حسين صبرا (الأخبار)
شهدت الحدود اللبنانية ــ السوريّة في اليومين الماضيين تصاعداً ملحوظاً في حدّة الاشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» من جهة، والجيش اللبناني والعشائر اللبنانية من جهة أخرى، خصوصاً في مناطق حوض العاصي والهرمل، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين السوري واللبناني. وقد أثارت هذه المواجهات تساؤلات عدة حول أسبابها، تداعياتها، والأطراف المستفيدة منها، في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي والمحلي.
ونفى ضابط رفيع المستوى في الجيش اللبناني لـ«الأخبار» أي علاقة لحزب الله بالاشتباكات التي دارت عند الحدود اللبنانية ــ السورية، مؤكداً أن «مطلب القيادة كان الرد على مصادر النيران من قبل الجيش فقط». وكشف أن «ما حصل قد يؤثر بشكل مباشر في السلم الأهلي في مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً الشمالية، وقد يثير بعض الفتن، لذا يجب تحذير المواطنين من القيام بأي عمل قد يهدّد السلم الأهلي ويثير نعرات طائفية».
وبحسب تقارير ميدانية، تعمّد مسلحو «الهيئة» استهداف مواقع للجيش اللبناني وأحياء مدنية، ما دفع قوات الجيش وأبناء العشائر إلى التصدّي لهم. ومع تصاعد حدّة الاشتباكات، تدخّل الجيش لتهدئة الأوضاع ومنع تفاقمها، فانتشر في بعض النقاط الحدودية، مستقدماً تعزيزات من الوحدات الخاصة إلى منطقة الهرمل بعد استهداف عدد من مراكزه من جهة الأراضي السورية. ووفقاً لبيان صادر عن قيادة الجيش، ركّزت الوحدات العسكرية المنتشرة «نيرانها على أهدافها ضمن قطاعات الرمي لوقف الاعتداءات على الأراضي اللبنانية».
وفي هذا السياق، أفاد مصدر أمني في البقاع «الأخبار» بأن «معظم المسلحين الذين كانوا يقاتلون عند الحدود مع سوريا ليسوا سوريين، بل من جنسيات مختلفة»، مشيراً إلى أن «هؤلاء أعلنوا استعدادهم لقتال حزب الله مجدداً، بعد أن قاتلوه قبل سنوات في صفوف داعش». وأكد المصدر «وقوع ما لا يقل عن 25 قتيلاً من الجانب السوري خلال الاشتباكات، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، وهذا ما أربكهم وأجبرهم على التراجع فوراً، فيما بدأت اتصالات مكثّفة من الجانب السوري لوقف إطلاق النار».
إلى ذلك، أكّد منسّق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات «اليونيفيل»، العميد المتقاعد منير شحادة، لـ«الأخبار»، أن «الاستقرار في سوريا هو مطلب لبناني قبل أن يكون مطلباً سورياً، ومن يدّعي أن المقاومة تسعى إلى تسعير الفتنة في سوريا، فهذا لا يستقيم على أرض الواقع، لأننا إذا خيّرنا المقاومة بين السلم الأهلي في لبنان وبين جعل طريق الإمداد مؤمناً عبر الأراضي السورية، فستختار السلم الأهلي بالتأكيد».
واعتبر شحادة أن «استقرار سوريا يؤثر في استقرار لبنان، وادّعاء السلطات السورية بأن حزب الله تدخّل في المعركة غير صحيح، والواقع يقول إن أربعة مسلحين دخلوا من سوريا إلى لبنان بهدف سرقة المواشي، فتصدّى لهم أبناء العشائر».
وبات واضحاً أن الحشود الضخمة التي استقدمها «الجولاني» إلى الحدود اللبنانية ــ السورية جاءت تنفيذاً للمطالب الإسرائيلية ــ الأميركية، وقد تُرجم ذلك عبر الاشتباكات المستمرة بكثافة منذ يومين، وسط صمت تام أمام الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واحتلال مساحات شاسعة من جنوبها.
ووفقاً لشحادة، فإن «تدخّل الجيش اللبناني في المعركة بعد تعرّض القرى اللبنانية في الشمال الشرقي لسهل البقاع للقصف أجبر المسلحين على التراجع ووقف الاعتداءات»، مؤكداً أن «الجيش هو من يتصدّى حالياً للفصائل السورية، وخصوصاً في منطقة حوش السيد علي».
وأعلنت وزارة الدفاع اللبنانية، في بيان مساء أمس، أنّ وزير الدفاع ميشال منسى اتّفق مع نظيره السوري مرهف أبو قصرة، في اتصال هاتفي، «على وقف إطلاق النار بين الجانبين، على أن يستمر التواصل بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والمخابرات السورية للحؤول دون تدهور الأوضاع على الحدود بين البلدين، تجنباً لسقوط ضحايا مدنيين أبرياء».