عن ثلاثة وثمانين عامًا، رحل يوم السبت الماضي الشاعر اللبناني إلياس لحود، بعد مسيرة شعرية غنيّة امتدّت لأكثر من سبعة عقود، جعلته واحدًا من وجوه الحداثة الشعرية اللبنانية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وُلد لحود في العام 1942 في بلدة جديدة مرجعيون (جنوب لبنان)، في بيتٍ شعري الطابع، إذ كان والده ميكانيكيًا وشاعرًا هاويًا يعزف الموسيقى ويقرض الشعر الشعبي. كتب لحود قصائده الأولى بالفرنسية وهو لم يتجاوز العاشرة، ثم بدأ الكتابة بالعامية والفصحى، قبل أن ينتقل إلى القصيدة الحرّة وقصيدة النثر، ويُصبح أحد المؤسسين الفعليين للحداثة الشعرية في لبنان.
نال الراحل إجازة في اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية في العام 1968، وعمل طويلًا في التعليم والصحافة الثقافية، وأسهم في تأسيس مجلّتي «الفكر العربي» و»الفكر العربي المعاصر»، قبل أن يُطلق في العام 1988 مجلته الخاصة «كتابات معاصرة»، التي شكّلت منبرًا لأصوات ما بعد الحداثة في الشعر والفكر.
أصدر إلياس لحود ديوانه الأول «على دروب الخريف» سنة 1962، وهو في العشرين من عمره، وقد عكست المجموعة الأولى نزوعًا رومانسيًا حساسًا يترصد تحولات الطبيعة والذات، ثمّ توالت أعماله بعد ذلك: «السدّ بنيناه» (1967)، و»فكاهيات بلباس الميدان» (1974)، و»ركاميات الصديق توما» (1978)، و»المشاهد» (1980)، و»شمس لبقية السهرة» (1982)، و»الإناء والراهبة» (1990)، و»مراثي بازوليني» (1994)، «عقد فرسان» (1994)، و»جسمك عرس (1994)، و»براويز قصص» (1997)، و»سيناريو الأرجوان» (2003)، و»أيقونات توت العلّيق» (2007)، و»قصائد باريس» (2010). كما صدرت له دواوين عشقية مثل «عقد فرسان» (1994)، «براويز قصص» (1997)، و»جسمك عرس» (1994)، وقد جُمعت أعماله الشعرية الكاملة في أربعة مجلدات عن دار الفارابي عام 2012.
أسّس لحود مع شعراء جنوبيين آخرين، مثل جوزيف حرب، حبيب صادق، عصام العبدالله، جماعة «شعراء الجنوب»، التي صدرت عنها أول باكورة شعرية بعنوان «كل الجهات الجنوب»، وكانت هذه المجموعة خطوة أولى نحو تأصيل صوت شعري جنوبي حديث، خارج الأطر التقليدية. كذلك تأثّر الراحل بقضية فلسطين، وبهموم الإنسان العربي، وكتب في شعره عن انكسارات العواصم العربية، وجرح الجنوب اللبناني، وتجربة السجن، والحياة اليومية.