اوراق خاصة

أورتاغوس تنتهك سيادة لبنان في الليل والعدو الإسرائيلي في النهار 

post-img

حسين كوراني/ خاص موقع أوراق

توزيع أدوار مُحكم تتبعه الإدارة الأميركية بالتنسيق مع "إسرائيل" هذه الفترة، ففي الوقت الذي تواصل فيه الأخيرة اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية باستخدامها الآلة العسكرية ويرتقي يومًا بعد يوم عدد من الشهداء، تمارس الولايات المتحدة عدوانها على لبنان لكن باستخدامها الآلة الدبلوماسية منتهكة أبسط شكليات السيادة الوطنية، وهذا بالفعل ما تبيّن لدى زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الى بيروت.

إذًا، لا فرق بين غارات الطائرات الحربية والمسيّرة الإسرائيلية التي تَغير ليل نهار على المواطنين العزّل وتقتلهم على الطرقات وفي المنازل، وبين غارات الأوامر والشروط الأميركية التي تحملها أورتاغوس، فكلاهما تشكّل انتهاكًا مذلًّا للسيادة والأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الأوطان.

لكن المستغرب أن "أتباع الوصاية" في بيروت، الذين يعملون بإمرة السفارة الأميركية ويتحركون كأداة تهويل وتحريض وإلغاء، هم وآلتهم الإعلامية باتوا اليوم في مشهد انبطاحي أمام الموفدين الغربيين، لا مراعاة عندهم لأقل اللياقات السياسية، يسوّقون لإملاءات أسيادهم دون مداراة لإخوانهم في الوطن من أهل المقاومة ممن قدموا أولادهم وأرزاقهم دفاعًا عن لبنان. 

وإن كانت الاعتداءات الحربية تُظهر عجز الدولة عن حماية أراضيها وأهلها وتثبت أن قوّة المقاومة وحدها تستطيع ردع هذا العدو المعتدي، فالاعتداءات الدبلوماسية تثبت في السياق نفسه ألّا يمكن للدونية والانبطاح للأميركي أن يحقّقا أيّ نوع من المكاسب ولو السطحية، وأنّهما طريق محفوف بالذلّ وبالمهانة والانتهاكات الفاضحة حتى لأبسط الحقوق والأعراف والبروتوكولات. 

فخلال جولة أورتاغوس الجديدة على المسؤولين اللبنانيين حملت هذه المرة تبريرًا رسميًا للعدوان الإسرائيلي، رابطة إياه بسحب سلاح المقاومة وحصره بيد الدولة، وواضعة السلطة والشعب أمام هذه المسؤولية والخيار إما بفتح باب التعاون مع أميركا أو بإغلاقه.

وهذا الشرط الأميركي يتناقض تمامًا مع التوجهات اللبنانية التي عبر عنها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في أكثر من مناسبة وتقضي بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية وتحرير الأسرى ووقف الخروقات والاعتداءات، على أن تتولى الدولة بعد ذلك مسؤولية حصر السلاح بيدها وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية.

وما أثار الكثير من الاستغراب هو عدم حصر أورتاغوس بحث هذه الملفات مع رئيس الحكومة نواف سلام كونه المعني المباشر بها كسلطة تنفيذية بل تجاوُزِها للرئيس سلام وإنتهاكها الخصوصية الحكومية والسيادة اللبنانية إلى ثمانية وزراء قامت بإستدعائهم إلى مقر السفارة الأميركية في عوكر بعضهم بشكل فردي مثل وزير الخارجية يوسف رجي الذي لا ينفك يتماهى مع موقف أورتاغوس في تبرير الاعتداءات الاسرائيلية في مواقف تخالف توجهات العهد والحكومة، وبعضهم الآخر بشكل ثنائي مثل وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط ومعهما حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، وآخرين مجتمعين.

هذا السلوك الذي إعتمدته أورتاغوس لجهة دعوتها وزراء إلى السفارة وتجاهلها آخرين وتجاوزها الفاضح لرئيس الحكومة نواف سلام الذي كان يمكن إبلاغه بالتوجهات الأميركية وهو بدوره يضع الوزراء المعنيين بأجوائها أو أن يكون إجتماع الوزراء الثمانية بحضوره ورئاسته وفي السراي الحكومي للحفاظ على ماء الوجه بدل استدعاءهم بهذا الشكل الى عوكر، كل ذلك أوحى أن الرئيس سلام جاء بأجندة أميركية حان وقت تنفيذ بعض بنودها، وأن أميركا ضربت بعرض الحائط كل البروتوكولات التي يجب أن تتبعها أي دولة مع لبنان وحكومته ورئيسها، وكذلك فإن اجتماع أورتاغوس مع ثمانية وزراء على وجه الخصوص أعطى انطباعًا أن ثمة ثلثًا أميركيًا معطلاً في الحكومة وربما أكثر ، خصوصًا أن بنود أجندة سلام لم يُكشف عنها بشكل كامل، وربما ما تحمله الزيارة الثالثة لأورتاغوس إلى لبنان قد يكون أعظم!..

وعليه، فإن طيران العدوّ يغير على بلدات لبنان في النهار، وأورتاغوس تغير على كرامة اللبنانيين في الليل، وتهين بفوقيّتها الظاهرة والواضحة كلّ مدّعٍ للسيادة، تفعل ذلك عبر التلفزيون الرسمي، تُستضاف وتُسأل فتملي شروطها وتتدخّل بشكلٍ وقح في مختلف الملفات اللبنانية: تتحدّث بلهجة ربّ عمل يلقّن موظفيه تعليماته الصارمة، تناقش الملفات الداخلية بأسلوب متعالٍ مسيء. 


 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد