اوراق خاصة

هل يحرق نواف سلام المراحل؟

post-img

حسين كوراني/ خاص موقع أوراق

بات واضحًا لدى كثير من اللبنانيين والأوساط السياسية في لبنان أن البلاد مشرفة على الدخول في "كباش" سياسي بين حزب الله ورئيس الحكومة نواف سلام على خلفية الأحاديث الصحافية التي أدلى بها الأخير، وتجنبه ذكر المقاومة في العيد الخامس والعشرين لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، وبقوله أيضاً إن تصدير الثورة الإيرانية إلى المنطقة قد انتهى، وبرفضه ثنائية السلاح.

يبدو أن نواف سلام، بدأ يحرق المراحل قبل أوانها، وكأن في أجندته السياسية برنامج عمل بمواقيت محددة يُفترض أن يُنفذه تباعًا، وفقًا لالتزامات وتعهدات ربما قدمها لمن أتى به من القضاء الدولي الى سدة الرئاسة الثالثة، وهذه الالتزامات هي وفق معايير الوصاية الأميركية – السعودية.

واللافت، أن كلام سلام الاستفزازي في الامارات العربية المتحدة جاء بالتزامن مع عيد المقاومة والتحرير والذي اختصر منه كلمة "مقاومة" واكتفى بذكر "التحرير"، وبهذا يكون لم يعد يقيم وزنًا للود المتبقي مع حزب الله، خصوصًا أنه يحرص على طرح هذا الملف الوطني الحساس بطريقة استعراضية واستفزازية.

وربما كان الأجدى للبنان واللبنانيين أن يقوم رئيس الحكومة بواجباته حيال ما تقوم به "إسرائيل" من اعتداءات يومية وقتل للمدنيين وانتهاك للسيادة الوطنية التي يريد "دولته" بسطها على كامل الأراضي التي تحتل "إسرائيل" أجزاءً منها، فهو لا يحرّك ساكنًا لاستدعاء لجنة المراقبة الدولية التي تغير رئيسها ولم يتغير آداؤها، ولا يبادر إلى استدعاء سفراء اللجنة الخماسية، ولا حتى سفراء الدول الكبرى، ولا سفيريّ أميركا وفرنسا، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم كدول راعية لوقف إطلاق النار ولما يُفترض أنه استقرار في لبنان، كما لا يدفع سلام وزير خارجيته لتقديم الشكاوى الى مجلس الأمن، أقلّه لحفظ حق لبنان أمام ما يتعرض له من اعتداءات وانتهاكات.

من هنا، يدرك الرئيس سلام أن كل ما يقوم به من بروباغندا إعلامية حول ملف السلاح لن يجدي نفعًا، وأنه لن يتمكن من تحقيق مطالب الولايات المتحدة التي تضغط في كل اتجاه غير آبهة بالمخاطر التي تحيط بلبنان في حال أدى هذا الضغط الى انفجار داخلي، كما أنها لا تأبه لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته، ولا تعطي أهمية أو أولوية لتحليق المسيرات الصهيونية فوق السراي الحكومي وعموم لبنان على مدار 24 ساعة، كذلك، هي لا تعطي حقا أو باطلا لرئيس الحكومة حول إعادة الاعمار أو حتى في تقديم المساعدات الاقتصادية الى لبنان الذي لن يفرط في سيادته ولا في أرضه مهما كانت بلغت مستويات الترهيب والترغيب!.

عون يحاول ضبط العلاقة بين سلام وحزب الله

لا شك في أن الهوة في المواقف تزداد اتساعًا بين الرئيس سلام وبين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، أو ربما بدأت الأمور تأخذ مناحي سلبية، حيث توحي تصريحات سلام بأنها تأتي في موضع الرد على توجهات عون الذي يضع نصب عينيه أولوية وطنية تبدأ بالانسحاب الإسرائيلي الكامل ووقف العدوان والخروقات والالتزام بالقرار 1701 وتصل الى الحوار الوطني على سلاح المقاومة.

وعبّرت بعض الأوساط السياسية عن امتعاضها من تصريحات سلام التي أطلقها من دبي، وفي هذا السياق كشفت مصادر وزارية لصحيفة "الشرق الأوسط"، بأن رئيس الجمهورية جوزف عون "لن يسمح لهذا الصراع أن يأخذ مداه على نحو يؤدي إلى تحويل مجلس الوزراء متاريس سياسية تهدّد الاستقرار في ظل احتلال "إسرائيل" قسماً من الجنوب". مضيفة أن "الرئيس عون لن يتردد بالتدخل الفوري لضبط إيقاع العلاقة بين سلام وحزب الله، ومنعها من التفلُّت لتفادي تعطيل الدور الموكل إلى الحكومة بتحقيق الإصلاحات ودعوة المجتمع الدولي للضغط على "إسرائيل" لإلزامها بتطبيق اتفاق وقف النار".

وترى المصادر الوزارية ذاتها، أن الحزب يتناغم والرئيس عون بتموضعه تحت سقف ما التزمت به الحكومة التي منحها ثقته، ووقوفه بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم خلف الحكومة في خيارها الدبلوماسي لتحرير الجنوب ووقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية وإطلاق الأسرى.

ولكي لا يطول النقاش، فنواف سلام، يعرف أن مشكلته اليوم، ليست مع سلاح حزب الله، بل مشكلته في مكان آخر، وهي محصورة أولاً وأخيراً، في أنه وافق راضياً مرضياً، على التخلّي عن صلاحياته كرئيس للحكومة، فلا دخل له في السّياسات الخارجية والدفاعية والأمنية، وهو يواجه معضلة في علاقته بالجمهور. ويمنع عن الجميع من حوله، القيام بأدوار من شأنها التعويض عن نقص فادح في علاقة الحكومة بالناس. وهو يعرف أن معركة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والقانونية، تشكّل أساسَ أي تغيير في البلاد، إلا أنه، يتصرف كمن استسلم للوقائع من حوله، ووجد ضالّته، في الهروب إلى البروباغندا الخاصة بسلاح المقاومة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد