اوراق مختارة

المحافظون خطاب انعزالي يحيي الهويات الفرعية ومشاريع التقسيم بلبنان خاص 

post-img

التحري نيوز

لا يتردد البعض في لبنان، بين الحين والآخر، من استعادة الخطاب الانعزالي الذي برز في زمن الحرب الأهلية (1978).. إذ يسعى هؤلاء دومًا إلى الرجوع بلبنان عقودًا من الزمن إلى الخلف، فمع كل متغير إقليمي أو دولي يكشّر هؤلاء عن أنيابهم من جديد، ويخرجون ما في جعبتهم من شعارات ومشاريع فدرلة وتقسيم.. 

هم يجاهرون علنًا بما كانوا يضمرونه حتى الأمس القريب، وكان يظهر من فلتات ألسنتهم.. آخر تلك الصيحات المؤتمر الذي عقدته زمرة من الشخصيات مؤخرًا، وأعلنت فيه إطلاق “منصة المحافظين الجدد” مستعيدة إحياء الهويات الفرعية في ظل “إصلاحات” الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيلون ماسك في تماهٍ واضح مع عودة الفكر اليميني المسيحي إلى الساحة العالمية، لا سيما في أوروبا وأميركا، بعد تشظي القيادة العالمية لمشروع العولمة هويةً حضارية غربية وفشل مشروع الدمقرطة. 

لم يكد يجف حبر الإعلان عن البيان التأسيسي لـ”منصة المحافظين الجدد” في لبنان حتى أتاه الرد المباشر؛ أولاً من أحد المشتركين في مؤتمر إطلاق المنصة كلوفيس الشويفاتي، والذي سدد ضربة قاسية له حينما كشف أن البيان الصادر جاء مخالفًا لكل النقاشات التي جرت؛ معلنًا رفضه وضع اسمه من بين المطلقين للبيان. وثانيا الرد غير المباشر من رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أكد، في مناسبتين خلال اليومين الماضيين، أهمية وحدة اللبنانيين تحت سقف الدولة لمواجهة كل التحديات؛ لأن لبنان دفع ثمن الخلافات الداخلية كثيرا في الماضي. 

يقود الغوص في مضمون البيان التأسيسي المعلن لـ”منصة المحافظين الجدد” إلى التوقف عند نقاط خطيرة منها: 

أولاً – توقيت البيان المتزامن مع متغيرات دولية وإقليمية تجنح نحو إعادة رسم الخريطة “الجيوسياسية” للمنطقة، بمعنى “سايكس بيكو” جديد؛ أوضح تجلياته تبرز في مشاريع التقسيم المخططة لسوريا ولبنان وباقي مكونات المنطقة. 

ثانيًا – مجاهرة المؤتمرين بالطعن باتفاق الطائف، بتوصيف تداعياته بأنها تشكّل خطرًا وجوديًا على المسيحيين. 

ثالثًا – طغيان الخطاب الانعزالي على مفردات البيان (المجتمع المسيحي – الشعب المسيحي – القرار السياسي للمسيحيين – الحضارة المسيحية – الهوية الجماعية المسيحية) ما يُظهر أن المؤتمرين لا يؤمنون بلبنان وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه. 

رابعًا – التلطي خلف عبارات أكل الدهر عليها وشرب؛ من قبيل أنّ أحد المنصة هو “محاربة الذمية السياسية”، مع ما يعنييه ذلك من تجييش وتفريق اللبنانيين بعضهم عن بعض من خلال الاستقطاب على أساس طائفي ومذهبي. 

خامسًا- نبرة الخطاب لا تبتعد عن سياسة الاستقواء بالخارج والحروب القائمة ومحاولة تجيير القوة الدولية؛ باتجاه إعادة النظر بكيان لبنان وإخضاعه لمشاريع الفدرلة والتقسيم. 

سادسًا- تطرق البيان لما أسماه السنية السياسية متناسيًا تحكّم المارونية السياسية وتفردها بالحكم أكثر من ٧٠ عامًا خلت. كما أعاد نبش مرسوم التجنيس للعام 1994، والذي كان عرّابه رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، وفي ذلك إمعانًا بإعادة لبنان عقود الى الخلف. 

سابعًا- تأييد مشاريع السلام الأميركية في المنطقة، من دون النظر إلى المخاطر الوجودية ومعالجة النتائج من دون الأسباب التي أفضت إلى وجود لاجئين فلسطينيين ونازحين سوريين على الأراضي اللبنانية. يبقى أن معظم الشخصيات المشاركة في إطلاق منصة المحافظين الجدد في لبنان تدور في فلك حزب “القوات اللبنانية”، والتي يبدو أنها تعمل هذه الأيام وفقًا لمسارين: الأول؛ وهو المشاركة في السلطة والحكم عبر الحكومة للإفادة من مناهلها ومنابعها. والثاني هو اجتراع جبهات ومنصات لتعزيز فكرة مشروع الفدرلة والانقسام الذي تؤمن به، والذي يظهر مع زلات لسان نوابها ومسؤوليها، وآخرهم النائب غسان الحاصباني والمسؤول الإعلامي شارل جبور ووزير الخارجية يوسف رجي، والذي حوّل الخارجية اللبنانية إلى خارجية “قوتجية” هدفها تسويغ العدوان على لبنان

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد