أوراق اجتماعية

إدارة الإعاقة خلال الحرب: الفشل ذريع

post-img

صحيفة الأخبار 

خلّفت الحرب الإسرائيلية الأخيرة آلاف المعوقين من جرحى الحرب وتفجير أجهزة «البيجر» واللاسلكي، ودماراً يشكّل - رغم بشاعته - فرصة لإعادة الإعمار وفق معايير دامجة خاصة في المؤسسات العامة. لذلك، رغم زحمة الملفات العاجلة، يأمل المعنيون بأن ينال ملف الإعاقة حيّزاً من اهتمام الحكومة العتيدة بعد عقود من التهميش، وبإعادة النظر في إدارة ملف الإعاقة في الأزمات، خصوصاً بعد «الفشل الكبير» في الحرب الإسرائيلية الأخيرة. فـ«خلال حرب الـ 66 يوماً، فشلنا في إدارة ملف الإعاقة، بعدما تخلّت الحكومة عن هذه الفئة وخرجت بخطة طوارئ لم تأتِ على ذكرهم، ولم يغطِّ المجتمع الأهلي والمدني أكثر من 20% من حاجتهم لأسباب عديدة»، وفق رئيسة «الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً» سيلفانا اللقيس. فيما «تباطأت» المنظمات الدولية في الإغاثة بعد غياب طوال فترة حرب الإسناد على وقع الضغوطات السياسية. حجة جميع هذه الأطراف بعدم استعدادها للاستجابة لحاجات العدد الضخم من النازحين لا تقنع اللقيس، فخلال سنة من حرب الإسناد كان الوضع مهيّأ للانفجار في أي لحظة، «ولم تؤخذ مناشداتنا لإنشاء وحدة للإعاقة في إدارة مخاطر الكوارث على محمل الجدّ».

بدأ الفشل في إدارة الإعاقة مع بدء النزوح، إذ تُرك الأشخاص المعوقون لمصيرهم. وتفنّد اللقيس ثغرات الاستجابة لمسألة الإيواء، «من رفض استقبال الشخص المعوق من دون عائلة أو مساعد يهتم به في أي مركز نزوح، وعدم توزيعهم على المراكز الدامجة التي جهّزتها منظمة اليونيسف. كما لم تفلح نقاط الارتكاز التي وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية في تصرّف الأشخاص المعوقين في التخفيف من وطأة الأزمة بسبب قلة عدد الأماكن الشاغرة في جمعيات الرعاية مقابل عدد النازحين الكبير الذين يحتاجون إلى مأوى يتناسب مع احتياجاتهم، فضلاً عن إهمال حاجات الأشخاص المعوقين والنقص في الأدوات والأجهزة، الأمر الذي تسبب، مثلاً، في وفاة سيدة معوقة حركياً من العقر نتيجة النوم على فرشة رفيعة وغير ملائمة لوضعها».

وفي السياق نفسه، لحظت رئيسة «الجمعية اللبنانية للمناصرة الذاتية» فاديا فرح «إهمال الأشخاص المعوقين ذهنياً والتعامل معهم وكأنهم آتون من كوكب آخر نظراً إلى الجهل المجتمعي لماهية الإعاقة الذهنية وكيفية التعامل معها. وهذا عقّد الأمور كثيراً على الشخص المعوق وأهله، لذلك فضّل كثير من النازحين استئجار منزل أو البقاء لدى الأقارب حتى لا يزعجوا أحداً وليتفادوا التنمر».

خروج الأهالي من منازلهم على عجلة تحت القصف وظروف النزوح السيئة، كل ذلك لم يتح لهم وقتاً ليشرحوا لأولادهم المعوقين ذهنياً ماذا يجري حولهم فساءت حالتهم كثيراً، فيما «كان يجب أن يُكلّف في مراكز الإيواء والوحدات السكنية من يتولى هذا الأمر عن الأهالي، وألا يطغى عليهم همّ تأمين الفرش والأغطية على حساب العناية بالولد ولا سيما المعوّق ذهنياً».
ولا تنتهي فصول التحديات مع وقف إطلاق النار، إذ يتواصل نزوح عدد من الأشخاص المعوقين الذين فقدوا منازلهم، ومنهم من فقدوا أعمالهم أو خسروا أجهزتهم تحت الركام. كما أن إيجاد منزل لا تعتريه العوائق الهندسية بديلاً عن المتضرر ليس أمراً سهلاً، في ظلّ أزمة الإيجارات السكنية في الأماكن التي تعرّضت للقصف و«الشحّ» في الأبنية المهيّأة لاستقبال الأشخاص المعوقين.

وعليه، التأم مجدّداً task force، يضم جمعيات الإعاقة مع عدد من المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة مثل «اليونيسف» وبرنامج الغذاء العالمي و«هانديكاب إنترناشونال»، الإثنين الماضي، استكمالاً لسلسلة اجتماعات عُقدت خلال الحرب، «لمعالجة تحديات النزوح المستمرة ولتقييم الخسائر والخروج بتوصيات من هذه الحرب»، بحسب أحد المؤسّسين للـ task force الناشط في مجال الإعاقة إبراهيم عبدالله، مشيراً إلى أنه على رأس جدول الأعمال «التحضير لورشة عمل تخرج بصياغة محددة لخطة طوارئ للإعاقة يمكن للحكومة دمجها في خطة الطوارئ العامة».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد