«يا قبّاري»، بهذه العبارة نسمع إحدى نساء الجنوب تنعى الشهيد في تشييعه، في الفيلم القصير «قالت أمّي في روايتها» (9 دقائق)، الذي يحمل توقيع اللبنانية الشابة فاطمة جمعة. يُعرض الوثائقي التجريبي للمرة الأولى اليوم، ضمن مهرجان «شاشات الواقع» الذي تنظّمه سينما «متروبوليس» (مار مخايل، بيروت).
تردّدت جمعة بشكل دائم إلى الجنوب منذ بدء العدوان الصهيوني المستمر على قراه الحدودية، لتوثّق جبروت نساء الجنوب الصامدات، اللواتي يبكين الشهداء، ثمّ يواصلن السير على نهجهم المعادي للصهيونية من دون مساومة. اليوم، تفتتح فيلمها القصير بإهداء خاص إلى «أم الشهيد وزوجة الشهيد»، ويأتي هذا الفيلم كجزء أول من سلسلة أفلام وفيديوهات غير معنونة، تتناول الجنوب ونساءه.
يتقاطع الفيلم بين مشاهد من الجنوب، لتشييع الشهداء وللنساء الصامدات، مع أصوات النعي والبكاء، الحب والصمود، والحقد تجاه العدو الأبدي «إسرائيل». تتقاطع هذه المشاهد والأصوات أيضًا، مع تعليقات مستمدة من رواية والدة جمعة، ليلى العيتاوي، الصادرة عام 2017 بعنوان «حب بلا مقاومة». تحكي الرواية قصة متخيّلة بدأت أحداثها عام 2000 وامتدت إلى ما بعد الحرب الصهيونية على لبنان في تمّوز (يوليو) 2006.
«كثيرون تحدّثوا عن الحب، لكن الحب كما الرب، كلٌ يدركه بحسبه!»، هكذا يأتي أحد التعليقات التي تختارها جمعة من رواية والدتها لتحتل شاشة فيلمها. هو فيلمٌ عن الحب، ذلك الذي يُتعب نساء الجنوب. وهو أيضًا فيلم عن الصمود والتضحية والإيمان برجال المقاومة ضد العدو الأزلي والزائل. بتقاطع عناصره وتلاقيها، يوثّق الفيلم شخصيّة المرأة الجنوبية الحرّة التي تحب بلا مقابل، وتستمد القوّة من انكساراتها.
تصف جمعة فيلمها، بأنّه «لا يحاول إثبات أو برهنة واقع، بل فرض واقع مستنبط من المجتمع. يحاول الاقتراب من الحقيقة، تخيل اللامرئي، بعد إمعان النظر في ما يُمكن أن يُقتحم بآلة التصوير. كل المشاهد التي نراها بأعيننا في هذا الفيلم، تحاول أن تدلنا على ما هو باطني، لنقترب من معنى الجمال وارتباطه بالحقيقة».