اوراق مختارة

"فلسطين في كل مكان".. نصوص واجهت الإبادة

post-img

"فلسطين في كل مكان لأنها فاعلٌ سياسي في مشروع تحرّر جذري وشامل"، قد تكون هذه الجملة المقتضبة للأكاديمي والكاتب الفلسطيني ناصر أبو رحمة ملخصًا لروح كتاب "فلسطين في كل مكان" (منشورات سيلفر، لندن، 2025)، بإشراف الكاتبة والقيمة الفنية سكاي أرونداتي توماس.

يضم الكتاب مختارات متنوّعة من المقالات النقدية، والقصائد، والرسائل من السجون، وسجلات الاحتجاجات، والأعمال البصرية. أما المساهمون، فهم مزيج من كتاب وفنانين فلسطينيين وعرب ودوليين، من بينهم: علاء عبد الفتاح، وناصر أبو رحمة، وسحر خليفة، وحورية بوطالب، ولجين، وميرا مطر، ومحمد الزقزوق وغيرهم. تبدو كل مساهمة في هذا العمل كنبضة فردية في قلب جماعي واحد، حيث تتقاطع التجارب لتعيد تعريف معنى الحرية في زمن الحصار والرقابة والاحتلال.

يأتي صدور الكتاب بعد عامين من حرب إبادة طاولت غزة، وفي لحظة ثقافية عالمية يختبر فيها الفنانون والمثقفون حدود التعبير والرقابة. في الكتاب لا تُروى فلسطين بوصفها جرحًا أو مأساة فحسب، إنما بوصفها عدسة عالمية لفهم النضال الإنساني من أجل العدالة، كما تقول المحررة سكاي أرونداتي توماس، فالكتاب "يقدّم فلسطين فكرةً تتجاوز الجغرافيا، وتتسلل إلى الذاكرة واللغة والفن، لتكشف عن جوهر التحرر المشترك بين الشعوب".

من بين الأعمال اللافتة مساهمة بعنوان "أغنية التلال"، التي توثّق عبر عدسة المصوّر أحمد زغموري وكلمات الشاعر حسين أحمد مشهد القرى الفلسطينية القديمة والمدرجات الزراعية المهدّدة بالمحو، في عمل بصري تأملي يعيد للأرض صوتها المقموع. وفي رسالة مؤثرة، تكتب لجين، فتاة في الخامسة عشرة من غزة، من داخل ملجأ عن شغفها بالبرمجة والتطريز، قائلة: "طرّزت تفاصيل ذاكرتي على كل شيء... كانت غرزي الأولى رسالة تقول إننا ما زلنا هنا، نحلم ونقاوم".

بينما يتناول محمد الزقزوق موضوع الجوع، نقرأ مع أنيس غنيمة طرائق الهروب من القذائف، ومع آدم روحانا نطل على ذكريات الدم، في حين نطل مع أمل النخالة على تأملات حول معنى الوطن. هذا المزج بين التجربة الشخصية والذاكرة الجمعية يمنح الكتاب طاقة استثنائية: فهو يوثق الحرب لكنه يقاومها أيضًا عبر الحكي، والفن، والإصرار على البقاء.

يترافق الإصدار الورقي للكتاب مع منصة رقمية تفاعلية تستضيف أعمالًا بصرية وصوتية ووسائط متعددة، منها العمل التحريكي "قصة تطريز" الذي نفذته لجين بالتعاون مع الفنان الفرنسي أفيان دي سوزا، في امتداد لفكرة أن الفن يمكن أن يخلق مساحة للرعاية والمقاومة في آن.

إلى جانب القيمة الجمالية والتوثيقية والفنية، يحمل المشروع أيضًا بعدًا إنسانيًا مباشرًا، إذ تذهب عوائد بيع الكتاب بالكامل إلى دعم منظمتين تعملان في فلسطين، هما الإغاثة الطبية للفلسطينيين، والمجموعة العربية لحماية الطبيعة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد