رشيد حداد (الأخبار)
دشّنت صنعاء مرحلة جديدة من حرب إسناد قطاع غزّة، بصاروخ فرط صوتي جديد أصاب قلب مطار "بن غوريون" في تل أبيب، وهو أهم مطارات الكيان "الإسرائيلي" وأفضلها تحصينًا، لتؤكّد عجز الولايات المتحدة عن حماية الكيان من النيران اليمنية، على رغم الحرب الجوية التي تستمر جولتها الثانية، بصورة أكثر كثافة من الأولى. وتزامن ذلك مع تصعيد مواز ضدّ الأميركيين تمثّل بإعلان حظر مرور النفط الخام الأميركي من مناطق عمليات قوات صنعاء.
وأكّد الناطق باسم القوات المسلّحة اليمنية، العميد يحيى سريع، استهداف القوّة الصاروخية التابعة لها مطار "بن غوريون" في "تل أبيب" بصاروخ باليستي فرط صوتي، من دون ذكر اسم الصاروخ. وأشار، في بيان، إلى أن هذا الأخير تمكّن من تحقيق إصابة مباشرة للهدف، مضيفًا أن العملية أظهرت "فشل المنظومات الاعتراضية الأميركية والإسرائيلية في اعتراض الصاروخ"، وأدّت إلى "هروب أكثر من ثلاثة ملايين صهيوني إلى الملاجئ، بالإضافة إلى توقّف حركة المطار بشكل كامل ولأكثر من ساعة". وجدّد تحذيره "كلّ شركات الطيران العالمية من مواصلة رحلاتها إلى مطار بن غوريون كونه أصبح غير آمن لحركة الملاحة".
وقالت مصادر في صنعاء، بدورها، لـ"الأخبار"، إن الهجوم تمّ بصاروخ من نوع جديد لم يُعلن عنه، تمكّن من تجاوز كلّ طبقات الدفاعات الجوية للعدو، وتحقيق هدفه في قلب مطار "بن غوريون"، ما أدّى إلى إعلان عدد من شركات الطيران وقف رحلاتها، ودفع بأخرى إلى تحويل مسار طائراتها إلى مطارات أخرى آمنة.
وأتت العملية بعد ساعات من إعلان قوات صنعاء تنفيذ سلاح الجو المُسيّر عملية عسكرية مساء السبت، طاولت "هدفًا حيويًا تابعًا للعدو في منطقة عسقلان المحتلة"، وذلك بطائرة مُسيّرة من نوع "يافا". ودفع الهجوم الجديد بقيادة منظومات الدفاع الجوي في جيش الاحتلال إلى فتح تحقيق فيه، وفق الإعلام العبري. وكانت إذاعة جيش الاحتلال نقلت عن مصدر عسكري قوله إن "منظومتَيْ ثاد الأميركية وحيتس الإسرائيلية حاولتا اعتراض الصاروخ اليمني لكنهما فشلتا"، في حين ذكرت "القناة 12" الإسرائيلية أن "الرأس الحربي للصاروخ كان كبيرًا للغاية، ما تسبّب في موجة انفجارات هائلة". وتحدّثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أيضًا، عن إصابة سبعة أشخاص جراء سقوط الصاروخ بالقرب من مبنى الركاب رقم 3، في ما وثّقت منصّات "إسرائيلية" مشاهد قالت إنها للحظة سقوط الصاروخ، وأظهرت تصاعد دخان أسود كثيف من قلب المطار.
وتزامنت العملية مع اجتماع في وزارة الدفاع في صنعاء، عُقد برئاسة رئيس "المجلس السياسي الأعلى"، مهدي المشاط، تمّ خلاله إقرار ملامح التصعيد المقبل والتعبئة الشاملة لمواجهة جديدة مع العدوان الأميركي - الإسرائيلي. وأكّد المشاط، خلال الاجتماع، إفشال الهجمات الأميركية كافة، كاشفًا أن واشنطن تجاهلت تحذيرات من خطوات مزعجة ستقدم عليها قوات صنعاء. وأضاف أن "واشنطن توهّمت بأن منظومات الدفاع الجوي ستمنع خطواتنا"، متابعًا أن "معلومات القوات الأميركية مكشوفة لقواتنا وليس بمقدورها منع هذا الانكشاف". ووجّه أيضًا رسالة جديدة إلى القوى الموالية للعدوان الأميركي، مؤكدًا أن أي تصعيد سيتم التعامل معه كجبهة إسناد ل"إسرائيل".
وكانت الهجمات الجوية الأميركية تصاعدت على اليمن. وقال "مركز الإعلام الأمني" في وزارة الداخلية في صنعاء، إن الطيران الأميركي شنّ أكثر من 35 غارة استهدفت محافظات مأرب والجوف والحديدة.
وتعرّضت محافظة الجوف لأكثر من 18 غارة منها 12 طاولت مديرية الحزم، مركز المحافظة، واثنتان على مديرية خب والشعب، في حين شنّ الطيران الأميركي ثماني غارات على مأرب. كذلك، أفادت مصادر محلية في محافظة صعدة بأن الطائرات الأميركية شنّت ثماني غارات على منطقة طخية، وقصفت بثلاث أخرى مديرية سحار. كما استمرت الغارات على ميناء رأس عيسى النفطي الواقع على سواحل الحديدة، والذي تعرّض لسلسلة هجمات مكثّفة منذ فجر السبت تجاوزت 12 غارة، في إطار محاولات أميركا منع استئناف نشاط الميناء، خاصة أن هناك 15 سفينة محمّلة بمنتجات نفطية مختلفة تتواجد في غاطسه، وتحول الغارات الأميركية دون تفريغها منذ أسابيع.
وردًا على ذلك، أصدرت "هيئة الشؤون الإنسانية" في صنعاء المعنية بتنظيم الحركة الملاحية في البحريْن الأحمر والعربي والمكلّفة بالتواصل مع الشركات الملاحية الدولية، قرارًا يقضي "بحظر مرور النفط الأميركي في البحريْن الأحمر والعربي، والمحيط الهندي وفي أي نقطة تصل إليها قواتنا المسلحة، ومعاقبة الشركات الملاحية الدولية في حال انتهاكها القرار اليمني". ويُعدّ هذا القرار بمثابة رسالة أولية إلى واشنطن أكّدت فيها صنعاء امتلاكها أوراق ضغط اقتصادية مزعجة لها، وخطوة أخرى في إطار تصعيد مقابل للتصعيد الاقتصادي الأميركي المتمثّل بفرض عقوبات على ناقلات النفط، لقيامها بنقل شحنات نفط إلى ميناء رأس عيسى النفطي خلال الشهر الماضي.
وقال مصدر اقتصادي مطّلع في صنعاء، لـ"الأخبار"، إن الإجراءات الأخيرة المتّخذة ضدّ صادرات النفط الأميركي ستكون لها آثار مباشرة وغير مباشرة، وستدفع نحو ارتفاع أجور نقل صادرات هذا النفط، والتي ارتفعت أواخر العام الماضي إلى 4.1 ملايين برميل يوميًا، فضلًا عن أثرها في ارتفاع رسوم التأمين على السفن وإرباك سلاسل الإمداد. وأشار إلى أن القرار اتُّخذ بناءً على بيانات تؤكد أنه سيكون له أثر على صادرات أميركا النفطية، مضيفًا أن الأمر قد يطاول واردات واشنطن من النفط العربي عمّا قريب، بعد دخوله حيز التنفيذ منتصف الشهر الجاري.