اوراق خاصة

مجزرة صبرا وشاتيلا التي لمّا تنتهِ بعد

post-img

حمزة البشتاوي/ كاتب وإعلامي فلسطيني

في تاريخ طويل من المجازر، خاصة بعد نكبة العام 1948 واحتلال فلسطين رسميًا باعتراف من الأمم المتحدة، كانت مجزرة صبرا وشاتيلا الأكثر بشاعة وفظاعة في ذاكرة الفلسطينيين واللبنانيين الذين يعيشون في ظل القهر والحزن وحسرة الحرمان من الوطن.

تعود اليوم ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا وحرب الإبادة مستمرة على قطاع غزة؛ حيث تفسك الدماء ويدمر كل شيء قابل للحياة في بث حي ومباشر على الشاشات، وكأن ما يحدث اليوم في غزة هو ما حدث قبل 43 عامًا.. عندما استهدف الإسرائيليون وعملاؤهم مخيمًا واحدًا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بينما حرب الإبادة الإسرائيلية الآن تستهدف مدن ومخيمات قطاع غزة كلها..

تلك المجزرة مرت من دون عقاب؛ فشكّلت دافعًا لارتكاب مئات المجازر، مع اختلاف في مستويات القتل والإبادة وفي الوسائل، وليس في المبدأ والنمط والأسلوب.

الربط ما بين مجزرة صبرا وشاتيلا وحرب الإبادة على قطاع غزة، يكمن بعضه في الدوافع المركبة من غريزة الثأر والانتقام وعقيدة الإبادة، بهدف التيئيس من جدوى المقاومة باستهداف أهلها من النساء والأطفال وكبار السن والمدنيين العزل.. وهذا ما يشهده قطاع غزة في حرب الإبادة والتجويع والتدمير، حاليًا، حيث الاستهداف الممنهج للمجتمع الأهلي والمدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، ووسائل الإعلام وكل شيء قابل للحياة.

يوجد، اليوم، أوجه كثيرة للمقارنة ما بين صبرا وشاتيلا وغزة، ومن أبرزها ما حصل في مستشفى الشفاء داخل القطاع؛ حيث دخلت الميليشيات العميلة للاحتلال الإسرائيلي إلى مستشفى عكا الواقع على أطراف مخيم صبرا وشاتيلا، وقتلت داخله مرضى وممرضات وأطباء وغيرهم من المدنيين الأبرياء.

هذا يشير إلى أن اليد التي أوغلت في دماء الأبرياء، في صبرا وشاتيلا، هي ذاتها التي تقصف وتدمر وتجوّع الناس في غزة بهدف القتل والتهجير، وهو الهدف نفسه للمجرمين الذين ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا بأقنعة واسلحة مختلفة في مقدمتها السكاكين والبلطات والمناشير، لتصبح المجزرة رمزًا للإرهاب والإجرام الصهيوني، وأما غزة فإنها تجسد نموذجًا لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الإحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من تشرين الأول في العام 2023

.

في ذروة الحديث عن المخاطر والتهديدات والاعتداءات والتحديات المحدقة بشعوب المنطقة ودولها، خاصة في فلسطين ولبنان، يأتي من يطالب بالتجرد من السلاح وعدم تحصين المقاومة والابتعاد عن الشراكة الوطنية والاكتفاء بالوعود الخارجية الوهمية التي تتبخر عند أول مجزرة.

لذلك؛ مسألة المطالبة بسحب سلاح المقاومة مقابل وقف العمليات العسكرية هي وصفة لتكرار مجزرة صبرا وشاتيلا التي لمّا تنته بعد، وهي ستبقى خالدة في مواجهة الظلم والأإرهاب، كما ستبقة وصمة عار في سجل الإنسانية الذي لم يحاكم ولم يعاقب مرتكبي المجزرة وحرب الإبادة من الإسرائيليين وعملائهم.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد