اوراق خاصة

ترامب الأعمى وبصيرة القائد

post-img

رجاء اليمني/ اليمن

التصعيد العدواني الأميركي على اليمني، محاولة يائسة لترهيب الصامدين، هذا التصعيد الجديد يعكس تخبط الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لقد شنت الولايات المتحدة سلسلة غارات على عدة محافظات مستهدفة صنعاء وصعدة وحجة والبيضاء وذمار، في محاولة يائسة لترهيب شعب صامد لا ينكسر.

يأتي هذا العدوان امتدادًا لسلسلة الجرائم الأميركية في المنطقة، والتي تهدف إلى فرض الهيمنة وإخماد أي صوت مؤيد لفلسطين، إلا أن هذه المحاولات لن تؤثر في عزيمة اليمنيين الذين ظلوا على مواقفهم الثابتة والمبدئية المستمدة من بصيرة القائد الذي استند في قوله سبحانه: { فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (الأعراف:118)، وقوله عز وجل: { لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } (الأنفال:8)، وقوله تعالى: { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } (الإسراء:81)، وقوله عز من قائل: { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (الأنبياء:18)، وسورة الطارق - الآية 13. وقوله: "إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ: يقول تعالى ذكره: إن هذا القول وهذا الخبر لقول فصل: يقول: لقول يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه.

إن التصعيد الأميركي يأتي في لحظة حساسة، إذ تزداد الضغوط على الكيان الصهيوني بسبب الحصار المستمر على غزّة، ما دفع واشنطن إلى محاولة استخدام القوّة ضدّ اليمن الذي ثبت عمليًا أنه حاضر في معادلة الصراع، ليس بالكلمات فقط، بل بأفعال وأعمال أثَّرت في الحسابات الإسرائيلية والأميركية. وعلى الرغم من التهديدات المباشرة التي أطلقها ترامب هذا المعتوه المتغطرس الخرف الذي لا يعلم أن هنا هي اليمن، فإنها لم تزد الشعب اليمني إلا عزيمة وإصرارًا على مواصلة الدعم الثابت لفلسطين.

لقد كان اليمن دائمًا في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية التي لم تعدّ يومًا قضية سياسية فحسب، بل مبدأ إيمانيًا وواجبًا دينيًا وأخلاقيَا فرضه الله علينا كيف لا وقد أخذ اليمنيون على أكتافهم الدفاع عن النبي - صلوات ربي عليه وعلى آله وعن دين الله نصرة له - لذلك كان هدفًا مباشرًا للعدوان الأميركي الذي يسعى لإسكات كلّ الأصوات الحرة التي ترفض الهيمنة الصهيونية على المنطقة.

لذلك إن بيان الرئيس ترامب الذي حمل تهديدات مباشرة لليمن، يعكس حجم المأزق الذي تعيشه واشنطن بعد فشلها في تحييد الموقف اليمني الداعم لغزّة. وهذه التهديدات التي حاولت تصوير الغارات على أنها ضربة قاصمة لم تؤثر في عزيمة اليمنيين، بل زادتهم قناعة بأنهم يسيرون في الطريق الصحيح، وأن التصعيد الأميركي ليس إلا دليل ضعف وعجز عن كسر إرادتهم؛ فواشنطن تدرك أن استهداف اليمن لن يغير من المعادلة شيئًا، بل سيعزز صلابة الموقف اليمني، ويدفعه إلى مزيد من التحدي. 

لقد أثبتت التجربة أن العدوان، مهما اشتد، لا يزيد اليمنيين إلا إصرارًا على مواصلة مسيرتهم في دعم المقاومة الفلسطينية، لأنهم يرون أن المعركة في غزّة هي معركتهم أيضًا، وإن كسر إرادة فلسطين يعني كسر إرادة الأمة بأكملها؛ فالهجمات الأميركية تعكس أيضًا حجم القلق الذي يعيشه الكيان الصهيوني. واستهداف اليمن بهذا الشكل يؤكد أن هناك مخاوف حقيقية من استمرار تأثيره على مجريات الأحداث في غزّة، خصوصًا أن اليمن أصبح رقمًا صعبًا في معادلة المواجهة مع الكيان المحتل، ما يفسر هذا الاستهداف المباشر الذي يأتي ضمن محاولات بائسة لتركعيه.

كذلك محاولة تصوير اليمن تهديدًا إقليميًا، تعد جزءًا من الحملة الأميركية الممنهجة لتسويغ عدوانها، لكن العالم يدرك جيدًا أن اليمن لم يكن يومًا مُعتديًا، بل كان دائمًا في موقف الدفاع عن قضاياه العادلة. وما يحدث اليوم هو استمرار لسلسلة من الجرائم الأميركية التي تستهدف كلّ صوت يرفض الانصياع لمشاريع التطبيع والانبطاح للمخطّطات الصهيونية.

إن الشعب اليمني، والذي واجه عدوانًا استمر سنوات، يدرك أن الغارات الأميركية لن تغير شيئًا من واقعه، بل ستعزز من وحدته وصمود؛ فقد عاش هذا الشعب كلّ أشكال الحصار والتدمير، لكنّه لم يتراجع عن مواقفه. واليوم يثبت مجددًا أن تهديدات ترامب لن تزيده إلا ثباتًا، وأنه مستعد لكل التحديات من أجل قضيته الكبرى، فلسطين. ولن يزيد اليمنيين إلا صمودًا وتعزيزًا لمبدأ إما حياة بعز وإما الشهادة، وهي سبيل النجاة. 

يهيب بالجميع بحمل السلاح ضدّ كلّ من يسول له نفسه أن يضر بشبر واحد من اليمن، ومن يتجرأ؛ فالميدان هو الحكم بيننا والساحة هي الفاصل الوحيد لمعرفة الحق من الباطل. إذ لدينا من المجنحات ما يكفي بفضل الله من الاجتياح؛ فإن أتوا جوًا، فالصماد يلمح؛ وإن أتوا بحرًا فلدينا من الجنود جن البحار مار يثنيهم شيء عمّا عزموا، وقد أذاقوا العالم من هم جن البحار وهم جن مؤمنة لله تركع وتسجد؛ وإن أتوا برًا، فلدينا جنود ملائكة لله تسبح. فإن رموا، فإن الله هو الذي رمى وهو من يصوب سلاحه.

إن دلّ ذلك على شي؛ فإنما يدل على أن لدينا ميثاقًا مع عزرائيل؛ وبأننا سوف نريحه من أعماله، وأن ملك الموت سوف يأخذ أرواحكم من دون عناء نظرًا إلى شدة بأسنا وقوتنا وعزمنا وإصرارنا. 

إن الغارات التي استهدفت صنعاء وصعدة وحجة والبيضاء وذمار تعد إعلانًا واضحًا بأن واشنطن باتت عاجزة عن مواجهة الموقف اليمني بالسياسة، فلجأت إلى القوّة. لكنّها لمّا تدرك بعد أن القوّة لم تفلح سابقا، ولن تفلح اليوم؛ لأن اليمن لم يكن يومًا ساحة رخوة، بل كان وما يزال قلعة للصمود العربي في وجه الغطرسة الأميركية والصهيونية.

الشعب اليمني يدرك أن هذا العدوان هو جزء من المعركة الكبرى التي يخوضها معسكر المقاومة ضدّ مشاريع الاستعمار الجديد، ولهذا فهو لا يرى في هذه الغارات سوى دليل إضافي على أن موقفه المؤيد لغزّة قد أصاب العدوّ في مقتل، وإن عاد العدوان الكوني فلن يشاهد العالم إلا صياح العدوان واستنجاده بالغير. ومن هنا، فإن أي تصعيد جديد لن يكون إلا حافزًا للمزيد من التحدّي والثبات على الموقف المبدئي الداعم لفلسطين، وننصح أن تكفوا أيديكم؛ فاليماني لا يقبل لكم به.

نحن لسنا بلاد الحرمين التي فيها استباحه لكل المقدسات، والتي فيها بني صهيون الذين جعلوا منها مكان للفسق والدنس، والذي سيكون تطهيرها علي أيدينا. وقد عرف الكل هذا الأشعث الأغبر، ولهم خبرة طويله معه، وقد جعلوا رجالنا مثالا يحتذى به في كلّ المدارس العسكرية العالمية حتّى يكون النموذج الأسمى والأمثل لكل الطلاب والجنود.. هو الجندي الذي لا يمكن أن يركع أو يسلم سلاحه أبدا.

لقد فشلت واشنطن في تركيع اليمن، خلال السنوات الماضية، ولن تنجح اليوم؛ لأن معادلة القوّة الحقيقية لا تقاس بعدد الغارات، بل بإرادة الشعوب. واليمنيون الذين خرجوا إلى الساحات بالملايين دعمًا لفلسطين، يبعثون اليوم رسالة واضحة مفادها "لن نترك غزّة وحدها، ولن يثنينا العدوان عن موقفنا".

 ستظل القضية الفلسطينية في قلب كلّ يمني، ولن يكون لهذا العدوان أي تأثير سوى تعزيز الصمود والمضي في طريق دعم المقاومة؛ لأن هذا الموقف ليس خيارًا سياسيًا عابرًا، بل هو جزء من الهوية الإيمانية والوطنية للشعب اليمني الذي يدرك أن معركته ليست فقط للدفاع عن نفسه، بل للدفاع عن كرامة الأمة بأكملها؛ لأن أنصار دين الله مستمدون مبادئهم من عقيدتهم التي تلزمهم بكلّ شؤونهم في الحياة. 

قال تعالى {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}؛ وأمّة منهجها القرآن، كيف لها أن تهزم؟ فنحن في معركة إن انتصرنا وإن استشهدنا أيضًا انتصرنا، وكرامتنا من الله الشهادة، فلا يسعنا إلا أن نقول: "#ترامب وتصريحه الأعمى ركع أمام بصيرة القائد، سلام الله عليه".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد