* حسن العاشور/ شاعر وكاتب عراقي
إنّ قوة الصهاينة تبرهن على لؤمهم الذي ينزع إلى الإجهاز على كل شيء، وصولاً إلى الإجهاز على نفسه، فالنزعة الإجرامية المتأصلة في نفوس الصهاينة أضحت مسلّمة حمصتها الممارسات المطردة التي بدت جلية لكل انسان، وإن تمتع بأدنى قدرات التمييز، نجدها في قطاع غزة في فلسطين المحتلة، وفي لبنان، وبالخصوص في جنوبة وبقاعه والضاحية الجنوبية لعاصمته بيروت.
الصهاينة بحق أوضح مصاديق اللئيم اذا شبع، في المأثور عن أمير المؤمنين عليّ (ع) قوله: "إِحْذَرُوا صَوْلَةَ الكَرِيْمِ إِذَا جَاعَ وَاللَّئيْمِ إِذَا شَبَعَ"، ويُفهم الجوع والشبع هنا على أنهما متعلقان بإمكانات الحياة الموضوعية ومقوماتها، فالشبع هو تسلط الذات على الموضوع، والجوع هو تسلط الموضوع على الذات. والذات الكريمة لا يرهق وجودها الجوع، أي تسلط على الموضوع وقهره لها؛ لأنه وجود متأصل متطلع نحو كماله المزين بالفضائل، واذا ما شبعت، أي تسلطت على الموضوع سوف تضفي عليه كثيرًا من فضائل كمالها.
أما الذات اللئيمة، فعلاوة على أن الجوع، أي تسلط الموضوع وقهره لها، يجهز على وجودها المتهالك المتهاوي تسافلاً نحو انتفائه، وإذا ما شبعت، أي تسلطت هي على الموضوع، سوف تفرغ عليه كثيرًا من قبائح نقصها. وهذا ما نشاهده بشكل مستمر في غزة ولبنان، من قتل عشاوائي لا تمارسه حتى الوحوش الجائعة، فالوحش الجائع اذا اصطاد فريسته اكتفى.. أما الصهاينة فيظهرون تعطشا للقتل تعافه أدنى مستويات النفس الإنسانية، ولا يكتفون بالقتل، إنما يمعنون في الجريمة فيمثلون بالجثث، بمنع الوصول إليها ودفنها، لتترك عرضة للتفسخ ونهش الحيوانات، وتلك قذارة ما بعدها قذارة.
لا يظنن أحد بوجود ود وحرص للصهاينة على بعضهم البعض.. إن هذا المظهر يخفي وارءه نفسًا شريرة، عندما تصطدم نوازعها مع أحد أيًا كان قربه سوف تمارس الإجرام نفسه الذي مارسته في غزة ولبنان معه.
إن مستوى الاجرام الذي وصلت إليه المؤسسة الصهيونية هو مفجع للنفس الإنسانية السوية، يكشف عن لؤم مروع، ويكشف في الوقت نفسه عن قرب انهيار تلك المؤسسة، وربما قريبا نرى هذا اللؤم يفجر نفسه ويجهز عليها بحرب أهلية، إذا ما حدثت ستكون كافية لمحو كيانها من الوجود، فهي كالنار التي ستحرق نفسها.