اوراق مختارة

الاعتداءات تفضح النوايا "الإسرائيلية".. والكرة في الملعب الأميركي!!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
عندما إقترح قائد الجيش العماد رودولف هيكل على مجلس الوزراء تجميد خطة حصرية السلاح إلى حين الانتهاء من الانسحاب "الإسرائيلي"  ووقف الاعتداءات المتواصلة، لم يكن ذلك تعبيرا عن موقف سياسي أو محاولة للتهرب من استكمال تنفيذ الخطة، بل كان موقفا وطنيا سياديا بامتياز ينطلق من رفض الجيش العمل في النقاط الجنوبية المحتلة بفعل العراقيل التي يضعها العدوّ الصيهوني ولتجنب أي تطبيع مقنع ممكن أن يحصل في حال دخل الجيش إلى تلك النقاط في ظل الاحتلال خصوصًا أن العقيدة الوطنية للمؤسسة العسكرية تقضي بمواجهته وإطلاق النار عليه.

بالأمس، وخلال جلسة مجلس الوزراء عرض العماد هيكل تقريره الثالث عن تنفيذ خطة حصرية السلاح والانتشار في جنوب الليطاني، وأعاد الحديث عن العراقيل التي تضعها "إسرائيل" في وجه استكمال الخطة التي جرى تنفيذ أكثر من 85 بالمئة منها، وذلك تجنبا للاحتكاك بجيش العدو، لذلك لا بدّ من انسحاب "إسرائيل" ووقف اعتداءاتها لضمان الانتشار الكامل للجيش اللبناني.

كلام قائد الجيش سبقه موقف لرئيس الحكومة نواف سلام في مقابلة تلفزيونية أمس مع قناة الجزيرة، حيث أكد أنه “في حال لم تنسحب "إسرائيل" من النقاط الخمس قد يتعذر على الجيش استكمال تنفيذ خطة حصرية السلاح”، كذلك، فقد سبق لعدد من الوزراء أن تحدثوا بنفس الروحية، ما يجعل الكرة في ملعب الولايات المتحدة الأميركية التي لم يعد بمقدورها تحميل لبنان مسؤولية أي تقصير في هذا الإطار، وبات لزاما عليها أن تجبر "إسرائيل" على الانسحاب ووقف الاعتداءات، لتتمكّن الدولة اللبنانية من استكمال تنفيذ بنود خطاب القسم والبيان الوزراي.

واللافت، أنه بالرغم من استمرار لبنان في القيام بالخطوات الإيجابية وكان آخرها تلبية الطلب الأميركي بتطعيم لجنة الميكانيزم بمدني وقد تمثل ذلك بتعيين السفير سيمون كرم رئيسا للجنة بقرار من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبتوافق مع الرئيسين نبيه بري ونواف سلام، ما تزال "إسرائيل" تمارس غطرستها ووحشيتها ضاربة الإيجابيات اللبنانية بعرض الحائط، وقد جاءت الغارات التي شنها الطيران الحربي الصهيوني على منازل مدنية في قرى محرونا والمجادل وجباع وبرعشيت في الجنوب، لتشكّل ردا على الخطوة اللبنانية وعلى نتائج اجتماع لجنة الميكانيزم أمس، ما يؤكد أن "إسرائيل" لا تريد التفاوض، وأنها مصرة على دفع لبنان نحو مفاوضات مباشرة تحت الاعتداءات تُلغي اتفاق وقف إطلاق النار وتُنهي لجنة الميكانيزم وتُفضي إلى اتفاق جديد يقدم فيه لبنان التنازلات إلى حدود الاستسلام من خلال تشريع الاحتلال وإقامة المنطقة العازلة.

لا شك في أن قرار رئيس الجمهورية بتعيين السفير كرم رئيسا للجنة الميكانيزم من شأنه أن يُبعد شبح الحرب المفتوحة عن لبنان أو أن يساهم في تأجيلها، لكنّه لن يُزيل الاحتلال ولن يُوقف الاعتداءات، حيث يبدو واضحًا أن "إسرائيل" تسعى إلى دفع لبنان نحو تنازل تدريجي يحقق لها أهدافها، وهذا ما تنبه له الرئيس جوزاف عون في جلسة مجلس الوزراء التي استهلها بالتأكيد أن ما حصل هو تطعيم للجنة الميكانيزم وليس تمهيدًا لمفاوضات سياسية، وبالتالي لا سلام ولا تطبيع ولن نتخلى عن الثوابت الوطنية، مشدّدًا على ضرورة الانسحاب "الإسرائيلي"  ووقف الاعتداءات.

لا شك في أن كلام الرئيس عون معطوفا على الاعتداءات من شأنه أن يفضح النوايا "الإسرائيلية" التي اختبرها بتعيين السفير سيمون كرم، ليتأكد للقاصي والداني أن العدوّ الصهيوني يريد التوسع والعزل وحرية الاعتداء على الأراضي اللبنانية، ما يجعل أفق الحلول مسدودة، إلا إذا قررت أميركا إيجاد ثغرة فيها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد