على شاشات العرض وفي عمق الأفلام المقدمة والمتنافسة، وفي كلمات وتدخلات المشاركين، وعبر رمزية الاستضافة الشرفية، تصدرت وتتصدر القضية الفلسطينية بحضورها وأحقيتها النسخة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في موريتانيا المعتمدة ضمن قائمة المهرجانات السينمائية العربية، والتي تواصلت أمس في العاصمة الموريتانية نواكشوط بمشاركة عربية وافريقية ودولية واسعة.
على جدران القاعة الكبرى التي تحتضن هذا المهرجان الكبير المتواصل حتى السبت المقبل، تخطف الأبصار أريكة وعصا الشهيد يحيى السونار، وهي مضرجة بدم التضحية والفداء المتدفق منذ عدة أشهر، في شوارع وطرقات غزة. وثمَن وزير الثقافة والفنون الموريتاني الحسين ولد مدو «اختيار منظمي المهرجان للسينما الفلسطينية ضيف شرف في هذه النسخة»، مؤكدا «أن فلسطين كانت أرضية لسينما من نوع آخر من خلال تراجيديا مؤلمة من القتل والدمار والتشريد».
كما أكد «أن احتضان موريتانيا للسينما الفلسطينية هو احتضان للقضية التي نؤمن بها ونساندها»، منددا «بسكوت ضمير الإنسانية عن المجاز المرتكبة في فلسطين». ونوه الوزير في مداخلة افتتاحية له «بأهمية السينما، وما بذل من تضحيات في سبيل تنظيم هذا المهرجان تأسيسا للفن السابع في موريتانيا».
لقد حرص مدير المهرجان المخرج السينمائي محمد المصطفى البان على لفت انتباه الحضور في بداية كلمته الافتتاحية إلى «أن النسخة الثانية من المهرجان جاءت في ميقات زماني ومكاني أعاد قضية العرب والمسلمين الكبرى فلسطين إلى صدارة الأحداث». وأضاف: «أن هذه الأحداث كانت أحداثا بمشاهدة مؤلمة، «لكنكم تدركون أن أصحاب الصورة وفي القلب منهم أهل السينما، لا يحبذون إراقة الدماء خيالا أحرى واقعا لا نقبله، بل ندينه ونشجبه في تماه تام يمزج قناعاتنا الشخصية بموقف موريتانيا من قضية فلسطين.. فبردا وسلاما على كل المدافعين عن القضايا المشروعة.. وتضامنا يشع بنجومية الفن السابع يمتد سنا برقه من ضفاف نواكشوط إلى فلسطين العز».
نوه مدير مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي المخرج السينمائي محمد المصطفى ولد البان في كلمته برمزية استضافة السينما الفلسطينية، مؤكدا «أنها تمثل تعبيرا قويا عن موقف موريتانيا الرسمي والشعبي المناصر للقضية الفلسطينية، وتنديدا بما يحصل من مجازر تحت بطش الآلة الصهيونية». كما نوه «لأهمية اعتماد مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي ضمن قائمة المهرجانات السينمائية العربية الدولية»، مردفا «أن ذلك يشكل مصدر فخر وثقة لموريتانيا بشكل عام، ولهيئة تنظيم المهرجان بشكل أخص».
وأضاف ولد البان «أن النسخة الثانية من المهرجان هذا العام، شهدت تنافس أسماء مهمة وأفلام قوية في عالم السينما العربية، وهي أفلام روائية طويلة، وأخرى قصيرة، وكذا أفلام خاصة بورشات التكوين». ونبه «إلى أنه تم استحداث مسابقة خاصة بصناع المحتوى لأول مرة ضمن فعاليات المهرجان»، لافتا «إلى أهمية سوق الإنتاج المستحدثة هذا العام على هامش فعاليات المهرجان، خدمة لصناع الأفلام وشركات الإنتاج وجهات البث على حد سواء، عن طريق توفير بيئة ملهمة في الفضاء الذي تقام الفعاليات فيه».
هذا؛ وشهدت الجلسة الافتتاحية للمهرجان عرض فلم من الأفلام الفلسطينية (أفلام المسافة صفر)، وفلم وثائقي عن العاصمة نواكشوط. يذكر أن مهرجان نواكشوط الدولي للفيلم هو حدث سنوي يركز على السينما في موريتانيا ويجمع بين صناع الأفلام والمخرجين من مختلف أنحاء العالم.
يُنظم هذا المهرجان في العاصمة نواكشوط، وهو أحد أبرز الأحداث الثقافية في موريتانيا، حيث يهدف إلى دعم صناعة السينما المحلية وتشجيع المخرجين الشباب على عرض أعمالهم. ويقدم عروضًا لأفلام من موريتانيا والدول الأخرى، ويشمل أفلامًا روائية، وثائقية، وأفلام قصيرة.
يتضمن مسابقات في مجالات متعددة مثل الأفلام الروائية الطويلة، الأفلام القصيرة، والأفلام الوثائقية، ويمنح جوائز للفائزين؛ كما يشمل برنامجه تنظيم ورش عمل تدريبية لصناع الأفلام الشباب، حيث يتعلمون تقنيات جديدة في صناعة الأفلام، والتحرير، والإخراج. ويستضيف المهرجان صناع أفلام، ومخرجين، ونقاد سينمائيين من دول متعددة، مما يوفر فرصة للتبادل الثقافي والتواصل مع السينما العالمية.
كما يُولي المهرجان اهتمامًا خاصًا لدعم المواهب السينمائية الشابة، وذلك بتعزيز قدراتهم وفتح أبواب الفرص أمامهم للتعرف على سوق السينما الدولي.