فؤاد بزي (صحيفة الأخبار)
كشف إعلان رابطة موظفي الإدارة العامة عن إضراب تحذيري يوم الخميس المقبل عن الانقسام الكبير في أوساط العاملين في القطاع العام. إذ تحوّل يوم الإضراب، من يوم غضب على السياسات الحكومية التي فرّطت بالموظفين وحقوقهم، إلى يوم انقسام بين دائرة تعمل، وأخرى مضربة.
هكذا يستعدّ جزء من القطاع العام للإضراب والتوقف عن العمل يوم الخميس المقبل، فيما يستمر جزء آخر في العمل ويصدر بيانات يؤكّد فيها عدم مشاركته في التحرّك. فبعدما أعلنت رابطة موظفي القطاع العام، الإضراب في الدوائر الرسمية والمؤسسات العامة والمدارس والثانويات، قالت روابط التعليم إنه لا علم لديها بهذا التحرّك وإنها لن تشارك فيه. وأعلنت قطاعات من الموظفين، مثل موظفي وزارة المال، عدم مشاركتهم في الإضراب أيضاً، فيما رأى جزء كبير من الموظفين أنّ الرابطة لا تمثلهم لأنّ ولايتها انتهت منذ 6 سنوات ولم تدعُ إلى انتخابات جديدة.
رغم الانقسام في صفوف الموظفين، إلا أنّ خبر تهريب رفع نسبة المحسومات التقاعدية من راتب الموظف من 6% إلى 8% في قانون يتعلّق بأوضاع المدارس الخاصة، ومضاعفة البند المخصص لرواتب السلطات العامة (النواب والوزراء والرؤساء) 7 مرّات في موازنة عام 2026، وبقاء بند رواتب الموظفين على حاله في مشروع الموازنة بالمقارنة مع موازنة عام 2025، فضلاً عن الأخبار المسرّبة من مشروع مجلس الخدمة المدنية المخصّص لزيادة قيمة الرواتب وما يحتويه من مواد قانونية تمسّ التقديمات للمتقاعدين وتخفّض قيمة المعاش التقاعدي إلى نسبة 70% من راتب الموظف في الخدمة، كلّها عوامل استفزّت الموظفين من دون أن تدفعهم نحو تحرّك جامع واحد يؤثّر في السلطة السياسية ويدفعها إلى التفاوض الجدّي.
خبر إعلان الإضراب بذاته ليس مفاجئاً، إنّما المفاجئ يكمن في استمرار الموظفين بالعمل رغم الانخفاض الهائل في القدرة الشرائية لأجورهم والتي تعاملت معه السلطة وفقاً لمبدأ «الترقيع» لزيادة التقديمات مثل مضاعفة أساس الراتب، ودفع بدلات مالية إضافية شهرياً مشروطة وكلها لا تدخل في صلب الراتب.
بالنسبة إلى الرئيس السابق لرابطة موظفي القطاع العام محمود حيدر فإن «هذه التحركات التي تظهر من وقت لآخر ليست ذات فعالية ولا تضغط على الحكومة»، مذكراً بأنّه «قيل للموظفين قبل 25 سنة بأن يحضّروا أنفسهم للتعاقد الوظيفي وخصخصة الإدارات وتخفيض تقديمات المتقاعدين». ولم تتمكن تحرّكات الموظفين وقتها من إلغاء هذا التوجه بالكامل، بل جمّدته، إذ يشير حيدر إلى أنّ رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة قال لهم «برافو، جمّدتّم القوانين، لكنّها ستمشي ولو بعد 20 سنة».
«هذه إملاءات صندوق النقد والبنك الدولي»، يؤكّد حيدر، ويحذّر من أنّ الخصخصة هي الطريق لوضع اليد على الدولة بالكامل. وطريقة تعاطي الحكومة مع الرواتب والمعاشات واعتماد مبدأ البدلات الإضافية التي لا تدخل في صلب الراتب أنزلت من قيمة الراتب التقاعدي لأقل من نسبة 50% من راتب الموظف في الخدمة، والتي طلبها البنك الدولي.
أما بالنسبة إلى الموظفين الملتزمين بالإضراب يوم الخميس، فمضت مدة السماح الممنوحة للحكومة، إذ «وصلنا إلى مرحلة اللامبالاة من السلطة، ونحن مدفوعون إلى الإضراب والسلبية»، يقول عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحّال. «لم تعد سياسة القطعة نافعة، نريد حقوقنا كاملة، والمفاوضات لا نريدها لتضييع الوقت وأخذ الصور، إذ لم نلمس شيئاً من الاجتماعات مع رئيس الجمهورية أو مع رئيس الحكومة».
في مقابل تحرّك رابطة موظفي القطاع العام المستجد، لا يرى تجمع موظفي القطاع العام، وهو جهة ثانية نشأت إلى جانب الرابطة لتمثيل الموظفين، أيّ أهميّة للإضراب. ويؤكّد ممثل وزارة المالية في التجمع حسن وهبي عدم مشاركة موظفي وزارة المالية في الإضراب، ويسأل «هل التراجع عن رفع نسبة المحسومات التقاعدية يُعيد للراتب قيمته، أو يعطي الموظف حقوقه». ويصف وهبي التحرّك بـ«التخبيض وتضييع الوقت والحقوق، فالموظفون ولعدم ثقتهم بالقدرة التمثيلية للرابطة لا يشاركون في التحرّكات التي تدعو إليها.