اوراق خاصة

شح المياه في ضاحية بيروت بين تقصير الدولة والعدوان الإسرائيلي

post-img

محمد باقر ياسين / خاص موقع أوراق

تعاني منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، كغيرها من المناطق، شحًا في المياه. وهذه المعاناة تضاعفت بعد العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان، فباتت معاناة الضاحية من شح المياه مركبة تجمع بين تقصير الدولة وبين نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان، بالإضافة إلى العوامل المناخية التي أدت إلى انخفاض نسبة المتساقطات.

بدايةً؛ لا بدّ من الإجابة على التساؤل الآتي: هل هذه الأزمة حديثة؟ أم أنها أزمة متعاقبة على مدى السنوات؟، أزمة المياه في الضاحية الجنوبية لبيروت ليست وليدة اللحظة؛ بل هي تراكم عدد من سنوات الإهمال والتقصير من الدولة اللبنانية التي لم تبادر، ولأعذار متعددة، إلى تطوير شبكة المياه من جهة، وإصلاح الأعطال من جهة أخرى.

كذلك هناك مناطق عدة في الضاحية الجنوبية تعاني بسبب تلف في الشبكة؛ بالإضافة إلى التعديات التي تحصل في مناطق متفرقة. هذه المشكلات طبعًا كانت قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 وبعده وقبل العدوان على لبنان 2024 وبعده. أي أن تقصير الدولة في المعالجة ليس آنيًا ومؤقتًا؛ هو يمتد إلى سنوات مضت.

نأتي الآن إلى العامل الثاني الذي فاقم أزمة المياه في الضاحية، وهو العامل المناخي. وهنا لا يمكن أن تكون هناك حلول غير الترشيد في استهلاك المياه قدر المستطاع. وفي مؤشر عل شح الأمطار؛ فقد سجلت منطقة بيروت وفقًأ لمصلحة الأرصاد الجوية في لبنان، إلى يومنا هذا، 378.1 ملم من المتساقطات بينما سُجلت السنة الماضية خلال المدة نفسها 1020.5 ملم من المتساقطات؛ أي بتراجع يبلغ 642.4 ملم. وهذه الأرقام تنذر بخطر كبير يتهدد المخزون المائي. وإذا لم تتعامل الدولة، بشكل مناسب، مع هذه الأزمة سيتضاعف عدد الطلب على صهاريج المياه التي لن تكون موجودة بكميات كبيرة، ما سيشكل ارتفاعًا جنونيًا بأسعار مياه الخدمة.

أما العامل الثالث؛ فهو العدوان الإسرائيلي الذي دمر الكثير من البنى التحتية وخاصة شبكة المياه، سواء أكانت تمديدات أم حتى آبار ارتوازية كانت موجودة في بعض المباني. وقد تسبب العدوان، أيضًا، باختلاط مياه الشفة مع مياه الصرف الصحي؛ ما جعل بعضها غير صالح للاستخدام.

لقد أتى هذا العدوان ليفاقم الأزمة الموجودة أصلًا ولم تحل، واليوم بتنا أمام أزمة مركبة يصعب على الدولة حلها من دون إجراءات وعمل دؤوب. والوقت ليس لمصلحة الدولة، كوننا نتجه نحو فصل الصيف الذي يترافق أصلًا مع شح مياه في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ختامًا، مهما كان وضع الدولة فهي مسؤولة عن أمن مواطنيها المائي، ونحن أمام أزمة تطال كل منزل في الضاحية الجنوبية. إذ إن المنازل التي لا تصلها مياه أصلًا سيتضاعف قيمة بدل شراء المياه لديها. أما المنازل التي لديها آبار إرتوازية في المبانى ستعاني أيضًا شحًا سيدفعها إلى شراء الماء.

لذلك؛ على الدولة إصلاح ما أمكن من الشبكة المائية وإيلاء الأهمية لوصول المياه إلى هذه المنطقة، كونها تعاني  بسبب آثار العدوان الإسرائيلي، وكذلك بسبب آثار تقصير الدولة خلال الحكومات المتعاقبة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد