أوراق ثقافية

جواد حرودة: فنّانو غزة ليسوا «خارج التغطية»

post-img

بعد انتقال الممثل الفلسطيني جواد حرودة من قطاع غزة إلى القاهرة حيث سيُكرّم عن دوره في فيلم «فنانو غزة: هل تسمعوننا؟»، يحلم ذات ليلة بأنه لا يزال في غزة، وتعصف به مشاهد مؤلمة للدمار والقصف والجرحى، ويطارده الحلم في اليقظة كما في المنام، قبل أن يتحول إلى حقيقة واقعة مع خبر مؤلم يصله عبر شاشة التلفزيون.

ما ورد أعلاه، ليس سوى بعض أحداث الفيلم القصير «خارج التغطية»، التي تتطوّر بعد ذلك لتخلص إلى نتيجة واحدة: أن الفلسطيني لا يستطيع أن يهنأ ـــ حتى في لحظات الفرح المفترضة ـــ بأي راحة أو سعادة، وأنّ صوت المأساة يبقى حاضرًا في حياته مهما حاول الهروب.

الفيلم يؤدي حرودة بطولته وحيدًا من دون أن ينطق طوال الفيلم بكلمة واحدة، إذ تنوب الحركة عن الحوار في إيصال الحدث إلى ذروته، ولا يخرق هذا الصمت سوى صوت مذيع الأخبار، وصوت مقدّمة احتفال التكريم في المشهد الأخير.

في دلالة على تعاون الفنانين الفلسطينيين في كل مكان، لفت حرودة إلى أنّ فكرة الفيلم هي للممثل والمخرج نضال مهلوس من القدس المحتلة، بينما أعدّ السيناريو الكاتب والمخرج المسرحي خالد خماش من قطاع غزة، وتولى محمد فتحي أعمال التصوير والمونتاج التي جرت في القاهرة تحت إدارة المخرج فتحي عمر.

استندت فكرة الفيلم إلى مشاركة حقيقية لحرودة في الفيلم الوثائقي القصير «فنانو غزة: هل تسمعوننا؟» قبل أشهر، مع الفنان التشكيلي محمد الديري والمنشدة اليافعة لمى جنينة، والذي أنتجته مؤسسة «أريج» وأخرجه مصطفى النبيه.

يرصد الوثائقي عبر روايات أبطاله الذين نزحوا من أماكن مختلفة في قطاع غزة مرة تلو مرة لينتهي بهم المطاف في أحد المخيمات في رفح، لتحاصرهم حياة النزوح الجديدة بمتطلباتها الكثيرة، وينهكهم اللهاث اليومي خلف أدنى مقومات الحياة، مانعًا كلًا منهم من مواصلة مشروعه ومطاردة حلمه.

في حديث معنا، يؤكد حرودة أنّ الإنتاج الفني في غزة هو القطاع الوحيد الذي لم يتأثر أو يتوقف عن العمل في ظل العدوان الهمجي على غزة، مشيرًا إلى أنّ النشاط الفني ربما تجاوز أثناء الحرب معدّلاته الاعتيادية، إيمانًا من الفنانين بأنّ «شعبًا لا يجيد الفنّ لا يجيد القتال»، وأنّ دورهم يزداد أهمية في هذه اللحظة التاريخية، وأنّ الصعوبات، مهما بلغت، ينبغي ألا تثنيهم عن مقصدهم النبيل.

يذكّر هنا بمشروع المخرج الفلسطيني الشهير رشيد مشهراوي «من المسافة صفر»، الذي ضمّ 22 فيلمًا قصيرًا لـ22 مخرجًا فلسطينيًا من قطاع غزة وثّقت العدوان على القطاع، مقدّمةً رؤية سينمائية عن الحياة اليومية وآمال السكان وواقعهم في ظل الحرب.

في ختام حديثه معنا، يستعير حرودة، الذي يزاول التمثيل منذ عام 1973 وفي جعبته عشرات المسلسلات ومئات المسرحيات، عبارة من شخصية «أبو الشر» التي أداها في مسلسل «ليالي الصيادين» (1996): ما بين الأمس واليوم وجع يكبر حتى يحصد ما تبقّى لنا من بقايا حياة. غزّة لن تموت وستنهض ذات يوم لتعرّي الوجوه المنافقة التي سرقت حصّتنا من الهواء».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد