أوراق ثقافية

انطلاق "المعرض الدولي للنشر والكتاب" في الرباط في دورته الثلاثين

post-img

تُفتتح، اليوم الخميس في العاصمة الرباط، فعاليات الدورة الثلاثين لـ"المعرض الدولي للنشر والكتاب"، ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري في فضاء السويسي، والذي أصبح يرسّخ موقعه فضاءً دائمًا لهذا الحدث بعد انتقاله من الدار البيضاء.

يشارك في دورة هذا العام ما يقرب من 775 عارضًا يمثّلون 51 بلدًا. وتحلّ الشارقة ضيفَ شرفٍ بمشاركة أكثر من 15 دار نشر إماراتية، إضافة إلى سلسلة من الفعاليات التي ستسلط الضوء على تراثها وتاريخها الحضاري ومستجدات مشهدها الثقافي ومبادراته المتواصلة في دعم صناعة الكتاب والمعرفة.

اللافت في دورة هذ العام هو الاحتفاء بمغاربة العالم، من خلال تكريم شخصيات من كتاب المهجر المغاربة، أبرزهم الراحل إدريس الشرايبي،  وهو أحد روّاد الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية، إذ يحظى باهتمام خاص من خلال فضاء يضمّ معرضًا للصور، ومداخلات تتناول رواياته وسيرته الأدبية. ويأتي هذا التكريم أولًا مبادرةً انطلقت خلال الدورتين السابقتين احتفاءً بأعلام الفكر والثقافة المغاربة؛ وثانيًا في سياق برنامج غني يشمل ندوات وأمسيات شعرية بلغات المهجر، يشارك فيها مبدعون مغاربة مقيمون في الخارج.

تتوزّع فقرات المعرض بين اللغة العربية والفرنسية، وتغطي طيفًا واسعًا من الموضوعات الأدبية والفكرية والتاريخية والفنية والإعلامية، بمحاور عديدة، أبرزها: "المغرب المتعدد"، حيث يواصل هذا المحور، كما في الدورة السابقة، إبراز تنوّع الهوية الثقافية للبلاد. ومن أبرز فعالياته هذا العام "التعبير الفني الأمازيغي في سياق الهجرة"، و"الترجمة وأدوارها في الارتقاء باللغة والثقافة الأمازيغيتين"، لتأكيد دور الترجمة في بناء الجسور بين الثقافات، وفتح اللغة الأمازيغية على آفاق كونية.

كما يدرج برنامج المعرض محورًا مهمًّا يحمل عنوان "الأدب أفقًا للتفكير"، يُقارب الأدب في ضوء التأمل الفكري أو التغيرات السياسية والاجتماعية ورهانات المستقبل. من أبرز ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية في هذا المحور، لقاءٌ ثقافي يستعيد البُعد الفكري والنضالي لأحد أهم الشخصيات الثقافية العربية، بعنوان "في الحاجة إلى إدوارد سعيد". إضافة إلى أنشطة ثقافية أخرى متنوعة، منها: "الإبداع الفلسطيني في مواجهة سياسة المحو"، و"القصة والحرب"، و"الحوار الفكري العربي الجرماني"، وصولًا إلى موضوع المرأة عبر فعاليات مثل: "وارثات سر فاطمة المرنيسي"، و"النسوية واستراتيجية إنتاج المعرفة".

كما تتّسع زاوية التفكير إلى حضور الشعر العربي في زمن التحوّل الرقمي بندوة "استعادة الشعر العربي بالوسائط التكنولوجية الجديدة"، فيما تفتح ندوة "أسئلة الكتابة بلغة الآخر" جدل الكتابة بغير لغة الأم، بينما تقارب ندوة "الرواية والمسرح: الحوارية والتفاعل" التداخل الفني بين السرد والركح.

كما يسجّل البرنامج تنظيم عدد من الندوات باللغة الفرنسية، تمحورت معظمها حول قضايا الهجرة والترجمة، من بينها ندوة "ترجمة الأدب الفرنسي إلى العربية: إشكالات وآفاق"، والعديد من الموائد المستديرة التي تجمع كُتّابًا مغاربة مهاجرين لتبادل التجارب ومناقشة رهانات الكتابة في سياقات الهجرة.

كما أشار البرنامج إلى إطلاق مشروع لترجمة أعمال الكُتّاب المغاربة المقيمين في الخارج إلى اللغة العربية. إذ على الرغم مما راكمته الجالية المغربية من إنتاج أدبي متعدّد الأصوات، يعكس ثراء تجارب العبور والهويات المتداخلة، لا تزال هذه الأعمال بعيدة عن متناول القارئ المغربي، بسبب عائق اللغة وضعف حضورها في سوق النشر العربي. علاوة على إصدار عددين خاصين مـن مجلتين تحتفيان بمغاربة المهجر؛ الأولى هي مجلة "ديبتيك"، حيث خصص العدد للفنانات والفنانين التشكيليين من مغاربة العالم، والثانية مجلة "تيل كيل" المخصصة لروائيات المهجر.

لم يقتصر دور المعرض على إبراز المعنى الأدبي فقط، بل اتسع ليشكّل منصة للحوار بين الفعل الثقافي والمؤسسات العمومية، حيث تُنظَّم ندوات تحت محور "برنامج المؤسسات"، منها: "حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في خدمة المواطنين"، "دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبّع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة"، و"قرن من المعرفة" وهي ندوة عن تجربة المكتبات بين المغرب والإمارات.

من خلال سلسلة من الجوائز مثل "جائزة المغرب للكتاب"، و"جائزة ابن بطوطة" لأدب الرحلة، و"جائزة الكتابة الإبداعية"، و"جائزة الشعراء الشباب"، بالإضافة إلى فقرة متوّجون، يسلط المعرض الضوء على تجارب أدبية وفكرية من أجيال متعددة، حازت جوائز هذه السنة. وإلى جانب تكريم للشاعر عبد الكريم الطبال، تحتفي فقرة "مسارات" بأصوات طبعت المشهد الثقافي، مثل عمر أمرير، محمد برادة، وليلى أبو زيد، ومحمد بنطلحة، ومبارك ربيع، ورشيدة بنمسعود. أما فقرة "في الذاكرة"، فتستعيد أثر الراحلين: محمد عنيبة الحمري، وعبد السلام مصباح، ولطيفة الكندوز، ومحمد بن عيسى.

موازاة مع هذا التنوع الثقافي، يتضمّن البرنامج توقيعات لعدد من الإصدارات الجديدة في مجالات الأدب والفكر والعلوم، فضلًا عن أمسيات شعرية، يشارك فيها شعراء من المغرب ومن خارجه.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد