موقع العهد الإخباري
تستعد منطقة البقاع، يوم الأحد المقبل، لخوض غمار الاستحقاق البلدي والاختياري، وسط انقسام سياسي حادّ، واصطفافات عائلية تقليدية، تعكس طبيعة المنطقة وتوازناتها المعقّدة. المنطقة تنقسم إداريًا إلى ثلاثة أقسام: بعلبك - الهرمل، البقاع الأوسط ومركزها مدينة (زحلة)، والبقاع الغربي وراشيا، حيث تُخاض الانتخابات على وقع رهانات كُبرى تتعدّى المجالس المحلية، لتصل إلى رسم أولويات وتوجهات المعركة النيابية المنتظرة في العام المقبل.
على الرغم من أن عددًا من البلديات حُسم بالتزكية، فإن أغلب القرى والبلدات تشهد منافسة مُحتدمة، أبرزها تلك التي تشكل ميدانًا للتأثير السياسي المباشر للأحزاب، أو تلك التي لها رمزية في المعادلة الوطنية.
التحالف الثنائي متين
يعتمد التحالف الثنائي بين حزب الله وحركة أمل على قاعدة متينة في العديد من بلدات ومحافظات البقاع، حيث تمّ التوافق على تشكيل لوائح مشتركة بالتنسيق مع العائلات المحلية. وقد أُنجزت هذه اللوائح بهدوء في عدد كبير من القرى، ولا سيما في محافظة بعلبك - الهرمل، ما أفضى إلى توافقات شبه شاملة في بعض المناطق.
اختبار زحلة
الأمور لم تسرِ على هذا النحو في زحلة، حيث يتخذ المشهد طابعًا انقساميًا حادًا داخل ما يُعرف بفريق 14 آذار. فـ"القوات اللبنانية" تسعى بقوة لكسر هيمنة رئيس البلدية الحالي، المحسوب على النائب ميشال ضاهر ورجل الأعمال أسعد نكد، وسط تباينات داخل البيت السياسي الواحد، ما يحوّل المعركة إلى اختبار جدّي لقدرة كل طرف على تثبيت حضوره.
بعلبك والهرمل: تنافس مضبوط
في مدينة بعلبك، تدور المعركة بين لائحة مدعومة من "الثنائي الشيعي" بالتحالف مع العائلات، تقابلها لائحة معارضة تحظى بدعم من "القوات اللبنانية"، وعدد من الكتل والأحزاب الأخرى، إضافة إلى الحراك المدني، الذي يسعى إلى تسجيل خرق ولو بمقعد واحد.
أما في الهرمل، فيسود مناخ من الارتياح والتوافق بعد إرساء تفاهمات شاملة بين الثنائي والعائلات المؤثرة، ما يُرجّح كفة التزكية أو فوز مريح للوائح المشتركة.
راشيا: معركة بين الأحزاب والعائلات
في قضاء راشيا الوادي، تبرز مواجهة بين لائحة مدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، والحزب السوري القومي الاجتماعي، في مقابل لائحة مؤلّفة من العائلات وتحظى بدعم من بعض مكونات الحراك المدني، ما يجعل المعركة هناك ذات طابع مزدوج: سياسي - اجتماعي.
البقاع الغربي والأوسط: غياب المستقبل وحضور مراد
في المقابل، يشهد عدد من بلدات البقاع الغربي والأوسط فراغًا نسبيًا نتيجة غياب تيار "المستقبل" عن المشهد السياسي، وهو ما فتح الباب أمام النائب حسن مراد، ليلعب دورًا محوريًا كقوة سياسية واجتماعية صاعدة. وقد نجح مراد، في تأليف لوائح توافقية في عدد من البلدات، جامعةً لمختلف المكونات، ومُطلِقًا مبادرة تحفيزية تقضي بتقديم مشروع إنمائي لأيّ بلدة يُنتخب مجلسها البلدي بالتزكية.
جنوب الليطاني: توافق وتزكية
أما في بلدات جنوب سد الليطاني، فقد حافظ تحالف حزب الله – أمل على تماسكه، بالتعاون مع الحلفاء المحليين، ما أدى إلى فوز بالتزكية في عدد من البلديات والمخاتير، فيما تتجه بلدات أخرى نحو استحقاق انتخابي يُتوقع أن يحسم بنتائج مريحة لهذا الفريق.
ما بعد البلديات
من المؤكد أن الأحزاب والقوى السياسية ستقرأ نتائج الانتخابات البلدية بعناية، ليس فقط على مستوى الأرقام، بل في ما تمثله من مؤشرات على حجم الحضور والتأثير في القواعد الشعبية، استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة. وعلى الرغم من أن هذا الاستحقاق يحمل في طياته بعدًا عائليًا ومحليًا، إلا أنه يُستخدم كبوصلة سياسية لتحديد حجم القوى، ومقاربة التحالفات، ورسم خريطة التحضير للمرحلة المقبل.