اوراق مختارة

بداية غير مشجعة.. تعيين حاكم المركزي بالتصويت يكرّس الخلافات!..

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
    
في العادة لا يلجأ مجلس الوزراء إلى التصويت على التعيينات أو القرارات التي يتخذها، حرصا منه على التضامن الوزاري وعلى عدم إظهار الإنقسامات أو الإصطفافات السياسية داخله، لكن ما حصل يوم أمس في جلسة الحكومة بما يتعلق بتعيين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من تصويت منحه أكثرية ١٧ صوتا مقابل إمتناع رئيس الحكومة نواف سلام ومعه ست وزراء شكل سابقة أربكت مجلس الوزراء وأظهرت خلافات قد لا تبشر بالخير.

هذا الإرباك بدا واضحا على رئيس الحكومة نواف سلام الذي كرّس خسارته في هذا الاستحقاق بدل أن يداريها ويحرص على سرية مداولات الحكومة حيث خرج بعد الاجتماع ليعلن تحفظه على هذا التعيين “حرصا على حقوق المودعين”، داعيا الحاكم الجديد إلى “الالتزام بسياسة الحكومة الإصلاحية”، وهو أمر أثار كثيرا من الاستغراب لأسباب عدة أهمها:

أولا: أن سلام حاول النيل من كريم سعيد والتشكيك بقدرته على حماية حقوق المودعين، وهو موقف لا يخدم الحكومة ولا العهد، علما أن المسؤول الأول عن حماية حقوق المودعين هو الحكومة وسياستها وقراراتها وما على حاكم مصرف لبنان إلا تنفيذ توجهاتها.

ثانيا: دعوة سلام الحاكم إلى الالتزام بسياسة الحكومة كان لزوم ما لا يلزم، خصوصا أنه لا يشرّع بل هو موظف فئة أولى ينفذ سياسة الدولة المتمثلة بالحكومة.

ثالثا: إن إقتراح إسم كريم سعيد جاء مع إثنين آخرين من الوزير المعني، وزير المالية ياسين جابر وهو أمر لا لبس فيه دستوريا، فلماذا كانت هذه الزوبعة وما هي أفضلية مرشح سلام الذي لم يفصح عنه، وهو آدي الجميل بحسب المعلومات المتداولة.

رابعا: ثبت بالوجه الشرعي أن هناك رؤيتان إقتصاديتان في مجلس الوزراء رؤية وزير المالية ياسين جابر مدعومة من رئيس الجمهورية والفريق الوزاري الذي دعم موقفه بالتصويت للحاكم الجديد، ورؤية “كلنا إرادة” التي يتبناها الرئيس سلام، وقد تبين من خلال التصويت أن فريقا من ست وزراء يلتزمون بتوجهات “كلنا إرادة” التي يقودها المرشح لمنصب الحاكم فراس أبي ناصيف والذي يبدو تأثيره واضحا على رئيس الحكومة.

خامسا: إن حصول كريم سعيد على ١٧ صوتا أظهر أن ثمة كلمة سر أميركية وصلت بدعم تعيينه، فأي كلمة سر كانت وصلت إلى رئيس الحكومة ووزراء “كلنا إرادة”.

سادسا: بدا واضحا أن تعيين كريم سعيد حاكما للمصرف المركزي جاء بتوافق بين رئيسيّ الجمهورية جوزاف عون ومجلس النواب نبيه بري، خصوصا أن وزراء الثنائي صوتوا لصالح سعيد وفي ذلك رسالة مزدوجة الأولى أن بري يدعم توجهات رئيس الجمهورية وهو على توافق كامل معه وأن حزب الله يظهر مزيدا من النوايا الحسنة تجاه عون الذي يتخذ مواقف متقدمة حيال العدوان الاسرائيلي على لبنان ويحمّل العدو صراحة مسؤولية الخروقات والتنصل من إتفاق وقف إطلاق النار.

في خلاصة القول، إن الخلافات التي ظهرت في مجلس الوزراء أمس شكلت بداية غير مشجعة للعهد، خصوصا أنها قد تنسحب على القادم من التعيينات التي قد تشهد تباينات أكثر حدة وعنادا بين رئيسيّ الجمهورية والحكومة التي في حال إستمر رئيسها بهذه المنهجية فإنه سيتحول عاجلا أم آجلا عبئا على العهد.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد