لم تعد منصات بث الألعاب مثل "تويتش"، وتطبيق المقاطع القصيرة "تيك توك" مجرد وسائل لمشاهدة المحتوى الترفيهي، بل تحوّلت إلى أدوات سياسية مهمة يستعين بها الناخبون الشباب، خاصة من الجيل زد، للتعرف إلى المرشحين السياسيين وسياساتهم بطريقة بسيطة وسهلة الفهم. إذ توفّر تفاعلًا مباشرًا بعيدًا عن شاشات التلفزيون التقليدية التي تفقد المزيد من متابعيها الشباب يوميًا.
"تيك توك" وتحدي الجيل القديم
أصبح "تيك توك" لاعبًا رئيسًا في تشكيل الرأي العام للجيل زد، إذ يجعل المحتوى السياسي أكثر سهولة في الوصول إليه. وفقًا لدراسة أجرتها "ويبر شاندويك"، قال 77% من المستخدمين إنهم يتعرّفون إلى الأخبار العاجلة والقضايا السياسية من خلاله. وأظهرت دراسة لمركز بيو للأبحاث أن معظم مستخدمي "تيك توك" في الولايات المتحدة يرون المحتوى الإخباري تلقائيًا على التطبيق، حتى وإن لم يبحثوا عنه، حيث يعتمدون كثيرًا على المؤثرين والمشاهير للحصول على المعلومات، كما لو كانوا صحافيين. هذا التحول جعل من "تيك توك" أداة رئيسة للحملات الانتخابية الأميركية، فيستخدم كل حزب المنصة للتواصل مع الجيل زد عبر مؤثري "تيك توك" الذين يقدمون محتوى سياسيًا مزيجًا من الفكاهة واللغة الشبابية. وقد أظهر استطلاع لشبكة إن بي سي أن 88% من ناخبي هذا الجيل يخططون للتصويت في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
"تويتش": ساحة اللعب والسياسة
برزت منصة تويتش قوة سياسية في العام 2020، عندما قامت النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز ببث جلسة لعب للعبة "أمونغ آس"، التي تحوّلت إلى واحدة من أكثر جلسات البث مشاهدة في تاريخ المنصة. منذ ذلك الوقت، أصبحت "تويتش" مركزًا للتفاعل السياسي مع الناخبين الشباب الذين يفضلون منصتها السريعة وغير الرسمية مقارنة بالقنوات الإخبارية التقليدية. خلال الحملة الانتخابية الحالية، عادت أوكاسيو-كورتيز مجددًا إلى "تويتش"، فبثت ألعابًا مثل Madden NFL وCrazy Taxi، فيما تفاعل المشاهدون مع مزيج من الألعاب والنقاشات السياسية. السيناتور بيرني ساندرز بدوره استغل "تويتش" في بث جلسات ناقش خلالها السياسة والترفيه مع ضيوف مشاهير مثل مارك هاميل ومارك كوبان. ميزة "تويتش" تكمن في البث الطويل والمباشر، ما يسمح بمساحة واسعة لمناقشة قضايا سياسية بتفاصيل دقيقة، وهو ما يميزه من منصات أخرى مثل "تيك توك" التي تعتمد على المقاطع القصيرة. تتيح خاصية الدردشة المباشرة للمشاهدين فرصة التفاعل الفوري مع صناع المحتوى، ما يعزز التواصل والنقاش حول الموضوعات المختلفة.
في يوليو/تموز الماضي، دُعي مائة مؤثر محافظ لحضور المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي، فيما استضاف المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو أكثر من 200 صانع محتوى بهدف الوصول إلى جمهور الإنترنت. هذا التوجه يعكس تحولًا كبيرًا، إذ أظهرت الدراسات أن 30% فقط من الجيل زد يحصلون على أخبارهم من الشبكات التلفزيونية، في ما يفضل 63% منهم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة الأخبار مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا. على الرغم من الطابع غير المتوقع للمحتوى على هذه المنصات، أصبحت الأحزاب السياسية تدرك تأثيرها المتزايد، فتعزز علاقاتها بصناع المحتوى على أمل التواصل مع أكبر شريحة ممكنة من الناخبين الشباب الذين باتوا يشكلون قاعدة انتخابية لا يمكن تجاهلها.