مارينا عندس (جريدة الديار)
مع بداية فصل الخريف، تتحول تلال لبنان وسهوله إلى مسرح حيٍّ لحكايات قديمة تتكرر كل عام، حين يحمل الصيادون بندقياتهم وينطلقون قبل بزوغ الفجر إلى البراري. ليس الصيد في لبنان مجرد هواية، بل هو تقليد توارثته الأجيال، يحمل في طياته مزيجًا من الشغف، التحدي، والحضور العميق للطبيعة في الوجدان اللبناني.
في هذا الموسم، لا يعود الصياد يبحث فقط عن الطرائد، بل يسعى إلى استعادة صلةٍ ما بالأرض، بلحظة صفاء في حضن الجبال، أو بلقاء مع أصدقاء يربطهم هذا الشغف المشترك.
لكن خلف هذا المشهد الرومانسي، تبرز أسئلة ضرورية: إلى أي مدى نمارس الصيد بمسؤولية؟ وهل تبقى الغابة كريمة لمن لا يحسن التعامل معها؟ هكذا، يفتح موسم الصيد في لبنان آفاقًا واسعة للنقاش حول العلاقة بين الإنسان والطبيعة، بين الحق في الترفيه، وواجب الحفاظ على التوازن البيئي.
بدأ موسم صيد الطّيور وبدأت معها التكاليف الباهظة، بعد أن شهد القطاع خلال الموسم الحالي، ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار مقارنةً بالموسم الماضي، الأمر الذي أثار قلقًا واسعًا في أوساط الصيادين والعاملين في هذا المجال. فلم تَعُد أدوات الصيد، ولا حتى مستلزمات الرحلات البحرية ولا الجوية، متاحة بالأسعار المعتادة، بل ارتفعت بشكلٍ ملحوظٍ نتيجة عدة عوامل مترابطة. من أبرز هذه العوامل: ارتفاع أسعار الوقود، وتكاليف الصيانة، وغلاء المعدات بأكملها. وكل ذلك أدّى إلى زيادة الضغط على الصيادين، ما أثّر سلبًا في قدرتهم على الاستمرار في الوتيرة نفسها التي اعتادوها في المواسم السابقة.
ارتفاع الاسعار
في حديثه للدّيار، يشير أحد أصحاب محلات بيع الأسلحة والخرطوش ومعدّات الصيد بأكملها إلى أنّ "العلبة الصغيرة الواحدة للخرطوس ازداد سعرها تقريبًا دولارا ودولارين بالنسبة للعام الماضي، هذا بالنسبة للأغراض الوطنية. أمّا المعدات الأجنبية، فازداد سعرها بحدود "الدّوبل".
وأكد أنّ رحلة الصيد باتت مكلفة لمحبيها، وقال:" ما بين 120 دولارا علبة خرطوش، ولو حسبنا اليوم بأكمله مع المأكل والبنزين، سيصل مشوار الصيد لليوم الواحد بحدود الـ150 دولارا بحدّه الأدنى، لو كان المكان قريبًا، ووجبة الطعام واحدة ومتواضعة".
ولفت صاحب المحلّ، إلى أنّ "المحبين لا يزالون من محبي هذه الهواية بامتياز، ولو مهما ضاقت بهم الأحوال، البيع مستمر والنشاط ايجابي وجيّد ولو لم يكن ممتازًا".
وعن أسباب ارتفاع الأسعار قال:" الخرطوش يصنع من موادّ مثل النحاس، الرصاص، والبارود، وكلها شهدت ارتفاعًا في أسعارها عالميًا خلال السنوات الأخيرة بسبب تقلبات سوق المعادن، زيادة الطلب مقابل العرض المحدود، ومشاكل في سلاسل التوريد بعد الأزمات العالمية (مثل جائحة كورونا والحروب الإقليمية). كما أن ارتفاع أسعار الوقود وازدحام الموانئ العالمية رفع من تكلفة شحن الذخائر والمواد الخام.
ولفت إلى أنّ "بعض الشركات العالمية، قللت من انتاجها لأسبابٍ تجاريةٍ أو لوجود قيود قانونية، ما أدّى إلى قلّة في العروض وبالتالي ارتفع السعر نتيجة الطلب".
افتتاح موسم الصيد.. ولكن ضمن القانون
قررت وزيرة البيئة تمارا الزين، فتح موسم الصيد من شهر أيلول إلى شهر شباط، ولكن مع ضبط المخالفات وذلك بحسب قانون 580. يجب ان يمتلك الصياد رخصة قانونية لحمل السلاح، وخلال فترة معينة (من أيلول حتى تشرين) كما يجب أن يكون هناك بوليصة تأمين ضد الاضرار التي قد تنتج من الصيد، تحديد المواسم والطرائد، الاخذ بعين الاعتبار المناطق المحظورة مثل المحميات والحدائق العامة. كما يحظر طوال العام إزالة الأعشاش أو ايذاء البيوض الصغار أو النقل أو بيعها. ويمنع أيضًا احتجاز الطيور البرية أو تصدير البيوض إلا من المزارع المصرّح بها.