كارل قربان (لبنان 24)
قلّلت مصادر سياسيّة من تهديد الشيخ نعيم قاسم بالحرب الأهليّة، بعد رفضه تسليم سلاح "المُقاومة" إلى الجيش، والرضوخ للمطالب والضغوطات الداخليّة والأميركيّة والإسرائيليّة. وأشارت المصادر إلى أنّ تهويل الأمين العام لـ"حزب الله" هدفه إخافة الخصوم للتراجع عن قرار حصر العتاد العسكريّ لدى كافة الفصائل بما فيها "الحزب"، لكنّه تفاجأ بتمسّك رئيسيّ الجمهوريّة العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام بأهداف ورقة السفير توم برّاك، وفي بحث حليفه الشيعيّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن مخرج هادئ، يُجنّب البلاد أزمة هو بغنى عنها.
ليست المرّة الأولى التي يُلوّح فيها "حزب الله" بخطر الحرب الأهليّة، فسبق للأمين العام للحزب الشهيد حسن نصر الله أنّ تطرّق إلى هذه النقطة مرارًا، عند كلّ مُحاولة للتضييق على أعمال "الحزب" العسكريّة، لكن الأمور خرجت عن السيطرة في أيّار من العام 2008، واندلعت اشتباكات مسلّحة في بيروت والجبل، غير أنّ حارة حريك وعلى الرغم من الاقتتال الداخليّ في حينها، نجحت في دفع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إلى سحب القرارات التي استهدفت "المُقاومة"، وعاد الاستقرار إلى البلاد بعد اتفاق الدوحة، وانتخاب الرئيس ميشال سليمان لرئاسة الجمهوريّة.
ووفق العديد من الخبراء العسكريين، فإنّ "حزب الله" غير قادر على خوض مُغامرة عسكريّة في الداخل اللبنانيّ، وضدّ أحزاب سياسيّة غير شيعيّة، فهناك شبه إجماع على ضرورة حصر السلاح، وتشديدٌ مسيحيّ على تطبيق القرار الذي اتّخذته حكومة سلام، بدءًا من بكركي ومرورًا بـ"القوّات اللبنانيّة" و"الكتائب" و"التيّار الوطنيّ الحرّ" الذي يختلف عن معراب والصيفي في آلية وطريقة نزع السلاح من "الحزب".
كذلك، فإنّ هناك مخاوف لدى قيادة "حزب الله" من استغلال "إسرائيل" للحرب الأهليّة التي من المستبعد حصولها، لدعم أطرافٍ لبنانية ضدّ "الحزب" بالعتاد العسكريّ، لتسهيل مهمّة نزع السلاح والقضاء على الترسانة الصاروخيّة التي لا تزال تمتلكها "المُقاومة". ففشلت ""تل أبيب"" في حربها الأخيرة على لبنان، من التخلّص من صواريخ "حزب الله"، ولم تستطع كثيرًا بلوغ أهدافها العسكريّة من خلال توغلّها البريّ، وأتى قرار وقف إطلاق النار وقيام الجيش و"اليونيفيل" بضبط مخازن أسلحة في جنوب الليطاني، بينما تُطالب الورقة الأميركيّة بحصر السلاح على كامل الأراضي اللبنانيّة، وهذا الأمر باعتقاد العدوّ الإسرائيليّ لا يُمكن تحقيقه سوى إمّا بعمليّة بريّة واسعة جدًّا، أو بقرارٍ حكوميّ لبنانيّ أو بحربٍ أهليّة داخليّة، تكون طرفًا فيها لتغذية الفتنة والاقتتال، تمامًا كما تفعل في السويداء.
ومن شأن أيّ مُخاطرة من قبل "حزب الله" في إعادة سيناريو أيّار 2008، أنّ تزيد من المُطالبات اللبنانيّة بنزع سلاحه، لما سيُشكّله من خطر على أمن اللبنانيين وحياتهم. فـ"الحزب" عمل منذ العام 2005 على حشد أكبر دعم طائفي لعتاده العسكريّ ولحقّه في مُقاومة "إسرائيل"، بينما الآن، خسر الغطاء المسيحيّ والدرزيّ والسنّيّ، ولم يتبقَ سوى الشيعة يُؤيّدون تمسّكه بالسلاح.
من هنا يُمكن القول إنّ تهديد الشيخ قاسم بالحرب الأهليّة في غير محله، وهو يُريد بالتهويل أو بالطرق السياسيّة والتشاور دفع الحكومة إلى التراجع عن القرار الذي اتّخذته في جلسة 7 آب. وختامًا، إنّ لم يكن أمين عام "الحزب" يُدرك أنّ الاحتجاجات التي شهدها الشارع، من مواكب ومسيرات سيارة وبالدراجات الناريّة تُنذر فعلًا بخطرٍ على السلم الأهليّ، لما كان "حزب الله" طلب من مُناصريه بعدم النزول إلى الطرقات وقطعها، واستفزاز المواطنين المُعارضين له.