حسن نعيم/ كاتب من لبنان
بعد تأجيله في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2024 بسبب ظروف الحرب الإسرائيلية على لبنان؛ نُظّم من جديد "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" في دورته الـــــ66 للعام 2025.
المعرض، والذي ينظمه "النادي الثقافي العربي"، يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية في لبنان والعالم العربي؛ فقد أُقيم لأول مرة في العام 1956. وهو يعدّ عميد معارض الكتب العربية، ويُعدّ من أقدم المعارض العربية للكتاب، ويُعرف بتاريخه العريق في احتضان الإنتاج الأدبي والفكري العربي، ويُعد من أبرز المنصات الثقافية التي تجمع الكُتاب ودور النشر والمثقفين من مختلف الدول.
تأتي هذه الدورة الـــــ 66 في ظروف صعبة؛ لتحمل كل مؤشرات الإنهاك التي تعيشها الساحة الثقافية العربية عامة، واللبنانية على وجه الخصوص، حيث أتي الإقبال خجولًا على ارتياد المعرض وتقلّصت مساحته من 10,000 متر مربع قبل العام 2019 إلى 2,200 متر مربع، ليؤشر على تراجع الأهمية التي كانت لهذا المعرض في دورته السابقة.
إزاء برودة الإقبال على أجنحة دور النشر في بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته، وحماوة عملية الانتخابات البلدية والاختييارية في لبنان، لا يمكن الهروب من السؤال عن مصير مجتمع لا يقرأ، ولا يهتم بشراء الكتب واقتنائها في الوقت الذي يتهافت على موقع بلدي أو اختياري. ليس المقصود من هذه المقدمة التقليل من شأن العملية الانتخابية؛ إنما الإشارة إلى المفارقة الكبيرة بين ما ينمي العقول والأفهام وما يثير الانقسامات والخلافات بين أبناء البلدة الواحدة والعائلة الواحدة والبيت الوحد، في أكثر الأحيان.
في جولة يغلب عليها الطابع التأملي، في أروقته، تتأسف إلى الحال التي وصل إليها هذا المعرض العريق الذي أسس منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمن، وشكّل التظاهرة الثقافية الأبرز في تاريخ البلد، وشهد تواقيع لكبار الكتّاب والشعراء العرب، مثل محمود درويش ونزار قباني ومحمد علي شمس الدين، وعبد الرحمن منيف....
شارك في المعرض هذا العام نحو ١٢٠ دار نشر عربية وأجنبية، وتنظم ضمن فعالياته ندوات ثقافية، أمسيات شعرية، ومحاضرات فكرية وحفلات توقيع كتب ولقاءات مع مؤلفين وأنشطة مخصصة للأطفال واليافعين وندوة وأمسيات شعرية، لكن الإقبال الخجول على شراء الكتب والمشاركة في فعاليات المعرض يدفعك إلى التساؤل عن أسباب هذا الأمر.
يقول حسين خليفة صاحب دار الولاء للطباعة والنشر إنه على الرغم من ظروف الحرب الإسرائيلية على لبنان كان الإقبال على المعرض مقبولًا؛ لا سيما إذا أخذنا بالحسبان الأزمة الإقتصادية التي يمر بها البلد، بالإضافة إلى تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة والخلافات المعروفة بين نقابة الناشرين والنادي الثقافي العربي التي أدت إلى مقاطعة دور نشر كبرى في لبنان؛ مثل "دار المؤلف" و"دار الرافدين" و"مكتبة أنطوان"....ولا ينسى خليفة التذكير بالظروف الصعبة والتحديات التي تواجه الكتاب المطبوع، وأبرزها الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الحصول على الكتاب الإلكتروني ....
أما الشاعر النائب إيهاب حمادة، والذي وقع كتابيه في المعرض، "ما سكت عنه الفراهيدي" و"صبايا الريح"، فيرى أن مساحة الثقافة والكتاب: "تعبر عن إرادة الحياة بالنسبة إلى اللبنانيين على الرغم من الظروف القاسية التي يمرون بها، فمشهد إرادة الحياة يتمثل بهذه التظاهرة الثقافية وبفعاليتها على مستوى المنجز الشعري والأدبي والفكري. وتأتي فعاليات هذا المعرض لتشكّل نوعًا من المواجهة الحقيقية للموت الذي يريده العدو الإسرائيلي لهذا الوطن".
تقترب أيام "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب"، في دورته الـــ66، من الانتهاء وتبقى الآمال معقودة على النادي الثقافي العربي في إعادة أيام العز لمعرض كان الأبرز في العالم العربي، وفي مدينة كانت عاصمة ومنارة للثقافة العربية في يوم من الأيام.