لبنى سليمان/ جريدة الأخبار
على الرغم من الهدوء النسبي على جميع المستويات بين مصر والسعودية، خصوصًا على المستوى السياسي والتنسيق المشترك فيما يخص خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه غزة، اندلعت أزمة غير متوقعة بين القاهرة والرياض بسبب الجدل الدائر حيال مستوى بعض المسلسلات المشاركة في السباق الرمضاني 2025، ووصل الأمر إلى إطلاق رسائل مبطنة فحواها التهديد بسحب الاستثمارات السعودية من قطاع الترفيه المصري.
تمثلت الشرارة الأولى بإعراب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن عدم رضاه عن مستوى بعض الأعمال الدرامية، من دون ذكر أسماء أو حتى أمثلة تشير إلى أي إنتاج يقصد. هذا التصريح أطلق موجات من الجدل الإعلامي، إذ سارع التلفزيون المصري «ماسبيرو» إلى الدعوة لمؤتمر يناقش حال الدراما المصرية، في خطوة وصفها البعض بـ«العبثية»، وبرأيهم أنها محاولة لإعادة دور التلفزيون الرسمي في المشهد الإعلامي بعد هيمنة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» على الإنتاج الدرامي والبرامجي في السنوات السبع الأخيرة، خصوصًا وأنها تعيش حالًا من عدم الاتزان بعد تغيير قيادات المخابرات العامة المصرية قبل نحو ستة أشهر.
في المقابل، انطلقت موجة موازية تدافع عن الشركة الإعلامية الأضخم في غرب أسيا (الشرق الأوسط)، مؤكدة أن مستوى مسلسلاتها يرتفع عامًا بعد عام، وأن ما قصده الرئيس السيسي لا يُعرض على شاشات المتحدة.
بناءً على النقطة الأخيرة، تحرك الإعلامي المصري السعودي عمرو أديب للدفاع عن مجموعة mbc بعدما وُجِّهت لها اتهامات غير مباشرة بأنها مسؤولة عن المآخذ التي أشار إليها الرئيس المصري. وتركزت الانتقادات على ثلاثة مسلسلات تُعرض عبر المجموعة، وهي «العتاولة 2»، «إش إش»، و«سيد الناس»، لما تحتويه من مشاهد وألفاظ اعتُبرت غير ملائمة للمجتمع المصري.
كتب أديب منشورًا أحدث دويًا واسعًا، دافع فيه عن mbc، وقال إن مثل تلك الهجمات قد تسفر عن سحب استثمارات هيئة الترفيه بقيادة تركي آل الشيخ من مصر، لتنطلق حملة مضادة تذكّر أديب بأن المال السعودي يحتاج القوة الناعمة المصرية، وأن كلا الطرفين مستفيد من التعاون المستمر في السنوات الأخيرة.
في الوقت نفسه، ظهرت أصوات سعودية عبر منصة «إكس» تطالب الرياض بدعم الدراما في سوريا ولبنان وغيرهما من الدول العربية بدلًا من التركيز على «هوليوود الشرق».
وسط كل ما سبق، نشر المخرج محمد سامي بيانًا يعلن فيه «اعتزالًا مؤقتًا» لسوق الدراما خشية الاتهام بتكرار الأفكار وتفاديًا لتشبع الجمهور من أسلوبه، وهو ما اعتبره البعض مناورة، كونه كان سيتحمل جماهيريًا اتهام الرئيس للمسلسلات بإفساد الذوق العام.
في غضون ذلك، يرى المراقبون أن هذه الزوبعة ستنتهي عاجلًا أم آجلًا، وأنها لم تكن لتندلع أصلًا لو أن الرئيس السيسي حدد بدقة ما يقصد، أو تجنب التعميم في انتقاداته، أو تفادى الحديث عن المسلسلات ومستواها في وقت تشهد فيه المنطقة حربًا لا يبدو أنها ستنطفئ قريبًا، بينما الحديث عن خطط الصهاينة تجاه غزة أكثر أهمية من خطط «العتاولة» تجاه عيسى الوزان.