يُقال الكثير عن علاقة لغة الضادّ بالفنون، وعن الطُّرق التي استُلهمت فيها بأعمال فنّانين عرب وأجانب كثُر. وضمن هذا الإطار، افتُتح في الثامن من إبريل/ نيسان الجاري، في "متحف روز وشاهين صليبي" في بيروت، معرضٌ جماعي بعنوان "نشيد وجداني.. الحداثة واللغة العربية في لبنان"، ويتواصل حتى الخامس عشر من يوليو/ تموز المُقبل، في محاولة لإضاءة أعمال تسعة وعشرين فنّانًا وفنّانة لبنانية، شكّلت العربية بعوالمها الشعرية والأدبية، وبحروفها قبل ذلك، مصدرًا رئيسًا في اشتغالاتهم.
يُبيّن المعرض الذي يقتبس عنوانه من نصّ لمي زيادة نُشر في العام 1930 بعنوان "تطوّر اللغة العربية"، مدى تنوُّع تجارب بيروت التحاوُرية وتأثّرها باللغة، وتحدّيها للهيمنة الغربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تمّ تجميع هذه الأعمال وعرضها معًا للمرّة الأولى. وتتوزّع المعروضات بين التجريد الخطّي وتوظيف الشعر، والنقوش المقروءة واللوحات السريالية، كما تتنوّع إشكاليات الفنانين على نطاق واسع، حيث يستجوبون الأبعاد الدلالية والشكلية والرمزية للنَّصّ العربي. وتنبع أهمية المعرض من كون هذه الأعمال تُشكّل "خلفية تاريخية لموجة جديدة هدفها استرجاع وهج العربية"، وفقًا لما ورد في البيان التقديمي للمعرض.
من أبرز الأعمال التي تُطالعنا في المعرض، مساهمة من الراحلة إيتيل عدنان (1925 - 2021) بعنوان "بيوت العنكبوت"، تعود لعام 1972، وهي عبارة عن عمل يندرج ضمن تصميماتها في "الآرت بوك"، وإلى الجوار منها منحوتة صغيرة لسلوى روضة شقير (1916 - 2017)، وعمل خطاطي لأوغيت كالان (1931 - 2019)، يُضفي هذا "الثالوث النسوي"، إن جازت التسمية، الكثير من الأهمية على المعرض، ويضعنا أمام فهم عميق لأهمية الضاد عند رائدات تجاوزن حدود المحلّية أو المنطقة العربية إلى العالم.
كذلك نبقى في جوّ الفنّانات، مع لور غريب (1931 - 2023)، ومنى السعودي (1945 - 2022)، تُطالعنا الأولى بلوحات مأخوذة بسحر المنمنمات الحروفية المتداخلة، والثانية بعمل مشترك مع ابنتها الراحلة ضياء البطل (1978 - 2023) بعنوان "تحية إلى محمود درويش"، بالإضافة إلى أعمال أُخرى منها ما هو مستوحى من شعر أدونيس. أمّا هلن الخال (1923 - 2009) فأبرز ما يتضمنه المعرض من اشتغالاتها أغلفة الأعداد من واحد إلى خمسة من "مجلّة شعر".
حروفيّ وشاعر آخر يُضيء المعرض عدّة لوحات من توقيعه، هو سمير الصايغ (1945)، والذي يوصف عادةً بـ"شيخ الكار"، لما أضافه إلى الحروفية العربية من رؤى مزجت عوالم التصوّف بالحداثة، فضلًا عن دوره الأكاديمي وتأثيره العميق بجيل من المصمّمين والفنّانين البارزين اليوم.
يضمّ المعرض أعمالًا أُخرى أيضًا لحسين ماضي، وعارف الريّس، وليلى هبر، ورفيق شرف، وصليبا الدويهي، وشفيق عبود، ووجيه نحلة، ونبيل نحاس، وسامي مكارم، وسعيد عقل، وموسى طيبا، وبول غيراغوسيان، وجوزيف الحلو، وعدنان المصري، وجوليانا سيرافيم، ومنير نجم، وآخرين.