سبل التطبيع حلًا منقذًا للخراب الذي طال الحياة المجتمعية بعد أحداث "الربيع" الفاشل، فثمة انصهار واضح اليوم للكثير من العرب ضمن فكرة الخلاص من المواجهات والحروب عن طريق التطبيع مع كيان العدو، مع أنّ بعضهم يرون شكليًا، مع ذلك يجدونه نافعًا.

أيًا يكن ...إنّ التقبل بحد ذاته لضخّ الدم في العلاقات العربية- العبريّة هو إعدام لقضايا الحق والظلم الذي عاشته الأمة العربية منذ وجود الكيان الغاصب في فلسطين من جهة، كونه نتيجة من النتائج التي أفرزها الاحتلال الأوروبي، ومن جهة أخرى كونه مخططًا قديمًا- حديثًا يسعى إلى تجديده.

الدور الذي يؤديه الإعلام لتعزيز هذه النتيجة هو دور وسيط من الدرجة الأولى بين الفكر الماسوني والفكر العربي المعاصر عن طريق ضخّ الأفكار والوثائقيات الناقصة والتحليلات المحرّضة عن لسان مثقفين عرب مارسوا العبودية للكيان الصهيوني ورحبوا بالتلاحم والتعايش السلمي بينهم وبين الصهاينة، ووزعوا هذه الثقافة عن طريق الإعلام بأشكاله من خلال رسائل قصيرة مؤثرة، وأيضًا، رسائل طويلة مشتتة ومتناقضة توصل الجيل العربي الجديد إلى مرحلة إنكار قيم العروبة  الأصيلة والاعتراف بالعدو على أنه "الآخر" المختلف عنّا ليس إلّا..

في الجانب الآخر؛ أغلب الحكومات العربية تدعم وتبارك ذاك الاعتراف اقتصاديًا وسياحيًا وفكريًا وسياسيًا بشكل خاص، وتروّج له بكل الإمكانات الممكنة مهما بلغت التكاليف المادية العالية جدًا.

اليوم، وقد اشتعلت الحرب مع العدو من على مصرعيها، وانكشفت أوراق الخيانات والتنازلات العربية على نطاق واسع مُتوقع؛ لكنه صادم ، نحن نتحدث ونعيش خيانات على مستوى عالٍ جدًا بدءًا من الصمت العربي حيال فظاعة الظلم الحاصل بحق شعبنا في الجنوب و غزة وصولاً إلى الضجيج العربي المتزاحم لوضع المقاومة في الخندق نفسه مع العدو انطلاقًا من الفكر المتصهين بأنّ "إسرائيل" يحقّ لها الدفاع عن نفسها كما هو حق المقاومة ، وكأنّ الظالم والمظلوم باتوا في المكانة نفسها.

التطبيع العربي لترسيخ الصهيونية هو أشد خطورة من القاعدة العسكرية الأميركية- الصهيونية، فالعرب المتآمرون يقدمون أبهى صور المساعدة والمساندة للبقاء الإسرائيلي، فهم يغرسون قيم الماسونية في العقل العربي، ويسحقون أصول العروبة وقيمها من الأدمغة العربية الناشئة، فتكاد تكون عربيتنا مستعربة مغتربة عن ذاتها لتتويج العدو وثقافته وفكره ملكًا على ثقافتنا وحضارتنا.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد