هتاف دهام (لبنان 24)
قال مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في تصريح، انه"يمكن للبنان أن ينضم إلى "اتفاقيات أبراهام" للسلام، كما يمكن لسورية أن تفعل ذلك أيضًا"، في إشارة إلى التطبيع مع "إسرائيل"، وتوازيًا كان وزير الحرب "الإسرائيلي" يسرائيل كاتس صرح أن قواته "ستبقى إلى أجل غير مسمى" في المنطقة العازلة على طول الحدود مع لبنان حصلنا على ضوء أخضر أميركي، قدمنا لهم خريطة وسنبقى إلى أجل غير مسمى، الأمر يعتمد على الوضع لا على الوقت".
ما صرح به ويتكوف ليس جديدًا، وقد أوضح النائب وائل أبو فاعور أن الإدارة الأميركية الحالية ستدفع في اتّجاه الصلح مع "إسرائيل"، وقد فاتحت مسؤولين لبنانيين أساسيّين وشخصيات كبيرة في لبنان بهذا الأمر، الذي تمّ رفضه، قائلًا: "لم يتكلّم أحد معنا بهذا الموضوع لأن موقفنا معروف، وأقصى ما يمكن أن نصل إليه مع "إسرائيل" هو اتفاقية الهدنة.
اذن في المرحلة المقبلة سيتعزز المنطق الداعي إلى الصلح مع "إسرائيل" وهنا ستكون الطامة الكبرى التي من الممكن أن تخلق نزاعًا داخليًّا في لبنان، كما قال أبو فاعور، بالتوازي شدد الرئيس السابق للحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أمس من قصر بعبدا على أن الخطر الصهيوني يتمدد، مؤكدًا أن الأمن القومي العربي يبدأ من لبنان وسورية والأردن، داعيًا الدول العربية إلى التحرك الفاعل في مواجهة هذه التحديات.
يعتقد العقيد المتقاعد أكرم سريوي أن "إسرائيل" لن تخرج من لبنان في المدى المنظور كما قال وزير الحرب "الإسرائيلي" لعدة أسباب: أولًا هي تريد أن تظهر أمام المستوطنين بصورة المنتصر، وأن لها اليد العليا في الحرب مع لبنان وتحديدًا ضدّ حزب الله.ثانيًا هي تريد فرض منطقة عازلة، لمنع عودة السكان، ومنع إعادة الإعمار في القرى الحدودية، ليس لأن العودة تُشكّل خطرًا على "إسرائيل"، بل لأنها تسعى لتهجير أهالي الجنوب، تمهيدًا لمشاريع الضم والاستيطان. ولطالما تحدث "الإسرائيليون" عن أن حدود "إسرائيل" الشمالية، هي مجرى نهر الليطاني. ثالثًا تريد "إسرائيل" الضغط على الحكومة اللبنانية لتوقيع اتفاق سياسي جديد، ولقد سمعنا التصريحات الأميركية والإسرائيلية عن إمكانية ووجود فرص للتطبيع بين "إسرائيل" ولبنان وانضمام لبنان إلى اتفاقات أبراهام، وكذلك سورية أيضًا. رابعًا تريد "إسرائيل" ربط انسحابها من النقاط المحتلة، بنزع سلاح حزب الله بشكل كامل، ليس في جنوب الليطاني وحسب، بل في كامل الأراضي اللبنانية.
ويقول سريوي: تحاول "إسرائيل" الاستفادة من الانقسام اللبناني حول مسألة المقاومة، وتضغط لزيادة الشرخ، ففي حين يتمسك حزب الله بأن السلاح شمال الليطاني شأن لبناني، يُبحث على طاولة حوار، ضمن الاتفاق على إستراتيجية دفاعية، تريد "إسرائيل" الدفع نحو الصدام الداخلي بين الجيش والمقاومة، مستغلةً مواقف بعض الأطراف اللبنانيين، الداعية إلى تسليم سلاح الحزب فورًا، وقبل اكتمال الانسحاب الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تتّخذ ذريعة من بقاء سلاح حزب الله شمال الليطاني، لتبرير احتلالها وانتهاكاتها المتكرّرة للسيادة اللبنانية، وتريد تحويل لبنان إلى ضفة غربية، تطلب فيه من الجيش اللبناني تنفيذ الإملاءات والأوامر، وتمنع أي طائرة من الهبوط في مطار بيروت، وتقصف فيه متى تشاء، وتغتال مَن تشاء. ما تريده "إسرائيل"، بحسب سريوي، هو، دولة لبنانية من دون مقاومة، ومع جيش دون سلاح، وغير قادر على مواجهتها ومنع اعتداءاتها، كي يتسنى لها تنفيذ مخطّطاتها التوسعية.
ثمة من يراهن في لبنان على المسار الدبلوماسي لاجبار "إسرائيل" على الانسحاب من الأراضي المحتلة، والأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم سلم الدولة ملف ملاحقة تنفيذ اتّفاق 27 تشرين الثاني لوقف النار لانسحاب العدو، لكن التجارب مع "إسرائيل" تُثبت، بحسب سريوي، أن "إسرائيل" لا تحترم أي قرارات دولية، ولم ولن تُنفّذ أي انسحاب، إذا لم يكن هناك مقاومة قادرة على تحرير الأرض بالقوّة، معتبرًا أن لبنان امام معضلة حقيقية، فلا قدرة للجيش على محاربة "إسرائيل"، لأنه لا يملك السلاح اللازم لخوض هذه الحرب، كما لا يمكن تجهيز الجيش ليصبح قادرًا على تحرير الأرض وحماية لبنان من العدوّ الإسرائيلي، خاصة في ظل ضعف الإمكانات المادية للدولة اللبنانية، وكذلك حظر التسليح الذي تفرضه "إسرائيل" والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، على لبنان.
ومن وجهة نظر عسكرية، يقول سريوي يمكن لعمل المقاومة أن يتكامل مع عمل الجيش في حال تعرض الوطن لأي احتلال، وغالبًا ما تتكامل عمليات المقاومة مع خطط وعمليات الجيش، ولكن تُعطى لها حرية الحركة والمبادرة أكثر، خاصة عندما تعمل خلف خطوط العدو. مع الإشارة في هذا السياق إلى أن الشيخ قاسم أعلن تمسك الحزب بالإستراتيجية الدفاعية حين تحدث عن "أن المقاومة أساس وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما زال الاحتلال موجودًا ونمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف ونناقش لاحقًا استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الإستراتيجية الدفاعية".