اوراق مختارة

تحشيد داخلي متجدّد بوجه نتنياهو: إقالة رئيس "الشاباك" تخضّ "إسرائيل"

post-img

أحمد العبد (الأخبار)

تتّجه "إسرائيل" إلى تسجيل احتجاجات حاشدة، غدًا، في مختلف المناطق، وتحديدًا في القدس المحتلة، على خلفية نية إقالة رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار، وفق ما أعلن نحو 100 من قادة الاحتجاج. ومن جهتهم، أبدى رؤساء جامعات ومديرو مدارس تأييدهم الإضراب، في ما لفتت "القناة الـ13" العبرية إلى أن منتدى قطاع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الإسرائيلية يعارضون إقالة رئيس "الشاباك".

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فجّر مساء الأحد، قنبلة من العيار الثقيل، بإعلانه نيّته إقالة بار من منصبه، في خطوةٍ أثارت جنون المعارضة الإسرائيلية، علمًا أن نتنياهو يعمل منذ بعض الوقت على تسويق مبرّراته لإقالة رئيس الجهاز، الذي يتّهمه بتوظيف منصبه لتهديده وابتزازه، فضلًا عن إثارة ملفّات وهمية، وتحديدًا ما بات يُعرف بقضيّة "قطر غيت". وممّا قاله نتنياهو، لـ"القناة الـ14"، إن "بار اخترع تحقيقًا عبثيًا وسياسيًا يخصّ هذه القضيّة عندما أدرك نيّتي إقالته"، وأضاف: "ابتزّني بالتهديدات، واستغلّ نفوذ الشاباك لتخويفي كي يبقى في منصبه، على رغم أنه أخفق في واجبه، ومن صلاحياتي إقالته".

وسبقت هذه الأزمة، خلافات بين الائتلاف الحكومي ومؤسسة الجيش، في حين تبدو الحكومة متّجهة أيضًا نحو إجراء تصويت لإقالة المستشارة القضائية، غالي ميارا - الأسبوع المقبل -، التي دخلت بدورها على خطّ قضية بار، مؤكدةً أنه لا يمكن رئيس الحكومة المضيّ قدمًا في إقالة رئيس "الشاباك"، في الوقت الحالي.

هكذا، تحثّ إسرئيل الخطى، في ظلّ سلسلة الأزمات المتراكمة، إلى جانب فشل الحكومة في بلورة اتفاق يعيد الأسرى من قطاع غزّة، نحو انفلاش الصراع الداخلي، إذ وفقًا ليوآف ليمور، في صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، فإن "إقالة رونين بار تقطع آخر خيط يربط بين شطرَي الشعب: مؤيّدو نتنياهو الذين يعتبرون الإقالة خطوة ضرورية، ومعارضوه الذين يرونها تحرُّكًا آخر لهدم الديمقراطية".

وحذّر ناحوم برنياع، من جهته، في ""يديعوت أحرونوت""، من أن الصراع بين رئيسَي "الشاباك" والحكومة "خطير"، كونه "يدفع البلاد نحو حالة من الحرب الأهلية، ليس بالضرورة مسلّحة، ولكن عنوانها فقدان الثقة والتمرّد داخل الأجهزة الأمنية". ورأى نداف إيال، بدوره، في الصحيفة نفسها، أن "نتنياهو يعمل وفق خطّة منهجية، فهو يقيل الشهود على إخفاقاته قبل السابع من أكتوبر، وبذلك يخلق لنفسه ذريعة مثالية. أيّ شيء سيقوله هؤلاء من الآن فصاعدًا، سيكون، في نظره، بسبب إقالتهم". أمّا "القناة الـ13"، فاعتبرت أن "آخر ما نحتاج إليه الآن، معركة داخلية يقيل فيها نتنياهو رئيس جهاز الشاباك في ظلّ تضارب مصالح خطير".

وكانت الاحتجاجات بدأت في الشارع "الإسرائيلي" بعد ساعات من إعلان نتنياهو نيّته إقالة بار، حيث خرجت تظاهرات رفضًا للخطوة، وأغلق محتجّون مفترق "عزرائيلي" في تل أبيب، في ما اعتبره البعض تمهيدًا لعودة الاحتجاجات. كما عقد زعماء أحزاب المعارضة، صباح أمس، اجتماعًا للتحضير لعمل مشترك، وسط توقّعات بتدحرج الأمور؛ إذ قال وزير الأمن السابق، موشيه يعالون، إن "قرار نتنياهو إقالة المحقّقين، ودعم رجاله المقرّبين المشتبه في خيانتهم، يقرّبنا من الحسم".

وترى المعارضة في إقالة رئيس "الشاباك"، "إعلانَ حرب على الديمقراطية وأمن الدولة"، في حين يحذر مراقبون من أنه إذا ما مضت الحكومة في تطبيق قرارها، وهو الأمر المرجّح، فإن ذلك سيكون بمثابة "زلزال سياسي" من شأنه تعميق الانقسام الداخلي الحادّ أصلًا، وسط اتهامات خطيرة لنتنياهو بالسعي إلى تصفية الحسابات الشخصية والسياسية على حساب الأمن.

في المقابل، رحّب أعضاء الائتلاف الحكومي بإقالة بار، والتي اعتبرها وزير الاتّصالات، شلومو كاراي، "ضرورة وجودية وفورية، بعدما حوّل رئيس جهاز "الشاباك" نفسه إلى ديكتاتور، بدعم من النائب العام، وهو أحد المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر. عزله خطوة لاستعادة الثقة ووقف تآكل الديمقراطية". أمّا وزير التعليم، يوآف كيش، فقال إنه "بعد فشل 7 أكتوبر، واهتزاز الثقة بين رئيسَي الحكومة والشاباك، كان يجب على بار الاستقالة. وبما أنه لم يفعل، فنتنياهو محقّ في إقالته. سأدعم القرار الأربعاء".

وفي إطار مواجهة اليمين "الإسرائيلي" مساعي "إسقاطه" على يد المعارضة، كما يدّعي، بات أركانه يعتمدون رؤيةً تدعو إلى القضاء على ما يسمّونه "الدولة العميقة"، على غرار النموذج الذي يتبعه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إذ وفقًا لوزير الأمن القومي المستقيل، إيتمار بن غفير، فإن "بار وميارا والمحكمة العليا، إضافة إلى المعارضة، هم رموز الدولة العميقة، والذين يريدون إسقاط حكم اليمين برئاسة نتنياهو".

وإذ هنّأ بن غفير، رئيس الحكومة على قراره، فهو اعتبر أنه "تأخّر كثيرًا"، قائلًا: "لا مكان في الديمقراطية لمسؤولين يتصرّفون سياسيًا ضدّ الزعماء المنتخَبين. على اليمين أن يتعلّم من ترامب كيف يقضي على الدولة العميقة ويستعيد الثقة بالجهاز الأمني". وشدّد بن غفير على الحاجة إلى "وضع حدٍّ لحكم الدولة العميقة، وأولًا وقبل كلّ شيء، تسريع إقالة المستشارة القانونية للحكومة".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد