أوراق سياسية

مسرحية تسليم السلاح الفلسطيني.. سيناريو سيء وإخراج أسوأ!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
    
كذّبت الحكومة كذبة البدء بتسليم السلاح الفلسطيني إلى الدولة اللبنانية إنطلاقا من مخيم برج البراجنة وصدّقتها، وإنطلت على بعض الرعاة الدوليين، فرحب الرئيس نواف سلام بهذه العملية، مؤكدا أنها “سوف تستكمل في الأسابيع المقبلة وستشمل سائر المخيمات”، ولاقاه في الترحيب والإشادة المبعوث الأميركي توم باراك وعدد من المسؤولين والسفراء العرب والأوروبيين.

في غضون ذلك، نفت الفصائل الفلسطينية أي توجه لتسليم سلاحها، كما أكد عدد من قادة حركة فتح في مخيم برج البراجنة أن عملية التسليم لا تشمل السلاح الفلسطيني بل هي لسلاح غير شرعي دخل قبل ٤٨ ساعة إلى المخيم وقد طلبت قيادة الجيش تسليمها إياه بعد توقيف المعني به وهو أحد كوادر الأمن الوطني الفلسطيني المدعو شادي الفار في أحد فنادق العاصمة بيروت، في حين بدا الارتباك واضحا على رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير رامز دمشقية الذي تحفظ كثيرا في تصريحاته إلى وسائل الاعلام.

هذا التناقض الذي ظهر بين الحكومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية حوّل عملية تسليم السلاح إلى مسرحية بسيناريو سيء وإخراج أسوأ، خصوصا أنها إعتمدت على البطولات الوهمية لتسجيل إنجاز لحكومة سلام على المستويين الوطني والدولي.

ماذا حصل في مخيم برج البراجنة أمس؟

تشير المعطيات إلى أن حركة فتح تعيش تجاذبات لأسباب عديدة أبرزها سعي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى ترتيب الأوضاع الفتحاوية في لبنان من خلال إبنه ياسر عباس الذي جرى تفويضه بهذه المهمة وبإدارة الحوار مع السلطة اللبنانية من دون أن تربطه أي صفة رسمية بحركة فتح، وأدى دخول عباس إلى إبعاد عزام الأحمد والى عزل السفير أشرف دبور وإستبداله بسفير جديد مقرب من محمود عباس، وقد طالت هذه الترتيبات بعض المواقع في حركة فتح، الأمر الذي أدى إلى إستياء عارم لدى بعض كوادر منظمة التحرير الفلسطينية.

ويبدو أن شادي الفار قد طالته بعض هذه الاجراءات ما دفعه إلى القيام بحركة إحتجاجية وصلت إلى الانشقاق عن الحركة والاحتفاظ بكمية من الأسلحة ضمن أحد المستودعات في المخيم أو أنه قام بإدخالها قبل ٤٨ ساعة كما كشف عدد من قيادات حركة فتح.

وقد قامت قوة من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بمداهمة الفار في أحد فنادق العاصمة وأوقفته وطلبت من اللجنة الأمنية في المخيم تسليمها هذا السلاح.

واللافت، أن التيار المقرب من الرئيس محمود عباس في رام الله أطلق سلسلة مواقف تتحدث عن البدء بتسليم السلاح في المخيمات، ما أثار حفيظة الفصائل الفلسطينية ودفعها إلى إصدار بيان نفت فيه هذا الأمر جملة وتفصيلا.

هذه التناقضات بين المكونات الفتحاوية من شأنها أن تتحول مستقبلا إلى صراعات، خصوصا أن ما يربط بعض الكوادر في لبنان بالرئيس محمود عباس وسلطته هي رواتب آخر الشهر وأن كثيرا من المواقف التي يطلقها بحسب مصادر فلسطينية لا تلقى قبولا لدى الجماهير الفلسطينية عموما بما فيها جماهير حركة فتح.

لا شك في أن الاستحقاق اللبناني بشكله الفلسطيني بعدما شهده مخيم برج البراجنة أمس، لن يكون بمنأى عن التجاذبات بما يخص سلاح المخيمات عموما، وهذا ما تؤكده المصادر لجهة أن فصائل المقاومة الفلسطينية ربطت سلاحها بمصير سلاح المقاومة، وهي لن تكون خنجرا في ظهرها بإتخاذ إجراءات تتناقض وموقف المقاومة، خصوصا أن حرب الإسناد التي خاضتها المقاومة ودفعت ثمنها غاليا لن تقابل من قبل الفصائل إلا بمواقف ترتقي إلى مستوى هذا العطاء المقاوم.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد