اوراق خاصة

بين قمم الذل العربية وميدان المقاومة..دورنا بإعلام يعلي صوت الحق

post-img

في أثناء انعقاد القمة العربية غير العادية كنت أفكر بكتابة مقال؛ وكانت النية هي التركيز على الخطابات الحقيقية التي تخدم موقف المقاومة وتجاهل ما يمكن أن ينتقص من فعل الدفاع عن الحق، ولكن مع وقاحة الزعماء العرب في القمة استثنائية وأقوالهم المستفزة حيال مسألة وقف الإبادة الإنسانية بحق الشرفاء العرب، ذهبت الكتابة إلى إظهار الأبعاد الدنيئة للمتآمرين على قضايا المقاومة منذ بدايتها إلى اليوم.

الشيء الذي بدا واضحًا، في القمة الهزيلة، هو ذاته المتكرر في كل قممنا العربية الانهزامية، لكنها اليوم أكثر انهزامية وأشد تواطؤًا مع كيان العدو إرضاء للأم أمريكا وأذيالها في العالم.. فعندما تتحول قمة عربية إلى مجلس لتبادل التبجيلات واستحقاق البروتوكولات الدبلوماسية، والتي باتت بعيدة عن مضمون الغاية منها، في أخذ البلاد إلى سلام حقيقي بعد دحض أسباب الظلم والاعتداءات، لكنها الآن تكرس واقعًا سياسيًا يتصف بالغباء وبصنع واقع يفتقر إلى الإنسانية..

هذه القمة هي تمثيل حيّ لمثل ذلك التكريس، فالشعبان الفلسطيني واللبناني، اليوم، لا يحتاجان إلى قمم أو اتفاقيات، لا يحتاج إلى من ينكر الحرب؛ بل الى من يخوضها ويبذل الجهد للانتصار فيها..

قضية فلسطين بالنسبة إلى محمود عباس، الرئيس من دون دولة محررة، يجدها قضية لترؤسه شبه دولة لا أكثر، إلى مستوى أنه وأمام مأساة إبادة للشعب الفلسطيني جاءت كلمته بنكهة التلوين الأدبي؛ وكأنه يلقي أبيات شعر مبطنة تبجيلية بقوة العدو، بحسب اعتقاده.. فهو الذي رضي التقسيم، وهو ذاته الذي يمارس طقوس التذلل والتنحي عن المسؤولية المباشرة حيال كل إجرام أصدقائه.. هو اختصر معاناة شعبنا الفلسطيني ببضع مطالب موجهة للآخر المجرم الذي هو سبب بقاء عباس رئيسا لأقدس بلد.. وهذا بحد ذاته انتهاك لطهارة فلسطين، والتي يليق بها قادة المقاومة الفلسطينية ..!

.. هذا؛ وما أبعد اليمن العزيز عما جاء على لسان رشاد محمد العليمي، ففي حين تقدم المقاومة اليمنية التضحيات والمساندات دعما لقضية الحق؛ نجد العليمي يجد القمة فرصة جديدة لبث الحقد الطائفي والابتعاد عن محور القمة الأساسي والمفروض الوحيد، فقد توجه بكلامه عن اتهام المقاومة اليمنية والتعبير عنها على أنها "ميليشيات إرهابية" كما حزب الله برأيه، فأثمرت كلمة رئيس اليمن عن جملة عبارات محرضة ضد المقاومة في حين أن ثمة قضية تحتاج إلى اجتماع المقاومة وليس تمزيقها ..

عبد الفتاح السيسي لم يكن أقل دونية منه، فالجميع يندد، وهو أيضا لم يقصّر وندد وزاد، في حين أن حرب الكرامة العربية تحتاج إلى التنظيم والتوحيد، وليس الانسحاب الكلي من مواجهات الميدان...

المتابعة في عرض ما جاء في الكلمات المسيّسة، والمتكئة على طرف الجدار المهدم، هي متابعة لن تكون مجدية في كشف أوراق العمالة القمميّة المتكررة، إنّما المجدي فعلا هو متابعة العمل الإعلامي الضخم الذي يعمل نحو إخضاع الشعوب العربية، وأيضا شعوب العالم، وفضح هذا الإعلام من أجل الانتفاضة للكرامة العربية ورفض المؤامرات الحكومية المتحالفة مع العدو، والتي تسعى جاهدة لتشوه الفكر المقاوم الباحث عن الحرية والاستقلال من أشكال الاحتلال المختلفة..

المقاومات اللبنانية والفلسطينية والسورية واليمنية والعراقية، هي مقاومات مشروعة، ولا يحق لأي قمة في العالم أن تنتقص من قدسيتها، وعندما يحدث ذلك سيكون من واجبنا جميعًا إحداث الضجيج الداعم لها في كل مكان في العالم، ميدانيًا وإعلاميًا، فمن يقف على الجبهة لا يجوز أن يكون وحيدًا في المعركة، واجبنا أن نقف في ضهره وقفة مواقف ليس مجرد أمنيات.

الميدان هو الفصل الحقيقي والفصل الحق.. ولسنا بمنأى عن مسؤوليتنا الإعلامية وإعلاء وت الحقيقة، ونحن خارج ميدان الجبهات العسكرية.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد