اوراق خاصة

شح المياه في لبنان .. تحذيرات وإرشادات

post-img

محمد باقر ياسين / خاص موقع "أوراق"

يعاني لبنان هذا العام، بخلاف الأعوام السابقة، شحًا كبيرًا في نسبة الأمطار مقارنةً بالسنوات السابقة، ما ينذر بتهديدات متعددة للزراعة والبيئة على حدٍ سواء. الانخفاض الكبير في معدلات المتساقطات هذا العام يعكس عجزًا كبيرًا في المخزون المائي، ويؤدي بدوره إلى تراجع مستويات المياه في الينابيع والآبار الجوفية التي تُعدّ مصادر أساسية للمياه في مشاريع الري.

تحذيرات من أزمة شح المياه في لبنان

دعت وزارة الزراعة إلى ضرورة ترشيد استهلاك المياه هذا العام، وذلك في ظل التراجع الكبير في معدلات الهطول المطري، حيث قدرت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في الوزارة، نسبة الأمطار المسجلة بنحو 30% فقط من المعدل السنوي العام، إلى جانب تسجيل درجات حرارة أعلى من معدلاتها الطبيعية نتيجة التغيرات المناخية. بحسب مصلحة الأرصاد الجوية؛ بلغت كمية المتساقطات المتراكم لغاية اليوم في بيروت 348.3 ملم وفي طرابلس 438.1 ملم وفي زحلة 234.4 ملم.

بدوره حذر الدكتور علي فاعور، وهو العميد السابق لكلية الآداب وعضو المجلس الوطني للبحوث العلمية ومؤلف أطلس لبنان، خلال حديثٍ نشرته إحدى الصحف المحلية، من "شحّ الأمطار في هذا العام"، رأى بأنها "ليست مجرد رقمٍ في تقارير الطقس، بل إنذارٌ لما هو آتٍ: أزمةٌ تهدّد الزراعة، تضرب موارد المياه، وتفاقم هشاشة البيئات السكانية".

برأيه أن "العام 2024 لم يكن إلّا مرآةً لما هو آتٍ، حين تحوّلت الأمطار إلى جرافات تقتلع المزروعات والخيم، وتجرف مأوى اللاجئين والمزارعين، لتتركهم في مهب الضياع. هكذا، بين قسوة الجفاف وغضب المياه، يعيش لبنان ككائنٍ عالقٍ بين نقيضين، يواجه مستقبله كما يواجه البحر عاصفةً لا يعرف إن كانت ستُغرقه أم تمنحه هدنةً قصيرة"

يخلص فاعور إلى أن: "لبنان يواجه أسوأ أزماته الإنسانية، إذ أدّى شحّ المياه إلى تفشي الكوليرا لأول مرة منذ ثلاثة عقود، وقد شهد لبنان منذ 1970 ارتفاعًا متسارعًا في درجات الحرارة بمعدل 0.3 درجة مئوية لكل عقد، متجاوزا المتوسط العالمي. كما لامست الحرارة 40 درجة على الساحل و43 في البقاع في تموز 2024، ما أدّى إلى حرائق مدمرة اجتاحت الأحراج والمناطق الزراعية؛ فالتغيّر المناخي يهدّد الأمن الغذائي والمائي، ما يستدعي خطة استباقية لحماية المياه ومكافحة التلوث".

إرشادات للمزارعين والمواطنين لضمان الاستخدام الأمثل للمياه

قدمت وزارة الزراعة سلسلة من الإرشادات للمزارعين والمواطنين لضمان الاستخدام الأمثل للمياه، طلبت فيها الآتي:

1- الاعتماد على الري بالتنقيط لتوفير المياه وتجنب استخدام أي مياه ملوثة، لا سيما مياه الصرف الصحي.

2- تجنب حراثة التربة للحفاظ على الرطوبة المخزنة فيها، حيث تؤدي الحراثة إلى زيادة تبخر المياه من التربة

3- استخدام الأسمدة العضوية التي تساعد في الاحتفاظ بالمياه داخل التربة لمدة أطول، والأغطية البلاستيكية (نايلون) لتغطية الفراغات بين الخطوط الزراعية للحد من فقدان الرطوبة وتقليل التبخر.

4- تأجيل رش الأسمدة في الوقت الحالي لحين هطول الأمطار، أو إضافتها مع مياه الري عبر التنقيط أو البخاخات لضمان الاستفادة القصوى منها.

5- ترشيد ري الأشجار المثمرة عبر نظام التنقيط، مع تفادي الري الزائد عن الحاجة لتجنب هدر المياه.

6- تقنين استهلاك المياه المنزلية، وإصلاح أي أعطال أو تسريبات في شبكات المياه للحفاظ على الموارد المتاحة.

7- التعاون مع الجهات المعنية ومصالح المياه لإصلاح أي خلل في الشبكات العامة، وضمان عدم فقدان المياه على الطرقات بسبب التسريبات.

بدورها أوصت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بترشيد استخدام المياه في مشاريع الري للمشتركين في مشروع ري القاسمية - رأس العين، مقدمةً ست توصيات، على الشكل الآتي:

1-     إجراء صيانة شاملة لقنوات الري الفرعية قبل بدء موسم الري.

2-     تنظيف الشبكات الزراعية وصيانتها بانتظام لضمان كفاءتها في توزيع المياه بشكل عادل.

3-     صيانة البرك الزراعية بشكل دوري للتأكد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه بكفاءة.

4-     ترشيد استخدام المياه بالتعاون مع فريق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وذلك لضمان عدم الهدر في عمليات الري.

5-     الالتزام ببرامج التوزيع المحددة من المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، والتنسيق بين المزارعين في المآخذ العمومية لضمان الاستفادة القصوى من المياه.

6-     عدم وضع مولدات الكهرباء على القنوات وسحب المياه منها بطريقة عشوائية لما يتسبب به هذا التصرف في تعطيل توزيع المياه بشكل عادل، ويؤدي إلى هدر كبير في الموارد المائية.

في الختام، توقعت دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في لبنان، بأن "ينحسر تأثير الكتل الهوائية الدافئة عن لبنان والحوض الشرقي للمتوسط ابتداءً من بعد ظهر اليوم (الثلاثاء 18-3-2025) حيث تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض السريع، ويتحوّل الطقس إلى متقلّب وذلك تحت تأثير منخفض جوي متمركزًا في شمال غرب تركيا، والذي يقترب تدريجيًا ويكون مصحوبًا بكتل هوائية باردة تؤدي الى انخفاض ملموس بدرجات الحرارة وأمطار متفرقة تشتد غزارتها مساء غد الاربعاء مع حدوث عواصف رعدية وثلوج تلامس 1100 متر، نهار الخميس. كما يرافقها رياح ناشطة تصل إلى حدود ال 85 كلم/س شمال البلاد، ويستمر تأثيره حتى يوم الجمعة، فينحسر ويستقر الطقس تدريجيًا".

وفقًا لهذه التقديرات نرجو أن تسجل الأيام القادمة هطول أمطار تعوض بعض النقص في معدل الأمطار لهذا العام، ولكن ذلك لا يعفي من ضرورة ترشيد استهلاك المياه والالتزام بالإرشادات المرفقة أعلاه، للوقاية من أزمة شح المياه من جهة والحفاظ على الثروة المائية الحيوية لضمان استدامتها للأجيال القادمة من جهةٍ أخرى.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد