بالرغم من موقف رسمي متطرّف اختار الانحياز لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، يصرّ فنانون أرجنتينيون في البلاد على التضامن مع الشعب الفلسطيني. وظهر هذا التضامن واضحًا في الاحتجاجات والفعاليات الفنية والمبادرة والتصريحات التي عبّر فيها الفنانون عن الروابط القوية بين الشعبين الفلسطيني والأرجنتيني.
نورمان بريسكي مع الفلسطينيين
تصدّر الممثل الأرجنتيني من أصل يهودي نورمان بريسكي (Norman Briski) عناوين الصحف خلال كلمته في حفل توزيع جوائز مارتن فييرو السينمائية، إذ قال: "غزة لن تُهزَم أبدًا". وأعلن بريسكي، بحماس، أثناء تسلّمه الجائزة مخرجًا وكاتبًا مسرحيًا: "غزة، غزة، غزة. لن تُهزم غزة أبدًا. لا يهم إن صفقتم لي أم لا، لكنني أشعر بذلك في قلبي. أنا أدافع عن شعب قُتل. غزة".
جاءت تصريحات نورمان بريسكي خلال حفل توزيع جوائز مارتن فييرو السينمائية، التي تنظمها الإذاعة والتلفزيون الأرجنتيني، أرفع حفل توزيع جوائز في البلاد التي تحتفي بالتميز في صناعة السينما والتلفزيون. كما تأتي التصريحات على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف حتى أكثر من 42 ألفًا و847 شهيدًا و100 ألف و544 مصابًا، وآلاف المفقودين، ودمارًا هائلًا في الأبنية السكنية والبنى التحتية، ومجاعة قاتلة، لا سيما في الشمال، أودت بحياة أطفال ومسنين.
أمثلة كثيرة
بريسكي ليس إلا مثالًا واحدًا من أمثلة عدة على التضامن الذي أبان عنه فنانو الأرجنتين مع الغزيين والفلسطينيين خلال العدوان. يتضامن الأرجنتينيون مع الفلسطينيين بتسمية الشوارع والساحات العامة ورسم الجداريات والمشاركة في المسيرات الاحتجاجية. عمل فنانون أرجنتينيون على رسم لوحة جدارية على سلالم محطة سكة حديد مزدحمة في حي مورينو في بوينس آيرس، عاصمة الأرجنتين. هناك تجمع الفنانون للتضامن ضد الإبادة برسم جدارية لطفل فلسطيني يرتدي الكوفية ويرفع علم فلسطين.
هؤلاء الفنانون يسيرون على خطىً سار عليها فنانو الأرجنتين المعروفون، بينهم الفنان الراحل ليون فيراري، الذي رسم لوحة "غزة" عام 2008 في أعقاب العدوان الإسرائيلي على القطاع في ذلك العام. إضافة إلى لويس فيليبي نوي، أحد أبرز الفنانين الأرجنتينيين الأحياء اليوم، الذي أنتج العمل الفني "فلسطين الحرة"، ثم النحات ريكاردو لونغيني الذي أنجز قطعة "صبرا وشاتيلا" (2008)، والقائمة طويلة.
في مدينة لاريوخا الأرجنتينية، أزيح الستار عن "ميدان فلسطين"، وهو ساحة تحولت إلى مكان للاجتماع وإظهار الدعم للشعب الفلسطيني. وشهد افتتاح الساحة في سبتمبر/أيلول الماضي احتفالات بالدبكة والملابس الفلسطينية التقليدية، انتهت بغرس شجرتي زيتون في الساحة ووضع منحوتة لمفتاح صنعه فنانون محليون للتعبير عن حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم.
فنانو الأرجنتين شاركوا أيضًا في مسيرة حاشدة خرجت في 5 مارس/آذار الماضي تجوب بالأعلام الفلسطينية والأرجنتينية واللافتات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وقطع العلاقات السياسية والتجارية مع إسرائيل، تخلّلتها أشعار ومقاطع مسرحية عبرت عن وحشية الإبادة الجماعية للفلسطينيين، ودعا فيها المتظاهرون إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ضد الإنسانية.