اوراق مختارة

جعجع يخطب ودّ سلام نكاية برئيس الجمهورية

post-img

ميسم رزق (الأخبار)

ثمّة من يحلو له القول إن الحرب الصهيونية الأخيرة أدخلت لبنان في مرحلة من اختلال التوازن كليًا لمصلحة القوى المعادية للمقاومة، علمًا أن الطرف الذي جنّد نفسه لخدمة المشروع الأميركي – "الإسرائيلي" والذي يمثّله بالدرجة الأولى قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع يقود، على هامش مشروع نزع سلاح المقاومة وتسليم البلد بالكامل للوصاية الأميركية – السعودية، مشروعًا آخر وهو الانقلاب على العهد، ويضع نصب عينيه محاصرة رئيس الجمهورية جوزيف عون لمنعه من حجز حصة له عند الجمهور المسيحي.

يتصرف جعجع أخيرًا، على قاعدة أنه وجد شريكًا في المعركة، وهو رئيس الحكومة نواف سلام الذي باتَ خلافه واضحًا مع عون، إذ يعتبر أن الأخير يسعى منذ بداية العهد إلى قضم جزء من صلاحيات الرئاسة الثالثة. وفي ما يرى جعجع أن رئيس الجمهورية يسعى بغطاء ودعم من رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تكريس سلطته، ما دفعه إلى البحث في سبل التأسيس لثنائية مع سلام مقابل ما يسميه بثنائية عون – بري.

بعدَ الزيارة العلنية التي قام بها سلام إلى معراب الشهر الماضي، فورَ عودته من المملكة العربية السعودية وبطلب منها، علمت "الأخبار" أن سلام عادَ واجتمع بجعجع منذ ثلاثة أسابيع بعيدًا عن الإعلام.

وجرى التركيز في اللقاء على عدم السماح لعون بالاستفراد بالحكم، والتصرف كرئيس ما قبل الطائف، إذ يعتبر جعجع أن خطاب القسم والطريقة التي يتعامل بها عون مع المؤسسات يعكسان رغبة لديه بالتفرد بالقيادة.

وقالت مصادر مطّلعة إن جعجع اتفق مع سلام على "قيادة جبهة وزارية تضم وزراء "القوات"، والوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة لإعادة التوازن في مجلس الوزراء، وكلّ  ذلك من أجل الحدّ من نفوذ عون"، خصوصًا أن "جعجع يرى في سلام شخصية ضعيفة وغير قيادية ولا يستطيع وحده مواجهة رئيس الجمهورية".

لكنّ مصدرًا وزاريًا على صلة برئيس الحكومة، قال إن أي توافق بين متضررين من طريقة إدارة رئيس الجمهورية للعمل الرسمي، وتدخله الواسع في عمل المؤسسات التي هي من اختصاص رئيس الحكومة، لا يمكن تطويره فجأة إلى شراكة بين جعجع وسلام، كون الأخير، ليس مقتنعًا بالأهداف البعيدة المدى لـ"قائد القوات اللبنانية"، كما أن رئيس الحكومة يعلم أن هناك حملة مفتوحة عليه من قبل أصوات سياسية وإعلامية على تناغم وتنسيق مع "القوات" وفريقها الإعلامي. كما لا يوجد توافق على ملفات كبيرة، ولا سيما ملفات الإصلاح المالي.

ومع ذلك، فإن هذا الاشتباك يجعل القوى كافة في مرحلة صدام، على الرغم من وجود عناوين مشتركة، من أبرزها "بناء الدولة تحت شعار حصرية السلاح بيد السلطة الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية".

لكنّ الصالونات السياسية تضجّ بالأنباء عن معركة جعجع مع رئيس الجمهورية، خصوصًا بعدَ الحركة السياسية الأخيرة تجاهه، إذ يراقب جعجع نشاط بعض المسيحيين المستقلين الذين بدأوا يحجون إلى بعبدا حاملين معهم مشروعًا انتخابيًا نيابيًا، وهم يحاولون إقناع عون بعدم خوض المعركة النيابية بشكل مباشر بل ترك المهمّة لشخصيات مسيحية مستقلّة، تكون نواة لكتلة نيابية تابعة لرئيس الجمهورية وفي خدمة مشروعه السياسي طوال فترة عهده. وهو ما يثير حفيظة جعجع الذي يلمس اتّجاهًا مسيحيًا داعمًا لجوزيف عون، قد يضرب مشروعه لاستقطاب "المحايدين" أو الذين انشقوا عن التيار الوطني الحر أو غير الحزبيين وهم شريحة واسعة داخل الشارع المسيحي.

وعلى الرغم من أن هذا المناخ غير منظّم حتّى الآن، إلا أن الانتخابات النيابية ستكون بمثابة الوسيلة لتقطير هذا المناخ في مشروع سياسي عنوانه التيار المسيحيى الثالث وأن يكون رئيسه جوزيف عون الذي كانَ مقرّبًا سابقًا من الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر. ولن يكتفي جعجع بحسب العارفين، بالتحالف الخفيّ مع رئيس الحكومة لمواجهة عون، بل سيستكمل ذلك من خلال التخريب على العهد ورفع الخطاب في وجهه في عدة ملفات، على غرار ما حصل حين هاجم القواتيون موضوع الحوار الذي تحدّث عنه عون لمناقشة سلاح حزب الله.

هذه المعركة، تدخل ضمن الترسيمات المحلية الضيقة، وقد حدّد جعجع فيها "الخصم" و"الهدف" وهو مستعدّ للعب هذه الورقة حتّى النهاية، فهو لم ينسَ أن جوزيف عون كانَ العائق الوحيد لوصوله إلى بعبدا في أكثر لحظة مناسبة اعتبرها جعجع فرصة لن تتكرّر.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد