اوراق مختارة

لبنان وورقة باراك: الثنائي يردّ بورقة مقترحات

post-img

الأخبار

انشغل لبنان في اليومين الماضيين بـ"الورقة" التي تركها المبعوث الأميركي توماس باراك في عهدة الرؤساء الثلاثة، خلال زيارته الأخيرة لبيروت الأسبوع الماضي، والتي تتمحور حولَ نقل ملف سلاح حزب الله إلى مجلس الوزراء ليتخّذ كسلطة تنفيذية قرارًا بنزعه، واعتماد آلية "الخطوة مقابل خطوة" لتنفيذ القرار، أي أن يقوم العدوّ مثلًا بالانسحاب من نقطة معيّنة من النقاط الخمس المحتلة مقابل كلّ خطوة يقوم بها الحزب لتسليم سلاحه.

اللجنة الرئاسية ضمّت مستشارين للرؤساء الثلاثة هم، أندريه رحال وجان عزيز وطوني منصور وربيع الشاعر عن رئيس الجمهورية، وعلي حمدان عن رئيس مجلس النواب وفرح الخطيب عن رئيس الحكومة، وقد عقدت اجتماعات متواصلة لصياغة الموقف اللبناني من الورقة، وتردّد أنها أنجزت الخطوط العريضة للردّ، لكنّ "الأخبار" علمت من مصادر مطّلعة على موقف أمل وحزب الله أن الثنائي لا يتعامل مع "ورقة باراك" باعتبارها مُنزَلة، وأن هناك أفكارًا يجري إعدادها لتقديمها كورقة مقابلة، وليس كتعديلات على الورقة الأميركية.

وبحسب المصادر فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري حريص على التوصّل إلى تفاهم، ولكن ليس كيفما اتُّفق. وهو يرى أن السقف المطروح حاليًّا مرتفع جدًا، ومن غير المنطقي التصرّف على قاعدة أن المقاومة هُزمت، خصوصًا أن "الإسرائيلي" لم يحسم أيًا من الحروب التي خاضها أخيرًا بما فيها في غزّة، وبالتالي لماذا يُفرض على لبنان تقديم تنازلات كبرى دونًا عن باقي الساحات.

وتعليقًا على مهلة الأشهر الثلاثة كجدول زمني لتسليم السلاح، لفت بري أمام زوار إلى أنه كان مقرّرًا البدء بتسليم السلاح الفلسطيني في مخيمات بيروت بدءًا من منتصف حزيران الجاري، وهو ما لم تتمكّن الدولة من القيام به، فكيف يُطلب تسليم سلاح المقاومة خلال ثلاثة أشهر، ووضع تواريخ مُلزمة؟

واستبعدت مصادر مطّلعة على سير الاتّصالات أن يتم السير في عملية تسليم السلاح كما يُروّج لها، خصوصًا أن السلاح الفلسطيني لم يُجمع بعد، وأن هناك خطرًا من تجدّد الإرهاب على الحدود الشرقية، ناهيك عن أن العدوّ يمنع إعادة الإعمار ويرفض الانسحاب من المناطق التي يحتلها.

وبالتالي فإن ما يُطرح، ويسوّق له بعض الداخل، هو الطلب من المقاومة التوقيع على استسلام كامل، وهذا ما لن ترضى به كما كان واضحًا من خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أول أمس.

غير أن المصادر أبدت خشيتها من أن يكون هذا الضغط، الخارجي والداخلي، يخفي سوء نية ويكون مبرّرًا لاستئناف العدوّ أعماله العسكرية.

وفي ما تنفي الأوساط أن يكون باراك قد حدّد مهلة زمنية حتّى منتصف تموز ليقرّ مجلس الوزراء خطة تسليم السلاح تحت طائلة التلويح بجولة حرب جديدة، أشارت إلى أن كلّ الجهات في لبنان تترقّب ما سيحمله هذان الأسبوعان، وما إذا كان العدوّ سيكثّف هجماته للضغط على الدولة وحزب الله.

ولفتت إلى معلومات تؤكد وجود تنسيق أميركي - عربي في شأن كلّ ما يرتبط بالحزب ومؤسساته، ولا سيما الجانب المالي منه أي القرض الحسن واقتصاد الكاش، وهما على رأس قائمة ما يدّعي الخارج بأنها "إصلاحات مطلوبة من لبنان". وأحد مؤشرات هذه النوايا هو الاستهداف "الإسرائيلي" لصرافين لبنانيين والتصعيد الأخير في النبطية.

ومما يدلّل على خطورة المرحلة المقبلة، بحسب المصادر، أن ما تتضمّنه الورقة أيضًا مرتبط بتحسين العلاقات مع سورية، بدءًا من ضبط الحدود ومنع التهريب، وصولًا إلى ترسيم الحدود بين البلدين، وخطورته تكمن في تزامنه مع التسريبات الإسرائيلية عن قرب التوصل إلى تفاهم "إسرائيلي" – سوري، ما قد يجعل الضغط أكبر، حيث يُراد للبنان أن يكون ضمن هذا المسار، وفقَ ما أعلنه المبعوث الأميركي أمس بقوله إنه "كما في سورية كذلك في لبنان سيتم التوصل إلى اتفاق، وأعتقد بأنه سيكون هناك سلام مع لبنان"، مع ما يعنيه ذلك من محاولات لاستخدام سورية في عملية تطويق حزب الله بالكامل.

من هنا، أتى الموقف العالي السقف على لسان الشيخ قاسم، لملاقاة الضغط الأميركي والتهديد بالتصعيد الإسرائيلي.

ففي مقابل الجو الداخلي التحريضي الذي يتبنّى المطالب الأميركية – الإسرائيلية، ويذهب أبعد منها أحيانًا، رسمَ قاسم خطوطًا للمرحلة المقبلة كما يراها حزب الله، وهو حين تحدّث عن الخيارات وعن قدرة المقاومة على ردع العدوّ الصهيوني، كان يعني دعم الدولة اللبنانية ووضع أوراق قوة بيدها في مرحلة التفاوض حتّى لا يجد لبنان نفسه في موقع الضعيف وغير القادر على مواجهة التحديات والضغوط، علمًا أن الحزب الذي وصلته الورقة واطّلع عليها، لم يقدّم أي جواب حتّى الآن، ولم يكن كلام الأمين العام ردًا عليها بقدر ما كانَ دعمًا لموقف الدولة اللبنانية.

وفي ما يتعلق باجتماع عين التينة، أول أمس، بين الرئيسين بري ونواف سلام، علمت "الأخبار" أن اللقاء كان إيجابيًا على عكس ما أشيع، ونوقشت فيه "أهمية أن يخرج لبنان بموقف موحّد". وكشفت مصادر مطّلعة أن "سلام لم يكُن متشنّجًا، وأكّد للرئيس برّي أن بند السلاح لن يكون موجودًا على جدول الحكومة إلا بعدَ الاتفاق عليه بينَ الرؤساء والوصول إلى صيغة موحّدة".

وأبلغَ بري سلام ضرورة أن تسرِع الحكومة بالقوانين وترسلها إلى مجلس النواب لإنجازها ضمن الورشة التشريعية القائمة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد