«لأن الهدف أن تبقى فلسطين بكامل جغرافيتها حاضرة في الوجدان، وألّا تنسينا النكبات والهزائم حقنا، ولأنّ التحوّلات تكاد تُسقط هذا الحق، حيث التركيز على فلسطين في مدى ما احتُلّ في العام 1967من الضفة الغربية وغزة لا غير»، نظّم «منبر فلسطين» في ذكرى يوم الأرض، ندوة السبت الماضي في دار مؤسّسة سعادة للثقافة، بعنوان «فلسطين 1948: هوية وانتماء»، سلّطت الضوء على واقع الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي في أراضي 1948، وتحدّث فيها الباحث الفلسطيني صقر أبو فخر.
قدّم للندوة مؤسس المنبر توفيق مهنا مشددًا على «الضرورة القومية النضالية لهذا الموضوع، خصوصًا بعدما تحوّل كيان الاغتصاب في فلسطين 48 في إستراتيجيته الجديدة إلى منصّة لتوظيف فئات دينية من شعبنا لاختراق عمق مجتمعنا في الشام ولبنان والعراق تحت عنوان حماية الأقليات للنفاذ إلى حلمه التوراتي في إسرائيل الكبرى».
أشار إلى أن الفلسطينيين في يوم الأرض، في 30 آذار 1976، قالوا إن «فلسطين لن تكون إلا لأبنائها وهم من يقرر مصيرها»، منبّهًا إلى أن العدو «يتحفّز بعد توالي النكبات، وأفدحها نكبة الأمّة بسقوط سورية الدولة والخوف من سقوط سورية المجتمع، لتنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل».
تحدّث أبو فخر عن أهمية يوم الأرض «في إعادة تكوين الهويّة الفلسطينية في الأراضي التي احتلّت في العام 1948»، مشيرًا إلى «الوقائع التى جعلت نحو 165 ألف فلسطيني يبقون في بلادهم رغم مصادرة أرضهم وخضوعهم لعسف الحكم العسكري».
أوضح أنّ «قانون الخوف» هو الذي جعل البعض يسير في قانون الخدمة العسكرية الإلزامية الذي أصدره دافيد بن غوريون في العام 1956 ليطبّق على الدروز والشركس والبدو من دون السنّة والمسيحيين، «ما أفسح المجال للسلطات الأمنية الإسرائيلية لتفكيك الجماعة الوطنية الفلسطينية وتحويلها إلى أقليات إثنيّة (الشركس) وطائفية (الدروز، المسيحيون، البهائيون والأحمديون)، وجماعات تنتمي إلى مجتمعات ما قبل الحداثة أو على تخومها (بدو النقب وبدو الجليل)».
أوضح أنّ «همّ هؤلاء كان عدم طردهم من أرضهم، ما أدّى إلى ظهور تناقض في الهوية الواحدة، فبات هؤلاء الفلسطينيون مواطنين إسرائيليين بحسب القانون، ولكن غير مرحّب بهم في دولة تصنّف نفسها دولة لليهود وحدهم. وفي هذا السياق اكتسى شعار المساواة الذي رفعه الحزب الشيوعي الإسرائيلي شبهة إدماج الفلسطينيين في ثقافة "الدولة الإسرائيلية" ومؤسّساتها. غير أنّ النخب الفلسطينية المناضلة التي تبلورت بعد يوم الأرض في العام 1976، رفضت شعار المساواة، وراحت تطالب بحقوقها القومية، وأعلنت أن ولاء الفلسطينيين لشعبهم وقضيتهم لا للدولة الإسرائيلية».
نوّه أبو فخر بأن تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية على الدروز والشركس والبدو لم يحل دون مصادرة أراضيهم، إذ بلغت نسبة مصادرة أراضي الدروز 68%».
لفت إلى أنّ «الشبّان الدروز ممّن لا يحملون شهادات جامعية هم من يعملون في حرس الحدود وفي الشرطة وفي حراسة السجون، ما يجعلهم عرضة للمذلّة الوطنية مثل بعض البدو الذين عملوا مبكرًا لدى الهاغاناه في تقصّي الأثر وكشف المتسلّلين».
حذّر من انحسار التيار القومي العلماني اليساري في صفوف فلسطينيي 1948، ومن صعود جماعات دينية لا تجد غضاضة في التعاون مع السلطات الأمنية الإسرائيلية أمثال منصور عباس، ما يسهم في تهتّك النسيج الاجتماعي لفلسطينيي 1948، خصوصًا أنّ معدلات جرائم القتل في الوسط العربي عالية جدًا، وتجري تحت أعين الشاباك وبغطاء منه. إذ بلغ عدد قطع السلاح غير المرخصة 500 ألف قطعة بين أفراد هذا الوسط الذي يعدّ نحو مليون ونصف مليون شخص».