قال بنك روتشيلد، اليوم الثلاثاء، إنه دشن مكتبًا لإدارة الثروات في دبي لتعزيز خدماته للعملاء المحليين، وكذلك الأفراد الأثرياء في الشرق الأوسط، وذلك بعد طرق مؤسسات مالية أخرى لأبواب السوق المتنامية. ويعود هذا البنك بملكيته إلى عائلة روتشيلد، التي أسهمت بشكل وثيق في تأسيس "إسرائيل".
وقال البنك في بيان إن المكتب الجديد، الذي بدأ العمل بالفعل، سيخدم العائلات ذات الثروات الضخمة ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية والمؤسسات، مضيفًا أن فريق العمل المعني بالشرق الأوسط الذي يتخذ من جنيف مقرًا، سيستفيد الآن من خبراء محليين. وقال ساشا بنز، رئيس إدارة الثروات في البنك لمنطقة الشرق الأوسط، الذي سيرأس المكتب، لرويترز: "باعتبارها مركزًا ماليًا يتمتع بتركيبة سكانية مثيرة للإعجاب، ومع تزايد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دبي سوق جذابة للغاية بالنسبة إلى روتشيلد أند كو".
كان اللورد جاكوب روتشيلد، زعيم العائلة، قد توفي في نهاية فبراير/ شباط الماضي، عن عمر يناهز 87 عامًا، ويعتبر إحدى أبرز الشخصيات المالية البريطانية والمؤيد القوي لإسرائيل. وشارك اللورد الراحل كثيرًا في دعم المجتمعات اليهودية في مختلف أنحاء أوروبا من خلال قيادته لمؤسسة روتشيلد (هاناديف) أوروبا. بالإضافة إلى ذلك، شغل منصب الرئيس الفخري لمعهد أبحاث السياسة اليهودية.
دعم تاريخي من عائلة روتشيلد
لكن تفانيه في خدمة القضايا اليهودية وإسرائيل وأيديولوجيتها المؤسسة للصهيونية كان أيضًا حجر الزاوية في عمل حياته. ونشر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رسالة حزن أشاد فيها بالراحل روتشيلد. وكتب نتنياهو: "أبعث بأحرّ التعازي لعائلة روتشيلد بوفاة اللورد جاكوب روتشيلد، رجل الأعمال الخيري المشهور عالميًا والداعم الكبير لدولة إسرائيل". وأضاف: "في القرن التاسع عشر، قدم البارون روتشيلد مساهمات لا غنى عنها لتأسيس الدولة اليهودية المستقبلية. وفي القرنين العشرين والحادي والعشرين، واصل اللورد جاكوب روتشيلد هذا التقليد الفخور. وسيتذكره شعب إسرائيل بالامتنان والتقدير الأبدي".
بصفته رئيسًا لمؤسسة ياد هنديف، مؤسسة عائلة روتشيلد في إسرائيل، أشرف على مساهمات كبيرة للمؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك الكنيست والمحكمة العليا والمكتبة الوطنية لإسرائيل، وقد شيّدت عائلة روتشيلد مبنى البرلمان الإسرائيلي وتبرعت به، وكان مبنى المحكمة العليا في إسرائيل أيضًا تبرعًا من العائلة؛ وكذا ساهمت في تطوير المكتبة الوطنية لإسرائيل.
من المعروف أن اللورد روتشيلد زار إسرائيل بشكل متكرر، معربًا عن ارتباط شخصي عميق بها. وسلالة روتشيلد لعبت دورًا ليس بالهيّن في الشروع بتهجير الفلسطينيين.
تأسيس "إسرائيل"
يعود دعم عائلة روتشيلد الواسع للصهيونية إلى إدموند دي روتشيلد. عرض إدموند مساعدة مالية كبيرة لدعم الهجرة اليهودية إلى فلسطين العثمانية التي أصبحت فيما بعد فلسطين الانتدابية تحت الحكم الإمبراطوري البريطاني.
واصل ابن إدموند جيمس دي روتشيلد وزوجته دوروثي هذا الإرث، وحافظا على علاقة وثيقة بالزعيم الصهيوني حاييم وايزمان. أثبتت علاقاتهما داخل المجال السياسي البريطاني بأنها حاسمة في تسهيل إعلان بلفور سيء السمعة في العام 1917، الذي عبّر عن دعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
واصل جيمس عمل والده من خلال تأسيس ياد هاناديف بعد دفن إدموند في "إسرائيل"، في العام 1954. وفي مقابلة نادرة في العام 2017 بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان بلفور، وصف اللورد الراحل جاكوب روتشيلد الإعلان بأنه "معجزة" وناقش تفاصيل غير معروفة سابقًا حول الدور الرئيسي لابنة عمه دوروثي في الأحداث.
وقد أكد دور حاييم وايزمان، "العالم الفقير" الذي أسر شخصيات بريطانية، بمن فيها أفراد من عائلة روتشيلد. وفي نهاية المطاف، أقنعت قوة وايزمان الإقناعية شخصيات رئيسية مثل اللورد بلفور ورئيس الوزراء لويد جورج بدعم فكرة الوطن القومي اليهودي في فلسطين، متجاهلين حقوق سكانها الأصليين.
لقد تطرق اللورد روتشيلد إلى الديناميكيات العائلية المعقدة في ذلك الوقت. ففيما أصبح قريبه والتر روتشيلد، وهو عالم طبيعة غريب الأطوار، ملتزمًا بشدة بالصهيونية في وقت لاحق من حياته، كان لدى بعض أفراد الأسرة تحفظات بشأن تأسيس إسرائيل. وقد أعرب جاكوب روتشيلد نفسه عن ارتباط قوي بإسرائيل، حيث كان يزورها كل عام منذ ستينيات القرن العشرين. وكان عم جاكوب الأكبر، اللورد والتر، هو الذي حصل على وعد بلفور.
كان والتر روتشليد مقربًا جدًا من زعيم الحركة الصهيونية ورئيس إسرائيل لاحقًا حاييم وايزمان، وكان من المشاركين في صياغة وعد بلفور الذي أرسل إليه الرسالة المشهورة التي تعرف حاليًا بوعد بلفور. والتقى روتشيلد ووايزمان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في يونيو/حزيران 1917، وطلب الأخير منهما صياغة مسوّدة بيان يعكس وجهة نظر الحركة الصهيونية حول فلسطين، ليصار إلى عرض البيان على الحكومة البريطانية للنظر فيه، وهو ما جرى بعد مداولات عديدة داخل قيادة الحركة الصهيونية.
وافقت حكومة لويد جورج على البيان في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 1917 وأرسله بلفور إلى رئيس قيادة الحركة الصهيونية في إنكلترا، روتشيلد. ووجه بلفور في 2 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1917 رسالة إلى والتر روتشيلد، تعهد فيها بوقوف بريطانيا إلى جانب الحركة الصهيونية في سعيها لإقامة وطن لليهود في فلسطين، وهو ما عرف لاحقًا بـ "وعد بلفور".