أطلقت التعديلات التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، الأربعاء، على المناهج التربوية جدلًا واسعًا بين السوريين على منصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومنتقد للقرارات الجديدة. وكانت وزارة التربية والتعليم قد عمّمت لوائح بالتعديلات على المناهج في سورية من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي. تضمنت التغييرات حذف الفقرات والعبارات التي تشير إلى نظام الأسد البائد وتمجده، كما إلغاء مادة التربية الوطنية للعام الحالي، نظرًا "لما تحتويه من معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه"، بحسب وزير التعليم نذير القادري.
رحب البعض بإعلان الوزارة، فكتب قاسم عبر حسابه على منصة إكس: "قرارات وزارة التربية صحيحة، منهاج نظام الأسد مغلوط بالكامل وتاريخ مزور، القرارات صحيحة وتراعي منهاج بقية المناطق في سورية، مثل إدلب وشمال سورية، وأصبحت جميع المحافظات السورية المحررة بنفس المنهاج تقريبا، حتى يتم وضع منهاج جديد لسورية في العام الدراسي الجديد".
كما كتب عبد الله: "إلغاء مادة القومية البعثية من مناهج الدراسة في سورية كان حلمًا لم نظن يومًا أننا سنشهده يتحقق، ما زلت أظن أنني في حلم وأتمنى ألا أستفيق منه".
إلغاء مادة القومية البعثية من مناهج الدراسة في #سوريا كان حلمًا لم نظن يومًا أننا سنشهده يتحقق، ما زلت أظن أنني في حلم وأتمنى ألا استفيق منه.
لكنّ الاعتراضات جاء على تعديلات أخرى، شملت حذف الكثير من الدروس العلمية وعدد من الشخصيات التاريخية، إضافةً إلى تعديل الكثير من العبارات الواردة في نصوص الكتب المدرسية، فاستبدل تفسير عبارة المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى بدلًا ممن أضلوا طريق الحق، واستبدال تفسير الصراط المستقيم بطريق الإسلام بعد أن كان صراط الخير.
كذلك استبدل مبدأ الأخوة الإنسانية بالأخوة الإيمانية، ومفهوم الشهيد الذي كان كل من ضحى للدفاع عن تراب الوطن، ليصبح كل من ضحى في سبيل الله فقط. فضلًا عن حذف دروس نظرية التطور في مادة العلوم.
كتبت الصحافية السورية علا شفيع عبر حسابها على منصة إكس: "إذا كان تغيير الدستور ع نمط تغيير المناهج الدراسية وبنفس النسق.. فنبشركم بمستقبل واعد للجيل القادم.. الآن فهمنا لماذا يحتاج تغيير الدستور أربع سنوات".
بدوره، رأى ماهر على "إكس" أن الحكومة الانتقالية اتخذت "قرارًا خاطئًا جديدًا"، مؤكدًا أنه "لا يجوز تغيير مناهج التعليم في سورية" من دون دراسة منهجية محكمة مبنية على أسس وقواعد علمية مع الأخذ بآراء الخبراء.
رأى أن "تعريض الشعب لهذه الجرعات اليومية من القضايا الجدلية، يؤدي الى نفور الناس، وبث الشك واليأس وانخفاض الآمال، وهذا آخر ما نحتاجه في وضعية بلد منكوب في سورية حيث كل الآمال مبنية على الشعب، لذلك تقضي الحكمة سد باب الذرائع وقطع الطريق على الفتن، ومراعاة الشعور العام، والابتعاد عن الأمور الثانوية التي نملك متسعًا من الوقت لدراستها وترميمها". وفيما أكدت الصحافية ريما نعيسة على ضرورة تغيير المناهج، "خاصة تلك التي تتضمن كلمات للأسد أو بثينة شعبان وزميلتها سابقًا نجاح العطار"، رأت أن "التعديلات التي حدثت على المناهج مؤخرًا تعكس توجهًا عامًا وسلوكًا تأسيسيًا تغليبيًا واضحًا".
قال جهاد الحوراني عبر "إكس": "صُدمنا اليوم بعدد من التغييرات السافرة التي تجافي المنطق وتندرج تحت بند التأثير الأيديولوجي للسيد الوزير، وذلك أن المباحث العلمية المتعلقة بنظرية التطور، وبصرف النظر عن الجدل العالمي حول جدوى اعتبارها بديلًا لنظرية الخلق، تضم العديد من الفروع العلمية الهامة التي تُدرس في أرقى جامعات العالم ولا يمكن حذفها أو القفز فوقها".
كما انتقد "حذف العديد من الفقرات والتفاصيل التي تُشير إلى الديانات القديمة في سورية، وقصص زنوبيا وما شابه"، متسائلًا: "كيف لنا ونحن نرى دول العالم حرفيًا تختلق تاريخًا مزورًا وقصصًا وأساطير لتستقطب السياح والزوار أن نقوم بالتنكر لتاريخنا بجرة قلم؟!". وأدت الاعتراضات الواسعة على التعديلات التي أدخلتها الوزارة على المناهج في سورية إلى تراجعها عن قرارها، إذ أكد وزير التربية والتعليم نذير القادري في بيان مقتضب نشر عبر حسابات الوزارة على منصات التواصل أن "المناهج الدراسية في جميع مدارس سورية ما زالت على وضعها حتى تُشَكَّل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها".
أضاف القادري: "وجهنا فقط بحذف ما يتعلق بما يمجد نظام الأسد البائد واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدل علم النظام البائد في جميع الكتب المدرسية"، وتابع: "ما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فاعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة".