"إيران باعت الشهيد هنية والسيد نصر الله ولبنان لمصالحها..."!
"يوجد في مأوى النازحين الجنوبيين مقاومون وأسلحة"!
"تحت مستشفى الساحل أنفاق ومستودعات أسلحة..."!
"تنقل سيارات الإسعاف مقاتلين وأسلحة للمقاومين"!
"هناك مخطط عراقي لتهجير أهل الجنوب اللبناني للعراق من دون رجعة، والدليل التسهيلات المجانية لاستقبال اللبنانيين بالعراق..."!
...تلك نماذج واضحة من الإشاعات والفبركات والأكاذيب الإعلامية التي تتناقلها بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع، مخلفة ذعرًا وإرباكًا وتشويشًا يكاد تزعزع الاستقرار المجتمعي والشعبي والوطني.
الإشاعات كما هو معلوم تؤدي دورًا خطيرًا في زمن السلم والاستقرار، فكيف إذا ما استثمرها العدو الآن في ذروة المعركة 'الوجودية" التي لا يسلم منها طفل ولا حجر ولا مسجد ولا مجلس عزاء، ولا حتى هواء وماء؟!
كما غني عن البيان أن تلك الشائعات التي نتتبعها وتصاغ في قالب إخباري زائف، يتداولها قسم مهم من اللبنانيين بشكل سريع، فتنتشر كالنار في الهشيم... متسمة بالإثارة كونها تثير الفضول، فضلاً عن الغموض أحيانًا. ومن المؤسف أن مصدرها ليس العدو فقط، إنما يشمل أيضا جهات داخلية أو إعلاميين معروفين.. قد تكون هنا لمآرب سياسية أو طائفية في مجتمع متنوع مثل لبنان؛ وحتى فضائيات ومطبعين... وقد يكون مصدرها محلل أو مثقف يرميها في صفحته أو حسابه، من دون دراية منه أن العدو يستغلها.
لقد أدى غياب الأمين العام الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله دورًا في بطء مواجهة تلك الشائعات وغيرها، فقد كان في خطاباته الشهيرة، بشكل أو بآخر، يواجه الشائعات ويردها على ذويها، محملة بأدلة دامغة... فغيابه هنا قد يسهّل على قسم من البيئة الحاضنة والنازحين ومن يستقبلهم... تلقف بعض تلك الشائعات وربما نشرها.. كما لا ننسى سرعة النشر عند أي شخص حاليًا في الفايسبوك والواتسآب وغيرهما.
تأخذ تلك الشائعات مظاهر متنوعة، فمنها السياسي والاجتماعي والفكاهي وحتى الثقافي... فبعضها يطفأ في مهده، فيما الآخر ينتشر طويلاً قبل سكونه أو عودته ثانية في ظروف مشابهة... مثل شائعة اغتيال نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، واستثمار المطار لتهريب أسلحة!
إذ ليس غريبًا أن ينشر العدو شائعات وأخبارًا ملفقة ليستغلها خلال وقت قصير لقصف هدف حيوي... كما فعل في معبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية وغيره! وكأنّي به هنا نشر الكذبة وصدقها.. ليسوّغ للعالم قصفه الأماكن الحيوية والبنية التحتية للدولة اللبنانية... وكذلك يفعل في الانذارات المتتالية لمباني الضاحية الجنوبية لبيروت وبقية المناطق...وكذلك الحال في ما يتعلق باستهدافه مقرات "البونيفل" والمساجد وجنود الجيش اللبناني وضباطه...فالإشاعات أدت دورها البيّن في تهجير قرى بعينها، وكذلك أحياء كبيرة...ولا سيما أنها تزامنت مع مجازر بأسلحة فتاكة محرّمة دوليًا... أميركية وغربية.
هذا؛ وغني عن البيان أن العدو يسعى بإشاعاته إلى زعزعة الاستقرار الداخلي اللبناني وزرع الفتنة، ولا سيما شائعاته التي تستهدف النازحين... فضلاً عن استثماره حرب الشائعات في الحرب النفسية ومحاولة زعزعة معنويات المقاومين... لكن حتى بوجود ما هو أفظع باغتيال القادة عجز عن ذلك.
مجمل القول: إنّ حرب الشائعات ما تزال في بدايتها،... وحتى لا يتوغّل العدو في استثمارها لا بدّ للجهات الرسمية من التحرك وتوقيف من يطلق الإشاعات الكاذبة، ولا سيما من يرسل رسائل كاذبة بالإخلاء وهو يتسلى أو له مغزى معين. ومن الضرورة بمكان دعم وسائل الإعلام بلبنان هذا التوجه والتحقق من الخبر ومصدر المعلومات... ولا ننسى ضرورة التحلي بالشفافية والصدق وعدم إخفاء الحقائق؛ لأن إخفاءها يعزز بيئة الشائعات.
المقاومة في بياناتها تؤدي دورًا معينًا في محاربة الشائعات؛ وكذلك في أدائها العملي اللافت في الصمود والمواجهة البرية. لكن علينا جميعًا أن نتحمّل مسؤولية إنسانية في دعمها في مواجهة الحرب النفسية وحرب الشائعات؛ لأن شائعة واحدة قد تقلب الموازين، ويكون أثرها تدميريًا تمامًا، كأسلحة الدمار الشامل!