وسام كنعان/ جريدة الأخبار
جرت العادة أن يقدم صفوان وأمير نعمو أعمالًا لا تصنف ضمن الأعمال الوازنة التي تضاف إلى قائمة الدراما السورية. إذ لم يسبق لإنجازاتهما أن لفتت الأنظار، بل أثارت المشاكل والمواضيع التي لا تنسجم مع أخلاقيات وتقاليد المهنة في أحيان كثيرة.
منذ يومين، ولّد الشقيقان موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب إعلانهما عن بدء تصوير مسلسلهما الذي كان يُفترض أن يحمل اسم «قيصر»، وهو عبارة عن 10 ثلاثيات اجتماعية أُعلن عنها من خلال الثلاثية الأولى التي تحمل اسم «درب الألم» (كتابة زهير الملا، وإخراج صفوان نعمو ــ بطولة غسان مسعود، دانا مارديني، ورامي أحمر...)، فيما يفترض أن يشارك في كتابة الثلاثيات المتبقية مجموعة من الكتاب، وهم: نجيب نصير، عدنان العودة، لؤي النوري، ومؤيد النابلسي.
استنادًا إلى تصريحات صنّاع العمل الأخيرة، سرعان ما روّجت بعض المواقع والصحف لأنه سيكون بمثابة «شهادة تاريخية توثق الأحداث»، كما أنّه سيصوّر في السجون والمعتقلات السورية. لكن مصادر تمكّنت من قراءة نص الثلاثية الأولى، أكدت في اتصال معنا أنّ المسلسل يقدّم «حالة من المباشرة والمبالغة والدراما الرديئة عن المرحلة الماضية بنيّة ركوب الموجة!».
على خطٍ موازٍ، فهم جزء من الجمهور أن عنوان المسلسل يستمد اسمه من المصوّر فريد الذهان، المعروف باسم «قصير» (الاسم الذي أطلق على قانون العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا أيضًا) الذي كان مسؤولًا عن تصوير المعتقلين وعذاباتهم وجثثهم، وتمكن من الهروب خارج سوريا سنة 2014، قبل أن ينشر لقطاته التي أحدثت صدمة عالمية. حتى أنّ الذهان نفى علاقته بالمسلسل من خلال منشور على صفحته على فايسبوك.
منذ الإعلان عن المسلسل، اشتعلت السوشال ميديا السورية بانتقادات لاذعة، معتبرة أن طرح الموضوع بهذه المباشرة والسرعة والاستخفاف ينطوي على «إساءة لجراح المعتقلين وإهانة لمشاعر ذوي المفقودين الذين انتظروا أولادهم بفارغ الصبر وعند سقوط النظام لم يعثروا لهم على أثر ما يؤكد أن النظام السابق صفّاهم».
وصلت الأمور إلى حدّ تناول الشخصيات التي ستؤدي أدوار البطولة، خاصة غسان مسعود الذي أعاد رواد السوشال ميديا تدوير بعض تصريحاته الإعلامية التي «لا تناسب جمهور الثورة!».
الجدل حسمته «اللجنة الوطنية للدراما» في الإدارة الجديدة عندما أصدرت، اليوم الخميس، بيانًا عبّرت فيه عن التزامها برأي الشعب. وأضاف أنّه نتيجة الرفض الواسع لاسم المسلسل وجوهره وبعض الشخصيات المشاركة فيه فإن تصويره أوقف «مؤقتًا لحين تغيير اسمه وإعادة النظر في قائمة المشاركين».
من ناحيتها، أصدرت شركة «باور بروكشن» المنتجة للعمل بيانًا اعتذرت فيه عن سوء الفهم وأوضحت بما معناه أن العمل لا يقدم حكاية المصور الشهير «قيصر»، ولا يتطرّق لآلام السوريين باستسهال ولا يدخل المعتقلات بقصد ركوب الموجة، إنّما هو عمل اجتماعي يحمل اسم «درب الألم»، يقدّم حكايات اجتماعية مختلفة «تستمد جوهرها من حياة السوريين ومعاناتهم وقد تمت مراقبته أصولًا في وزارة الإعلام».
تمّنى البيان على «الجمهور ألا ينساق وراء الشائعات التي قد تسيء للمسلسل».يمكن القول صراحة إنّ اقتحام السجون والعبث فيها، خاصة من قبل شخصيات مشهود لها بتواضع تجاربها الفنية في أحسن الأحوال، مسألة تثير الغضب. عدا عن ضرورة التعامل مع السجون بحذر ودقة.
في هذا الإطار، يتعيّن التذكير بأنه لا يمكن للدراما التلفزيونية أن تتصدى لما هو أكبر من حجمها. لذا، ربّما يكون من الأفضل التريث في موضوع السجون التي فُتحت أبوابها أخيرًا، وترك الأمر لمحاولة التوثيق وجمع الشهادات عساها تكون بنك معلومات مهم يؤرشف لحقبة الظلم، على أن يعتمد عليها صناع الدراما في حال أرادوا مواجهة مرحلة النظام السابق بحكايات واقعية تستند لمعلومات دامغة، كجزء من مهمة توثيقية تضاف إلى الحالة الترفيهية كوظيفة أساسية للتلفزيون.