ماهر سلامة (جريدة الأخبار)
تظهر في الجزء الثاني من المعطيات الواردة في تقرير التدقيق بحسابات «الاعتماد المصرفي»، إن هناك حساباً أطلقت عليه المديرة التنفيذية في المصرف نايلة زيدان اسم «طرابيش»، وأنه استخدم من أجل تجميع الأموال الناتجة من عمليات شراء وبيع دولارات مع مصرف لبنان والتي صبّ 30 مليون دولار من أرباحها في حساب طارق خليفة. وتبيّن أيضاً أن الأموال المستخدمة في هذه العمليات هي اموال الزبائنن سواء بعلمهم وبالاتفاق معهم مقابل سداد قروض أو من دون علمهم. كما أن إدارة المصرف فرضت قيوداً على الاطلاع على هذه الحسابات والعمليات المنفذة فيها، ولم تكتف بذلك بل عمدت إلى تزويد هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بكشوفات مزوّرة
تظهر المعطيات التي خلُص إليها فريق التدقيق بأن هناك حساباً اسمه «طرابيش» هو عبارة عن شبكة معقّدة من الشركات والحسابات تضم «Equi Capital»، «Invespro»، «Logileb»، «Iberian Renewable Energy»، ««Live Green وغيره من الحسابات التي استخدمتها إدارة «الاعتماد المصرفي» للاستفادة من تعميم مصرف لبنان 151، سواء من دون علم أصحاب الحسابات أو بالاتفاق معهم في مقابل تسديد ديون والتزامات لهم ولشركات وأشخاص مقرّبين أو زبائن معروفين لديها وتحقيق انتفاع شخصي.
وقد اكتُشف هذا الحساب في رسالة بريدية مصدرها نايلة زيدان وموجّهة إلى طارق خليفة ورالف صياد، تشير فيها إلى سلسلة من العمليات وتجميع الأموال الناتجة منها، في حساب أطلقت عليه اسم «حساب طرابيش».
إذ كان مصرف لبنان قد أصدر تعميماً يقضي ببيع الدولارات له بسعر السوق، ثم استعمال الناتج منها لشراء دولارات بسعر منخفض، ما أدّى إلى تحقيق أرباح هائلة بعضها استخدم في تضخيم رأس المال وبعضها في تغطية قروض أصحاب بعض الحسابات، بالإضافة إلى الانتفاع الشخصي.
بعض العمليات، لا سيما تلك التي لم يكن هناك أي اتفاق بين الزبون وإدارة المصرف عليها، استخدمت أموال الزبائن من دون علمهم، لكن غالبية العمليات التي تمت على الحسابات التي تجمّعت في حساب طرابيش فرضت عليها إدارة المصرف قيوداً تمنع الولوج إليها، أو حُذفت من قيود العمليات، ولم يُسمح بالاطلاع عليها إلا لمجموعة ضيّقة من الأشخاص النافذين في المصرف.
في ما يأتي عرض لأبرز هذه العمليات، مرتّبة بحسب الصفحات الواردة في التقرير الأصلي:
1. حساب جيهان إدوار شكري
- بين 14 و21 نيسان 2020، أودعت جيهان إدوار شكري شيكات بالدولار بقيمة 14 مليون دولار مصدرها حسابها في مصرف BLC. وفي 30 نيسان 2020، تحوّل مبلغ 13 مليون دولار من حسابها إلى حساب «مؤقّت» على أنه قرض لمصلحة طارق جوزيف خليفة. وفي 6 تموز 2020، نُقل المبلغ المقترض إلى شركة «Equi Capital Offshore» التي يُعتقد أن رالف إدوار صياد يديرها. وفي 8 تموز، تم تحويل 13 مليون دولار إلى 50 مليار ليرة لبنانية بسعر صرف 3850 ليرة/دولار، ثم أعيد توزيع المبلغ على النحو الآتي:
- 8.4 مليارات ليرة إلى شركة «Logileb» المملوكة من سمر وديع زيدان (التي تربطها صلة قرابة مع نايلة زيدان المديرة التنفيذية في المصرف)، ثم أعيد تحويل المبلغ إلى 4.9 ملايين دولار بسعر 1690 ليرة/دولار، ما أتاح تسديد جزء من تسهيلات القروض لشركة «M+M Hechme Logistics»؛
- 8.3 مليارات ليرة إلى رولان وروي الأسمر، ثم أعيد تحويلها إلى 4.9 ملايين دولار بسعر صرف 1690 ليرة/دولار لسداد تسهيلات هدفها تغطية شيكات مصدرة منهما لأطراف أخرى.
- 10.6 مليارات دولار إلى شركة «Iberian Renewable Energy»، والتي يُشير التقرير إلى أن مالكها النهائي هو رالف إدوار صياد. ثم أعيد تحويلها إلى 6.2 ملايين دولار على سعر صرف 1620 ليرة/دولار لتسديد تسهيلات قروض لتغطية إصدار شيك لمصلحة إبراهيم أحمد عيساوي.
- في 4 آب 2020، تم تحويل المبلغ المتبقي البالغ 19.7 مليار ليرة لبنانية إلى 13 مليون دولار أميركي على سعر صرف 1,520 ليرة/دولار، ثم أرسل المبلغ إلى حساب شركة Kheyr SAL.
2 - Live Green
أظهرت التحقيقات أنه تم استخدام حسابات شركة Live Green، المملوكة من سليم يوسف خليل، في تنفيذ عمليات كبيرة ومتتالية بأوامر مباشرة من المديرة العامة للمصرف نايلة فريد زيدان، ومن دون علم أصحاب الحساب. وقد نفذت هذه العمليات على مرحلتين في أيلول 2021 لتوليد أرباح من فروقات أسعار الصرف وتوزيعها على أطراف محددة، إضافة إلى تغطية التزامات لأطراف أخرى:
المرحلة الأولى – 8 أيلول 2021
- تم سحب مبلغ 6.5 ملايين دولار أميركي من حساب Live Green وتحويله إلى الليرة اللبنانية على سعر صرف 3,900 ليرة/دولار، وأنتج 25.35 مليار ليرة لبنانية. وفي اليوم نفسه، أُعيد تحويل المبلغ إلى الدولار على سعر صرف 1,520 ليرة/دولار، ما ولّد فائضاً بالليرة توزّع على النحو الآتي:
1- 7.5 ملايين دولار إلى حساب جيهان شكري.
2- 6.5 ملايين دولار إلى حساب Live Green لإخفاء أثر العملية الأولى.
3- 4 مليارات ليرة إلى حسابات Live Green لاستخدامها في عمليات نقدية لاحقة.
* المرحلة الثانية – 29 أيلول 2021
- سُحب مبلغ 7.9 ملايين دولار وجرى تحويله إلى الليرة على سعر صرف 3,900 ما أنتج 31 مليار ليرة، ثم أعيد تحويل 12 مليار ليرة من الناتج، إلى الدولار على سعر صرف 1,520 لتغطية العملية الأولى وإخفاء أثرها عبر إرجاع الحساب إلى قيمته الأساسية. أيضاً استعمل مبلغ 8 مليارات ليرة بعد تحويلها إلى دولار على سعر صرف 1520 ليرة وأعيدت إلى الحساب المستعمل للشركة الذي يمنع على أصحابه الاطلاع عليه، ثم أُصدر شيك بقيمة 5.5 ملايين دولار لمصلحة جيهان ادوار شكري إلى جانب إصدار شيك بقيمة 2 مليون دولار لمصلحة شركة Solidere SAL وأودع في حساب الشركة لدى بنك لبنان والخليج (يرجح لشراء عقار).
الباقي من العملية الأساسية وهو مبلغ 10.58 مليارات ليرة، استعمل منه 5.32 مليارات ليرة لتحويلها مجدداً إلى الدولار وتكرار العملية الأولى التي نتج منها مبالغ حوّلت إلى الحساب المحظور على أصحابه الاطلاع عليه. واستخدم مبلغ في عمليات سحب نقدية بقيمة 5.26 مليارات ليرة غير مبررة.
تشير هذه العمليات إلى نمط ممنهج من الاستفادة من فروقات أسعار الصرف بين السوق المدعوم من مصرف لبنان والسوق الحرّ، وتوجيه الأرباح لتسوية حسابات أطراف معينة، بما في ذلك شركات مثلEqui Capital Offshore وKheyr SAL، فضلاً عن تسديد مطلوبات متصلة بعمليات أخرى لمصلحة Invespro وIberian Renewable Energy.
3 - Logileb وM+M Hechme
ابتداءً من عام 2016، حصل بسام مُنَح حشمي صاحب شركة M+M قبل استحواذ البنك عليها، على قروض كبيرة من البنك لدعم عملياته. وكانت شركة «Logileb» التي استفادت من عمليات حساب طرابيش كوسيط أساسي في تسديد القروض. وتبيّن أن عائلة زيدان أسّست شركة «Logileb Holding» لتملّك شركة 80% من شركة «M+M»، وبلغت حصّة سمر وديع زيدان 99% من أسهم Logileb.
واستخدمت حسابات «Logileb» بين كانون الثاني 2018 وتموز 2021 لنقل الأموال من أجل تغطية تسهيلات مالية وقروض.
جرى تسديد تسهيلات شركة «M+M Hechme Logistics» عبر عمليات سحب أموال بالليرة من «انفسبرو» بقيمة 8.4 مليارات ليرة، ومن «Equi Capital» بقيمة 8.4 مليارات ليرة أيضاً، وتحويلهما إلى الدولار وفقاً لسعر صرف يبلغ 1690 ليرة/دولار، ثم إعادة تحويلها إلى الدولار بقيمة 9.8 ملايين دولار ونقلها من Logileb إلى حساب حشمي لتغطية نصف الالتزامات المترتبة على الشركة. وقد تم ذلك وفقاً لتوجيهات زينة حوراني رئيسة قسم الهندسات المالية في المصرف كما أظهرت سجلات البريد الإلكتروني.
4 - رولان وروي الأسمر
منذ تشرين الثاني 2019، تم سحب شيكات عدّة من حسابات رولان وروي طانيوس الأسمر، أقارب المديرة العامة للبنك نايلة فريد زيدان، ومن دون اتفاق مسبق. وقد بلغت قيمة السحوبات بواسطة شيكات بلغت قيمتها 10 ملايين دولار واستخدمت في حساب «طرابيش» على النحو الآتي: 5 ملايين دولار في حساب شركة «Logileb»، و5 ملايين دولار لرمزي رشيد حيدر. وعند تتبّع الشيكات، تبين أن المستفيدين كانوا هم أنفسهم أصحاب الحسابات أو شركات يملكونها:
* الشيك الرقم 84831 بمبلغ 1.945 مليون دولار بتاريخ 17 أيلول 2018 صُرف لمصلحة روي الأسمر لدى بنك بيروت.
* الشيك الرقم 84832 بمبلغ 2.655 مليون دولار بتاريخ 17 أيلول 2018 صُرف لروي الأسمر لدى بنك بلوم.
* الشيك الرقم 86195 بمبلغ 200 ألف دولار بتاريخ 10 تشرين الأول 2018 صُرف لمصلحة شركة «Alusteel SAL» المرتبطة بعدد من أفراد عائلة الأسمر إلى جانب رولان وروي.
* الشيك الرقم 838606 بمبلغ 3.2 ملايين دولار في 13 حزيران 2019، والشيك الرقم 838610 بمبلغ 2 مليون دولار في التاريخ نفسه، وُضعا في حساباتهما الشخصية.
في تموز 2020، ولإقفال سحوبات الأخوين الأسمر من حساباتهما، جرت مجموعة من العمليات والتحويلات المشبوهة، وفق توصيف التقرير، على النحو الآتي:
1. من «Equi Capital» تحت تسمية «إيداع نقدي»، بلغ مجموعها 8.3 مليارات ليرة حُوّلت إلى 4.9 ملايين دولار بسعر صرف 1690 ليرة/دولار ثم أعيدت إلى الدولار على مرحلتين. نتج من الأولى 2.44 مليون دولار، ومن الثانية 2.47 مليون دولار وقع روي الأسمر مستنداً يفيد بأنه سحبها نقداً من Trillium.
2. من شركة «Invespro» تحت تسمية «إيداع نقدي» إلى حساب الأخوين الأسمر بقيمة 10.4 مليارات ليرة حُوّلت إلى 6.2 ملايين دولار بسعر صرف 1690 ليرة/دولار.
5 - حساب إبراهيم أحمد عيساوي
في 6 آذار 2020، تم تحويل مبلغ 2 مليون دولار أميركي من حساب شركة First Fin Services LTD (المملوكة اسمياً لفيليب فوزي مخيبر، مع الاعتقاد أن المستفيد النهائي والفعلي هو رالف إدوار صياد) إلى حساب فيليب فوزي مخيبر. وقد تم توصيف هذه العمليات في السجلات على أنها سحوبات/إيداعات نقدية وليست تحويلات مالية.
ويعود مبلغ الـ 2 مليون دولار إلى تسوية فاتورة صادرة عن First Fin Services LTD لمصلحة بنك الاعتماد في 8 كانون الثاني 2020، إلا أن الفاتورة لم تلحظ بشكل دقيق في البيانات المرسلة إلى هيئة التحقيق الخاصة، إذ سجلت قيمتها بـ357 ألف دولار فقط بدلاً من 2.4 مليون دولار.
وفي 12 آذار 2020، اقترضت شركة Iberian Renewable Energy (المملوكة لهامبيغ غارابيت بييكيان ويوقع عنها فيليب فوزي مخيبر) عبر التسهيلات المكشوفة مبلغاً بقيمة 6.2 ملايين دولار أميركي تم تحويله إلى حساب فيليب فوزي مخيبر بهدف تغطية عجزه الناتج من إصدار شيك في 6 آذار 2020 لمصلحة إبراهيم أحمد عيساوي. وفي 13 آذار 2020 جرى تحويل 6 ملايين دولار أميركي من حساب عيساوي إلى حساب طارق جوزيف خليفة.
وفي 5 أيار 2020، تم تحويل مبلغ 2 مليون دولار والرصيد المتبقي في حساب عيساوي الشخصي والبالغ 2.2 مليون دولار إلى حسابه الخاص في بنك لبنان والخليج. ولتسوية الاقتراض عبر السحب على المكشوف، لحساب Iberian Renewable Energy، تم في 14 و15 تموز 2020 إجراء تحويلين من Equi Capital إلى Iberian، وصُنفت العمليات كسحوبات/إيداعات نقدية.
وقد نتجت هذه العمليات من عمليات تحويل من الدولار إلى الليرة وبالعكس، شملت تحويل 13 مليون دولار أميركي من حساب جيهان إدوار شكري إلى Equi Capital بتاريخ 6 تموز 2020، بسعر صرف 3,900 ليرة/دولار، ما أنتج 50 مليار ليرة لبنانية، ثم إعادة تحويلها إلى الدولار بسعر صرف 1,690 ليرة/دولار. ما أدّى إلى إقفال الدين على Iberian Renewable Energy.
ووفقاً لرسالة البريد الإلكتروني الموسومة بـ «Tarabish accounts»، فإن مبلغ الـ 6.2 ملايين دولار كان عبارة عن قرض من Iberian لشراء الأسهم التفضيلية التي كانت ملكاً لعيساوي. غير أن إفادة فيليب فوزي مخيبر أشارت إلى أمر مختلف، إذ ذكر أن المستفيد الفعلي من الأسهم هو بنك الاعتماد المصرفي، وأنه لم يكن على علم بالعملية برمتها، كما أوضح أن اتفاقية نقل الأسهم التي وقّعها كانت بيضاء ولم يكن على دراية بنيّة الإدارة عند التوقيع.
6 - حالة حمد
في 4 أيلول 2018، سحب داني عبدو خوري (شريك في شركة خوري للمقاولات) بواسطة الشيكات، 2.8 مليون دولار من حسابه في بنك ميد، وأودعها في حساب مشترك بين أمير علي حمد وأيمن علي حمد. وفي 9 أيلول 2018، سحب شيكات إضافية إلى أمير حمد وأيمن حمد بقيمة 2.7 مليون دولار. وفي 3 آذار 2019 أُودع شيك بقيمة 200 ألف دولار من حساب علي أمين حمد لمصلحة أمير علي حمد. وعلى ما يبدو استغلت هذه العلاقة بين الطرفين لتنفيذ عمليات بواسطة حساب طرابيش. ففي 5 آذار 2020، تم تحويل 6 ملايين دولار من الحساب المشترك لأمير وأيمن علي حمد، إلى أحمد نمر الوزان، وفي نفس اليوم أصدر شيك مصرفي بـ6 ملايين دولار لمصلحة أمير حمد أودع في حساب طارق جوزيف خليفة، كقرض شخصي وفق إفادة خليفة.
7 - حالة الوزان
في 27 آب 2021، أُودع في حساب أحمد نمر الوزان شيكان بقيمة إجمالية تبلغ 6 ملايين دولار. وهذا المبلغ هو نتيجة عمليات تحويل عملة تمّت في 20 آب 2021 عبر حسم 6 ملايين دولار من حساب Live Green وتحويلها بسعر 3,900 ليرة/دولار إلى 23.4 مليار ليرة، ثم إعادة جزء منها إلى الدولار بسعر 1,515 لتغطية قيمة الشيكات. وفي 24 آب 2021، تكررت العملية بنفس المبالغ والخطوات لإصدار الشيك الثاني، وبقي رصيد 9.76 مليارات ليرة في حساب وسيط، وتم تحويل الناتج الباقي من العملية الأساسية (19.53 مليار ل.ل) إلى حساب Live Green كإيداع نقدي في 31 آب 2021. تؤكد الوثائق أن هذه العمليات نُفذت في حساب Live Green المحظور الاطلاع عليه من قبل أصحابه، لتسوية القرض المزعوم باستخدام أرباح ناتجة من عمليات صرف العملات.
■ حسابات محجوبة ومعاملات مخفية
خلال عملية التدقيق التي أجريت على حسابات البنك، حدّد تقرير التدقيق مجموعة من الحسابات التي كانت محجوبة أو مقيدة الوصول، حتى أمام موظفين مصرح لهم عادة. وهذا يعني أنه تم استخدام هذه الحسابات من دون علم أصحابها وأن العمليات التي جرت في هذا الإطار كانت محجوبة ولم يكن بإمكان أصحابها أو صغار الموظفين الاطلاع عليها. لا بل لم يكن متاحاً الولوج إلى هذه العمليات سوى للمدير العام للبنك (طارق خليفة)، وذلك موثّق في رسالة بريد إلكتروني مؤرّخة في 20 تشرين الأول 2021. ورغم أن الهدف وراء هذه السرية غير واضح، إلا أن التدقيق كشف أن هذه الحسابات تميزت بخصائص مشبوهة وممارسات غير قانونية. أظهرت التحقيقات أن الحسابات المحجوبة كانت تُستخدم على النحو الآتي:
1. استخدام غير مصرح به لحسابات العملاء من دون علمهم أو موافقتهم.
2. استغلال عمليات صرف العملات والأرباح الناتجة منها داخل هذه الحسابات.
3. ارتباط هذه الحسابات بأطراف ذات صلة بالبنك أو إدارتها مباشرة من قبل المصرف.
وبمراجعة أعمق، تبين أن الحسابات المحجوبة كانت مرتبطة بكل من:
● Live Green
● First Fin Services LTD (مسجلة باسم فيليف فوزي مخيبر على الورق، لكن المستفيد الفعلي هو رالف إدوار صياد).
● First Finance Services LTD (مسجلة باسم وائل نعمان أبو حبيب على الورق، لكن المستفيد الفعلي هو رالف إدوار صيّاد).
وبحسب التقرير، فقد قدّم البنك بيانات مالية مزورة إلى هيئة التحقيق الخاصة، إذ جرى حذف أو إخفاء بعض العمليات لإخفاء طبيعة الأنشطة داخل هذه الحسابات والروابط بين أصحابها الفعليين والمصرف.
● في10 أيار 2022، طلبت هيئة التحقيق الخاصة تفسيرات حول نشاطات حساب Invespro Holding SAL، فقدّمت إدارة المصرف بياناً مزوراً يخفي التحويلات المرتبطة بعملية قام بها محمد إبراهيم حمدون.
● كذلك، البيانات المتعلقة بشركتي First Fin Services وFirst Finance Services تبيّن أنها مزورة وأُزيلت منها عدّة عمليات. وكشف التحقيق أن المستشار الخاص برئيس مجلس الإدارة رالف إدوار صيّاد، هو من أرسل هذه البيانات المزورة إلى قسم الامتثال، مع تعليمات واضحة بتقديمها لهيئة الـتحقيق الخاصة.
وكان لافتاً، أيضاً، طلب إخفاء هذه الحسابات المجمّدة من نايلة فريد زيدان بتاريخ 20 تشرين الأول 2021، أي بعد يوم واحد فقط من طلب هيئة التحقيق (بتاريخ 19 تشرين الأول 2021) بالكشف عن هذه الحسابات.
وفي ما يأتي تفاصيل الشركات ذات الحسابات المحجوبة أو المقيدة:
- شركة Live Green SAL
تُعد Live Green إحدى الشركات الرئيسية المستخدمة من قبل مجموعة سليم خليل لإجراء تحويلات مالية معقدة تخدم إدارة البنك. التحقيقات أظهرت أنّ حسابات Live Green استُخدمت كأداة لتغطية سحوبات كبيرة بالدولار والليرة، وإعادة ضخّ الأموال عبر مسارات متعددة.
● في كانون الثاني 2021 حُوّلت مبالغ ضخمة (أكثر من 6 مليارات ليرة) عبر حسابات انتقالية لتغطية عجز ثم إعادة تدويرها بالدولار.
● تكررت عمليات تحويل بين حسابات انتقالية بالدولار والليرة لإخفاء طبيعة الأموال، إذ أُعيدت مبالغ كبيرة تحت مسميات مثل «إلغاء عمليات تحويل» و«زيادة الرساميل».
● في شباط وآذار 2021، تحولت مبالغ بملايين الدولارات إلى Financial Trust Participation Holding المملوكة من طارق جوزيف خليفة، بعضها تحت غطاء «زيادة رأس المال».
● في آذار 2021، أُصدر شيك بمبلغ 100 ألف دولار لمصلحة كارول يارد بناءً على تعليمات من نايلة فريد زيدان.
● في نيسان وأيار2021 سُدّدت ديون بين شركات باستخدام تحويلات من Live Green عبر FTP، وصولاً إلى شيكات بقيمة 11 مليون دولار لحسابات تابعة لـسليم يوسف خليل.
هذه العمليات تعكس استخدام Live Green كغطاء لتمرير أموال إلى شركة Financial Trust Participation وإلى أفراد محددين، مع تدوير مستمر بين الليرة والدولار لإخفاء الأثر.
- شركة First Fin Services LTD
هذه الشركة مسجلة باسم فيليب فوزي مخيبر، لكن المستفيد الفعلي رالف إدوار صيّاد. معظم عملياتها لم تظهر في البيانات المرسلة إلى هيئة التحقيق الخاصة، بل زُوّرت الكشوف لإخفاء طبيعة التحويلات.
● في كانون الثاني 2020 سُويت فاتورة بقيمة 2.5 مليون دولار، لكن أُبلغت الهيئة فقط بمبلغ 357 ألف دولار.
● في آذار 2020 أُجريت تحويلات بـ3.2 ملايين دولار، صُنفت بشكل زائف كـ«سحوبات نقدية» بينما كانت في الواقع تسديداً لحسابات أخرى.
● بين آذار وحزيران 2020، مُرّر نحو 2 مليون دولار لحسابات Iberian Renewable Energy المملوكة اسمياً لـمخيبر لكنها فعلياً لصيّاد.
● لاحقاً، جرت عمليات صرف متكررة عبر تحويل ملايين الدولارات إلى الليرة بمعدل 3,900 ثم إعادتها إلى الدولار بمعدل 1,520، ما أنتج أرباحاً خفية بنحو 11.5 مليون دولار.
الغرض من هذه العمليات كان تكوين سيولة لإصدار شيكات لشركات وأفراد آخرين من دون كشفها في البيانات الرسمية.
- شركة First Finance Services LTD
هي أيضاً واجهة أخرى مرتبطة بـرالف إدوار صيّاد مثل الشركة السابقة، وقد زُوّرت بياناتها قبل تقديمها إلى هيئة التحقيق الخاصة لإخفاء العمليات، على النحو الآتي:
● في كانون الثاني 2020 فواتير بقيمة 557 ألف دولار تم التلاعب بها عُرض منها 427 ألف فقط على الهيئة.
● في الشهر نفسه، فاتورة أخرى بـ2.6 مليون دولار أخفيت من التقارير.
● في شباط 2020، حُوّل 2 مليون دولار إلى Iberian Renewable Energy، ومنها إلى حسابات رمزي رشيد حيدر وشقيقه عفيف حيدر.
الهدف كان استخدام الشركة كقناة جانبية لتمرير أموال من صيّاد إلى شبكة من المستفيدين.
* غداً: التحويلات المشبوهة إلى أرمينيا ومنهجية إخفاء الأثر المالي
إساءة استخدام التعميم 151
أظهر التحقيق وجود مخالفات مرتبطة باستغلال التعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان. فخلال مراجعة المراسلات الإلكترونية، تبيّن أنّ نديم فريد زيدان، المسؤول عن عمليات الصرف الأجنبي، تلقّى رسالة من نايلة فريد زيدان تتضمّن لائحة بأرقام حسابات طُلب استخدامها كمبررات لحجم العمليات المنفّذة، لتجاوز السقوف الموضوعة من قبل المصرف المركزي. غير أنّ المراجعة اللاحقة لم تكشف أي مبالغ مطابقة لهذه العمليات في التواريخ المذكورة، ما يعني أنّ الحسابات استُخدمت بشكل وهمي لتضليل الجهات الرقابية.
تشير هذه الممارسات إلى أنّ الإدارة عمدت إلى استخدام حسابات العملاء من دون علمهم كغطاء لتسجيل حجم عمليات أعلى من المسموح به، وبالتالي تحقيق أرباح غير مشروعة. وبذلك، تمّ تجاوز البروتوكولات والإجراءات التنظيمية المعمول بها، بما يشكّل إساءة واضحة للتعميم 151.
المراجعة الشاملة لعينة من الحسابات أكّدت وجود تلاعب وتضليل متعمّد في التقارير المقدّمة، بهدف تضخيم النتائج المالية وتحقيق مكاسب غير قانونية على حساب المودعين والأنظمة الرقابية.
من حسابات الزبائن إلى حساب خليفة
بحسب التدقيق المنفذ في «الاعتماد المصرفي»، فإن المستندات التي عاينها فريق التدقيق تشير إلى استخدام حسابات عدّة، أبرزها يعود لـ: إبراهيم أحمد عيساوي، علي حمد، وسليم يوسف خليل، من أجل تغذية حساب طارق جوزيف خليفة بمبالغ مالية كبيرة خُصّصت لاحقاً لزيادة رأس المال في بنك الاعتماد. العمليات توزّعت بين شهري آذار وكانون الأول 2020، وشملت تحويلات مباشرة وشيكات مصرفية.
أ- عمليات 5 آذار 2020
● حُول 6 ملايين دولار من حساب أمير علي حمد أو أيمن علي حمد (أبناء علي حمد) إلى حساب أحمد نمر الوزان (المستفيد الفعلي منه هو علي حمد).
● بعد ذلك خُصم المبلغ لإصدار شيك لمصلحة علي حمد أُودع لاحقاً في حساب طارق جوزيف خليفة.
ب- عمليات 4 و13 آذار 2020 من حساب إبراهيم أحمد عيساوي
- تحويل 18 مليون دولار من حساب إبراهيم أحمد عيساوي بعد تجميع الأموال من حساباته خارج بنك الاعتماد.
- تحويل 6 ملايين دولار بعد صرف شيك بقيمة 8.2 ملايين دولار صادِر من حساب فيليب فوزي مخيبر إلى حساب عيساوي.
وبذلك وصل مجموع الأموال المودعة في حساب طارق جوزيف خليفة نحو 30 مليون دولار. وفي 30 نيسان 2020، جرى توزيع هذا المبلغ على مساهمين مختلفين مثل شركة Financial Profile (المملوكة من شمة حسن سكّر، فادي بربر، واسكندر حسن سكّر)، ماريا خليفة، طارق خليفة، شركة Mernosa (المملوكة من محمد جوهر)، شركة Holfiban (المملوكة من طارق خليفة وبول حرب)، وشركة Financial Trust Participation (المملوكة من طارق خليفة، بول حرب، فريد زريق).
وبتاريخ 2 كانون الأول 2020، أُعيدت الأموال نفسها تقريباً إلى حساب طارق جوزيف خليفة، وأُصدرت شيكات جديدة لتوزيعها:
1. 11.2 مليون دولار لمصلحة طارق خليفة في مصرف LSB بتاريخ 10 كانون الأول 2020.
2. 5.6 ملايين دولار لمصلحة طارق خليفة في AMBank بتاريخ 4 كانون الأول 2020.
3. 8.3 ملايين دولار لمصلحة شمّة سكّر في BLF Bank بتاريخ 4 كانون الأول 2020.