أوراق إعلامية

تعقيم المسلمين هو الحلّ؟ مي شدياق... النازي الجديد

post-img

 بول مخلوف/ جريدة الأخبار

حلّت الإعلامية والوزيرة القواتية السابقة مي شدياق ضيفةً على بودكاست «حكي نِت» على يوتيوب ضمن حلقةٍ حملت عنوان: «مي شدياق تفجرها: الحرب الأهلية هيك رح تكون».

بالفعل، بدا العنوان المعتمد حقيقيًا أكثر ممّا ينبغي. فلسان شدياق - أقلّه منذ عام 2005 - لا يحمل سوى قنابل صوتية، يقول الأقوال التي تُقال في الحروب عادةً، أو يُمهّد للحروب التي تبتغي صاحبته حدوثها غالبًا.

انفجار المكبوت الطائفي

«مي شدياق تفجرّها» هو عنوان الحلقة، فإذًا، والحال، أنّ مي شدياق دائمًا... تُفجّرها. اللغة مضغوطة كقنبلة.

المفردات متوترة، محقونة، تخرج من الفم لإحداث ثقبٍ أو لإشعال فتيل؛ للهتك والفتك، وليس للتواصل أو لأيّ غرضٍ مفيد. من دون أدنى لبسٍ، دوّت انفجاراتٌ في حلقة شدياق: ثمة تفجيرٌ للمكبوت الطائفيّ الذي يُعبّر، تمام التعبير، عن أننا نعيش حربًا أهلية؛ نعيشها «فوق الهواء» أي في البث المباشر بشكلٍ يومي، رغم أنّ فوهات المدافع لا تزال صامتةً حتى الآن.

حلقة مي شدياق تكشف عمق العطب الثقافي والسياسي الموجود في هذه البلاد. ثمة جنون «بلدي أصيل»، يعني «لبنانيّ محض»، يقود صاحبه دائمًا إلى الحروب كأنّها طريقه الوحيد للشفاء من عذاباته الليلية ووساوسه القهرية. يغدو الحكي السياسيّ في هذه الحالة مجرّد هذيان، تمامًا كما حدث في حلقة مي شدياق في «حكي نِت»: طافت هلوسات شدياق على الملأ، وإذ بها قدّمتها على أنها حقائق.

هناك مؤامرةٌ تحدُث بنظرها. ثمة من يتلاعب بالدستور عبر «منطق العددية»، وبمجرّد أن يحصلوا على مرادهم، ويُطبّقوا «العددية»، سيسيطرون، وبالتالي سيحكمون.

من هو هذا الشبح المخيف الذي يطارد شدياق؟ إنه الإسلام والمسلمون. هؤلاء «ينجبون الكثير من الأولاد»، تفصح شدياق، وتضيف: «الأولاد ليسوا نعمةً بالنسبة إليهم، إنما أداة تتيح لهم الشعور بأنهم متفوّقون على الآخرين».

ذعر من الديموغرافيا

ينتاب مي شدياق شعورٌ بالذعر من «تسييس» الديموغرافيا. إنها خطةٌ «إسلامية» تحدث على قدمٍ وساق، وبالتالي، هي متيقّنة أنّ الحرب قائمة، فالمسلمون كُثرٌ ويريدون السيطرة، ثمّ إطباق قبضتهم على الحكم.

ليست شدياق كرفيقها الحزبيّ شارل جبور، الذي تُغويه «فحولة» الجولاني، ويؤمن بقدرة حزبه على «تحدّي العالم كله». مي من أولئك المسيحيين «الخائفين» من الإسلام والمسلمين.

إنه الوعي المأسور بسرديات المستشرقين كالأب لامنس وغيره، يرى «الآخر»، أي المسلم، كائنًا «أقلّ»؛ أي كائنًا أدنى من الكائن المسيحيّ، إلا إذا كان مسلمًا على شاكلة «دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

منسوب الإسلاموفوبيا عالٍ في الدم

نحن إزاء خطابٍ مسعور ينتمي إلى معجم الرهاب والذهان. المسلمون الفقراء بالنسبة إلى شدياق «وحوش». وهي إذ تتكئ على مصطلحاتٍ مثل «تفوّق» و«سيطرة» في سياقها الكلاميّ وتُسبغهما على المسلم، فقد بات لدينا دليلٌ إضافيٌّ يفضح نيّتها في «أبلسة» هذا المسلم، الذي لا تحبه شدياق وتعتبره «شيئًا عَرَضيًا مزعجًا»، أو بالأحرى «عدوى متفشية».

مي شدياق ظاهرةٌ عصبية، منسوب الإسلاموفوبيا عالٍ في الدم. أفكارها ومخيالها وتصوّراتها تقبع في مرحلة «ما قبل السياسة». خطابها لا ينتمي إلى فضاء السوسيولوجيا، إلا لمن يعتبر أنّ سرديات الاستشراق الكلاسيكي هي «علوم» اجتماعية.

بثقافويةٍ رجعيةٍ، تتحدث عن «الإنجاب عند المسلمين». تقول بكلّ صلافة إنه «في منطقة عكار ينجبون 40 طفلًا، لكن هناك طوائف أخرى لا تتفق مع هذا النهج ولا تريده».

هكذا، تُميّز شدياق نفسها و«الجماعة» التي تنتمي إليها عن باقي الجماعات: هناك «الكمّ» الذي تحتقره شدياق ويشكّله المسلمون، وهناك «النوع» الذي تنتمي إليه، بوصفها مسيحية مارونية تعشق مهرجانات الأرز. على أنّ كل هذه الدلائل تقودنا إلى رسم صورة النازيّ الجديد: انظروا إليه... إنها مي شدياق.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد